حاجتنا إلى شمولية النمل لا فردانية الغابة
لقد استعان ذو القرنين بقومه لمواجهة يأجوج ومأجوج المفسدين في الأرض " قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا "، واستعان سيدنا موسى - عليه السلام - بأخيه هارون لمواجهة فرعون المفسد في الأرض، حيث قال تعالى:" واجعل لي وزيرًا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري"، واستعانت مصر بالدول العربية لمواجهة الكِيان الصهيوني في حرب 73 المجيدة، حيث ساندتنا معظم الدول العربية ماديًا ومعنويًا لمواجهة العدو الغاشم؛ لذا نجد التعاون والتكاتف والاتحاد خير عملًا لمواجهة أي تحدٍ، حيث قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
ففي ظل الظروف التي تمر بها مصر نحتاج إلى تكاتف جميع أبنائها وتضافر جهود أولادها؛ لبناء مستقبل أكثر إشراقًا ولتحقيق الرقي والتقدم لبلدنا، ولا ننسى قول أمير الشعراء " أحمد شوقي " مادحًا التعاون
إن التعاون قوة علوية تبني الرجال وتبدع الأشياء.
فنعم صفة التعاون والتكاتف حين تتسم بها دولة ما، فإن تكاتف أبناء الوطن الواحد واتحدوا، قاصدين النهوض بالوطن، متفانين في العمل، مستغلين إمكاناتهم المادية والمعنوية، ناسين الخلافات الداخلية والخارجية؛ تحقق - لاشك - التقدم والرقي.
نحتاج إلى شمولية النمل لا فردانية الغابة، فالتعاون والنظام نتعلمه من النمل، أما العمل الفردي والعيش في برج عاجٍ بعيدًا عن
لا وقت للخلافات بيننا، فلا نسمح لأنفسنا أن نكون طرائف قدد وجماعات متفرقة، ولا ننسج بيوتنا داخل الوطن كبيت العنكبوت " وَإنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ"* بل ننسج الوطن بالتكاتف والتعاون والاتحاد؛ حتى لا نبني من هنا وغيرنا يهدم هناك، كما قال القائل الحصيف والأريب:
متى يبلغ البنيان يومًا تمامه إذ كنت تبنيه وغيرك يهدم.