الأنوناكي و الرماديين في عصرالمنجمين
على الرغم من أننا نعيش في القرن الواحد و العشرين و لدينا ما يكفي من علوم في مختلف المجالات و نقول أننا أصحاب حضارة و أصحاب عقول إلا أن الواقع يثبت أن حضارتنا الإنسانية الحالية في حالة من الجاهلية و التخلف تفوق ما كان عليه الناس في عصور ما قبل الحضارات . و الدليل على ذلك ما نشاهده من برامج تعطي أوقاتها و تفرد مساحات لمجموعة من المشعوذين و المجانين مسلوبي العقل و التفكير .
فنجد مثلا أحدهم يظهر في أحد البرامج الشهيرة ليتحدث عن حواره مع كائن فضائي و نجده يجلس في بداية كل عام في جميع القنوات الفضائية ليتحدث بكل جراءة عن المستقبل و ما سيحدث في العام الجديد ، و كذلك نجد إحداهن تتجادل مع رجال الأزهر لكي تثبت أن التنجيم و ضرب الودع و قراءة الطالع من العلم الشريف الذي يجب أن نحترمه و نبجله . ثم نجد أحد رجال الإعلام الكبار يقوم باستضافة شخصية من هذه الشخصيات العجيبة لمدة عشر حلقات لكي تتحدث عن الأنوناكي و كائنات الرماديين و الأرض المجوفة وجهاز يتحكم في العقول و مشروع أفاتير .
و المشكلة أن لهذه الشخصيات جماهير تتابعهم و تتواصل معهم و تندمج و تصدق في كل ما يقولوه من أوهام و أحلام ، بل و على حسب كلامهم هناك بعض من مشاهير المجتمع يتواصلون معهم ويأخذون بكلامهم و مشورتهم . بل قد وصل الحال أن يتوقع أحدهم موت فلان و فلان على شاشات التلفاز و يتناقل المجتمع هذه الأخبار و ينتظر تحقيقها دون مراعاة لمشاعر الشخص الذي يستمع للنبوءات المخيفة التي تقال عن حياته ، فما هي يا ترى نفسية هذا الشخص المسكين الذي توقع وفاته هذا العراف أو ذاك ؟
إن هذه الشخصيات العجيبة يجب ألا يسمح لها بالظهور على الشاشات
إن دور المدرسة في هذا الذي يحدث و يدور على شاشات الفضائيات هو دور كبير لكي تحافظ على عقول الصغار من هذا الخرف ، علي رجال التربية من معلمين و مشرفين و مدراء أن يسعوا بكل قوتهم كي يبصروا الأولاد بحقيقة هذه البرامج التي تريد الشهرة و المال عن طريق طرح الموضوعات العجيبة لكي تجذب أكبر عدد من المشاهدين . أعتقد أن الدور التوعوي للمدرسة سيكون أكثر فاعلية لو تم تدريس مادة عن الإعلام في المدارس بحيث يمكن للطالب التعرف على طبيعة البرامج و كيفية اختيارها و مدى مصداقيتها . لذلك أقترح على السيد وزير التربية و التعليم ضرورة تدريس وحدة دراسية في مادة الدراسات الاجتماعية بعنوان الإعلام . و بهذا نستطيع أن نحصن أبناءنا من هذا الهرج و المرج الإعلامي . عاشت مصر . عاشت أمتنا العربية .