رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عودة طابا انتصار فريد في تاريخ مصر المجيد

في مثل هذا اليوم منذ 26 عاما استعادت مصر منطقة طابا بعد معركة دبلوماسية عنيفة لا تقل شراسة عن المعركة الحربية في أكتوبر 1973، حيث انتصرت إرادة الفكر المصري علي الفكر الإسرائيلي وتم تحطيم الأسطورة «الزائفة» العقلية الإسرائيلية..كما حطمت أكتوبر الأسطورة العسكرية لإسرائيل، وأصبح حكم المحكمة الدولية بأن طابا مصرية وساما علي صدر المصريين.

وشاءت الأقدار حينها وشرفتني أن أكون جنديا مجندا في الجيش المصري بل تم اختياري ضمن العناصر المنتقاة من الجنود والضباط الذين تم ذهابهم الي طابا يوم الخميس 16 مارس 1989 لتأمين مراسم الاحتفال بعودة طابا أي قبل رفع العلم المصري عليها بثلاثة أيام، حيث كانت بياناتي الرياضية والعسكرية تشير الي أنني كنت أقطع مسافة 30 كيلو مترا يوميا جريا في 4 ساعات ومسافة الـ20 كيلو مترا في ساعتين وسباق الضاحية الـ3 كيلو مترات في 10 دقائق والـ100 متر حرة في 11 ثانية وتقديري في الرماية بالبندقية الآلية نهاري وليلي امتياز «إيه كانت أيام».
ومازالت ذكرياتي عن هذه الأيام لم ولن تمحي من ذاكرتي لأنها كانت أياما رائعة مملوءة بالحماس والوطنية والفداء، وأتذكر شجر الدوم العتيق والتبة الجراتينية، وشاطئ خليج العقبة والفندق الذي حاولت إسرائيل استخدامه كمسمار جحا لتكدير الصفو العام المصري، ولا أنسي منظر الإسرائيليين، وكيف كانوا يبكون وأقسم بالله أن بعضهم كان يتمرمغ في التراب ويهيله علي رأسه، بل وحاول بعضهم أن يمسك بالأرض بيديه ولكنها استعصت عليهم لأنهم بدون جذور فيها إنما هم مجرد مغتصبين وبعضهم يحملونهم كالذبائح من أيديهم وأرجلهم ويقذفون بهم في السيارات التي تنطلق

مسرعة بهذه النفايات بعيدا عن أرضنا الطاهرة.
وفي تلك اللحظات شعرت بزهو وفخر شديدين بمصريتي وكأن قدميّ تضربان في أعماق أرض مصر وأن رأسي طال السماء، وبياناتي العسكرية الرياضية زادت وضربت في عشرة.. وأصبحت ماردا من مردة قواتنا المسلحة وأن الحجب كشفت لي ونظري يخترق تاريخ بلادي ويتطلع علي أمجادها وبطولاتها وأري أجدادي القادة والجنود العظماء، ها هو أحمس يقهر الهكسوس ويطردهم عبر سيناء ورأيت إبراهيم الرفاعي، البطل المغوار وكيف كان يزلزل الأرض تحت أقدام الأعداء، ويحصد أرواحهم حصدا وكأنه مبعوث الموت من السماء، وكمان «عبدالعاطي» صائد الدبابات شاور لي مبتسما فقلت له سلامات، والفريق عبدالمنعم رياض البطل الذي يقف أول طابور الشهداء وآلاف غيرهم من الجنود المصريين، مسلم ومسيحي، قاهري ونوبي، فلاح وسيناوي، ساحلي وصعيدي، يعزفون ملحمة الشرف والعزة والكرامة.
ولهذا تمسكنا بـ«طابا» التي لا تزيد علي واحد كيلو متر لنثبت للعالم أننا لا نفرط في شبر واحد أو حتي حفنة من تراب أراضينا فجاءت عودة طابا حدثا تاريخيا يمثل انتصارا فريدا في تاريخ مصر المجيد.