رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعذيب المحامى حتى الموت!

 

نقابة المحامين ثائرة لمقتل المحامي «كريم حمدي» بالتعذيب في قسم شرطة المطرية، ودعا النقيب سامح عاشور إلي اجتماع طارئ لمجلس النقابة العامة التي رفعت الشارات السوداء علي مبناها وقررت إذاعة القرآن الكريم في غرفة المحامين واستمرار الحداد لسبعة أيام في جميع فروع النقابة.

والمحامي «كريم» رحمه الله لم يكن أول المحامين ولا آخرهم الذين تعرضوا للتعذيب حتي الموت، فقد سبقه المحامي الشهير عبدالحارث مدني الذي اعتقلته مباحث أمن الدولة مساء الثلاثاء 16 أبريل 1994 وعرضته للتعذيب البشع حتي الموت وشهد أحد المعتقلين معه في الزنزانة بأن مباحث أمن الدولة استدعته للتحقيق ولم يعد للزنزانة بعد ذلك إلي أن أذاع راديو لندن خبر وفاته.
وثارت نقابة المحامين كما هي ثائرة اليوم وذهب نقيب محامي القاهرة لمقابلة النائب العام طالباً إعادة الكشف الطبي علي الجثة لإثبات واقعة التعذيب ولكن النائب العام رفض وأجبرت المباحث أهل الضحية لسرعة دفنه في بلدته قنا.. وراح المسكين كما راح عشرات ومئات غيره مثل طالب الطب مصطفي عثمان القناوي في عهد زكي بدر حيث كان التعذيب شائعاً في أقسام الشرطة والسجون والمعتقلات، ولم يتحمل المسكين بشاعة التعذيب ومات ولم تظهر له جثة، وجاء أخوه إلي الإسكندرية يشكو حال أمه وأبيه الذي فقد بصره بكاء علي زينة العيلة حتي مات كمداً ولحقت به أمه حزناً علي ابنها، وقد رفضت التعويض الذي حكمت به المحكمة بمائة وخمسين ألف جنيه بعدها ثبتت مسئولية وزارة الداخلية التي كانت تحتجزه في ليمان طرة وعجزت عن إثبات مصيره ولا حتي مكان جثته بعدها شهد شهود الزنزانة أن مباحث أمن الدولة أخذته وعذبته حتي الموت.
والطالب أمجد إسماعيل الشناوي بالمدرسة الثانوية بالإسكندرية اعتقلته مباحث أمن الدولة بالإسكندرية لأنه كان يرفع الأذان في المدرسة واستجوبوه مع التعليق والضرب المبرح ثم أفرجوا عنه وأعادوه لمنزله لعدة أيام ثم اعتقلوه مرة أخري ولم تظهر له جثة، وكان الدكتور اللواء الحسيني مساعد وزير الداخلية يشاركنا في مؤتمر دولي عن حقوق الإنسان بمدينة سيراكوزا الإيطالية، وطلبنا منه أن يبحث عن مصير التلميذ، وبذل رحمه الله جهداً أكد مقتل الولد بالتعذيب وإخفاء جثته، ولم نترك تلك الجريمة البوليسية دون مساءلة، فدعونا منظمة الميدل إيست ووتش للإسكندرية وقابلت أم التلميذ الضحية في جلسة بكاء علي الولد وحسرة علي البلد.
وفي عام 1984 حكم القاضي العظيم عبدالغفار محمد ببراءة 190 متهماً في قضية تنظيم الجهاد لإسقاط اعترافاتهم المنتزعة منهم بالتعذيب.
والشاب باسل حمودة الذي ذهب إلي قسم البوليس ليسأل عن أبيه المعتقل.. فكان نصيب المسكين اعتقالاً وتعذيباً في قسم شرطة قصر النيل، ما تسبب في وفاته وذهبنا مع أبيه المسكين إلي المحكمة التي أدانت وزارة الداخلية بالتسبب في وفاة الولد وحكمت لأبيه بتعويض مائة وخمسين ألف جنيه، لم توقف دمعة من دموعه علي ابنه الوحيد رحمه الله.
ولم نكن نقف ساكتين علي ذلك التعذيب البوليسي، فشكونا للهيئات الدولية، ونشرنا عشرات المقالات في جريدة «الشعب» وجريدة «الوفد» وسجلناها للتاريخ في موسوعتنا بعنوان «أحوال

مصر في ربع قرن» الصادرة عن منشأة المعارف بالإسكندرية وفيها مقال منشور بجريدة «الوفد» يوم 12 أكتوبر 1989 بعنوان «التعذيب ليس جريمة فرد وإنما جريمة نظام»، واتهمنا نظام حكم الرئيس مبارك بأنه امتهن سياسة التعذيب وهو مسئول عنها شخصياً، فسخر منا الرئيس وقال في حديثه للإعلاميين يوم 31 مايو 1992: «لا تعذيب في مصر وجمعيات حقوق الإنسان كثرت وأصبحت موضة».
ورددنا علي الرئيس مبارك بمقال في جريدة «الشعب» يوم 30 يونية 1992 تحت عنوان «حديث الرئيس عن التعذيب يثير اليأس والأخذ بالثأر» وذكرنا له حالات مؤكدة بجرائم التعذيب بالأسماء وعددنا له أحكام المحاكم بإدانة التعذيب في أقسام الشرطة والمعتقلات وتقارير المنظمات الدولية بمئات حالات التعذيب في عهده، وقلنا له في نهاية المقال «لابد أن يكون رئيس الدولة هو أول المسئولين عن التعذيب بحكم منصبه ومسئوليته عن نظام الحكم»، وسبق أن اتهمناه صراحة بمسئوليته الجنائية والسياسية عن جرائم التعذيب في مقال منشور بجريدة «الشعب» يوم 22 أغسطس 1989، قلنا فيه صراحة «إن وزير الداخلية ليس المسئول الأول عن ممارسات التعذيب بل المسئول الأول عن ذلك هو الرئيس محمد حسني مبارك».
وسبحان الله الملك القدوس الحق العدل المبين، فقد اقتص لكل ضحايا التعذيب في الثلاثين سنة التي حكمنا فيها الرئيس مبارك الي أن أسقطته ثورة 25 يناير 2011، وألقته علي ظهره أمام محكمة الجنايات وكنا نرجوه في العديد من المقالات بأن يستن سنة الرئيس المصري الذي يخرج من قصر الرئاسة ماشيا علي قدميه بعدما مات «عبدالناصر» وشيعته الجماهير، وبعدما قتل الرئيس «السادات» في 6 أكتوبر 1981، وخلفه الرئيس مبارك ثلاثين سنة رافضاً أن ينهي رئاسته باختياره وهو في كامل صحة وعافية فأذاقه الله مرارة السقوط بثورة الشعب جزاء وفاقاً عما ارتكبته يداه.
ولكن هل تغيرت الأحوال بعد ثورتين وانتهي مسلسل التعذيب حتي القتل في أقسام الشرطة والسجون والمعتقلات؟ هذا سؤال نوجهه لرئيس البلاد هذه الأيام ورئيس وزرائه ووزير داخليته؟


أستاذ بكلية الحقوق - جامعة المنصورة
المحامي بالنقض