التليفزيون المصري بين الريادة و الإبادة !!
عشنا لسنوات طويلة في حالة فشخرة مستمرة بريادة الإعلام المصري و طنطنة دائمة بتليفزيونه الحصري و ترعرعنا علي ان (مافيش اجمل من كده ) حتى لو كانت المذيعة تسمين مزارع تجلس في دلال داخل استديو معتم أشبه بديكور الترب ..
أدمنا لعمر طويل نوادر مذيعات الربط و نفاق مذيعي العك و أصيبت عقولنا بتخلف مزمن من مئات البرامج الأقرب لحصص التربية القومية او التربية الخداعية في حب فخامة الرئيس .. فمنذ البث الأول للتليفزيون المصري في 21 يوليو 1960 و حتى 11 فبراير 2011 و هو يخدم ما أطلق عليه استراتيجيات الدولة سواء كانت تقدمية او تعسفية او (شوية حرامية ).. هو المداح الأول في حسن و جمال و شجاعة و إيمان الرئيس ولم يتغير سلوك هذا الجهاز العجيب علي اختلاف الرؤساء الذين حكمونا او القيادات التي حكموه فكان دائما يلعب دور (الهتيف) و المروج الأول لسلوك (خد علي دماغك و اشكر أسيادك ) بداية بالاتحاد الاشتراكي و مرورا بالانفتاح وانتهاء بالحزب (الواطي) .. لم تخل رحلته معنا من بعض النزوات الاعتراضية في السنوات الأخيرة الا اننا اكتشفنا انها نزوات مدروسة واعتراضات محبوكة لحساب أشخاص وبعيدة كل البعد عن سيده الفرعون العظيم و اولاده الفراعين الصغيرة وحارس المعبد زكريا عزمي والست ام عيلاء .. ظل لواحد وخمسين عاما يبث في عقولنا سحره الأسود الذي أعمى بصرنا و بصيرتنا جعلنا مثل المساخيط التي لا تعرف لنفسها طريقا الا بإشارة من الرئيس (أي رئيس ) حتى ان البعض كان يتساءل ماذا تفعل مصر بعد مبارك .. فالكثير منا تصور ان مصر مبارك كما كانوا يذيعون علينا كل يوم و يتغنون ( علشان الشعب يعيش مبسوط الريس حالف مش هيموت ) وصدق غناؤهم لأنه اتحبس ولم يمت والشعب فعلا مبسوط .. الا قلة مازالت تعاني من بقايا سحره الأسود الذي جعل الناس تقدس دراكولا بلا أي تأنيب للضمير .. المهم في كل ذلك ان الجهاز العتيق مضطرب الان وتائه متخبط و تغمره الوساوس فلقد تعود علي وجود رئيس ليخدمه فلما أطلق سراحه بقرار مفاجئ اخذ يبحث كاليتيم عن سيد له.. لقد خلق للمديح فلمن المدح اليوم .. الجهاز مرتبك بين المجلس العسكري ومجلس الوزراء والثوار والجماعات الإسلامية والسلفيين والعلمانيين فمن سيكون سيده .. ورغم انه مال واستمال لفخامة المجلس العسكري ولهيبة مجلس الوزراء وكثافة الجماعات الإسلامية.. الا أنهم جميعا لا يملكون الخبرة والقدرة علي الصرف عليه و إشباع قنواته الشرهة .. فالتليفزيون المصري يعمل الان علي حساب الشعب ( علي قفا الغلابة