رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التعصب وحرق البشر


 

كان إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً بالنار داخل قفص مغلق عملا منفراً وهمجيا وضد كل القيم الإنسانية. ويفتح هذا الحدث المنفر الباب لمتابعة رمزية ومختصرة جدا لثقافة حرق البشر في التاريخ الإنساني، فعندما قام نبي الله إبراهيم بتكسير الأصنام التي يعبدها المشركون، أمر الملك نمرود بحرقه حيا عقابا له، وعناداً واستكباراً، وألقي به في النار فأنقذه المولي كما ورد بالقرآن بقوله تعالي: «قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ( 69 الأنبياء)
وكان سكان نجران الوثنيون يقدسون نخلة طويلة، وعندما اعتنق بعضهم المسيحية  قام أحد الملوك بحرقهم لمنع انتشارها، وقد أشار القرآن لتك الحادثة البشعة في سورة البروج: قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) .

وفي العصر الحديث استخدمت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين علي اليابان 1945 ؛ كل قنبلة قوتها توازي نحو 20 كيلو طن من مادة تي إن تي تقريبا، ونتج عن كل قنبلة إشعاعات حرارية بلغت نحو 35% من إجمالي التأثيرات المدمرة، فتولدت في مركز السقوط حرارة هائلة بلغت 300 ألف درجة مئوية، وهو ما يدرج في عداد حرق البشر والأحياء، ويتباين مستوي التأثير بالحرق فيما بعد حسب بعد المسافة عن مركز السقوط، بخلاف تأثرات الإشعاع الذري.
وفي أثناء الحرب العالمية الثانية حتى 1945 اتهم هتلر بحرق اليهود أحياء في أفران الغاز، وتشير بعض المصادر إلى أن ضحايا الغرب في هذه الحرب الضروس بلغ 75 مليونا منهم 64 مليونا من المدنيين ماتوا بالحديد والنار.
وقد طور الغرب أسلحة تحرق البشر منها قنابل الفسفور الأبيض، استخدمتها الولايات المتحدة في حرب فيتنام وأحرقت الأطفال، وعند غزو العراق 2003 بالفالوجا، وألقتها إسرائيل على سكان لبنان في حربها مع حزب الله.
وقد بررت بعض المواقع الإلكترونية إعدام داعش الإرهابية للكساسبة حرقا بأن ذلك كان رداً علي قيام قوات التحالف باستهداف كتيبة الخنساء بغارة أدّت إلى

مقتل 30 امرأة حرقاً في 29 / 10/2014.
وفي جميع الأحوال يعد حرق البشر بالطرق البدائية أو الحديثة قمة الإرهاب والتوحش البشري، فالفكر المتطرف دائما ما يقود العالم إلي حافة الهوية، ولذا يجب التصدي لظاهرة الإرهاب ككل من أجل إنقاذ العالم.
والإسلام كدين يحرم الحرق أو التعذيب بالنار، فقد ورد بصحيح البخاري (1609) عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: بعثنا رَسُول اللَّهِ  في بعث فقال: (إن وجدتم فلاناً وفلانا) لرجلين من قريش سماهما (فأحرقوهما بالنار) ثم قال رَسُول اللَّهِ  حين أردنا الخروج (إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً وإن النار لا يعذب بها إلا اللَّه فإن وجدتموهما فاقتلوهما)، بل نهي الرسول عن تعذيب الحيوان بالنار، ففي (صحيح البخاري: 1610) عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنا مع رَسُول اللَّهِ  في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حُمَّرَةً معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فجاء النبي  فقال: (من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها) ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال: (من حرّق هذه ) قلنا نحن، قال: (إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار) ومن ثم فإن قيام المسلمين باستخدام النار في حرق البشر والأحياء محرم شرعاً والله تعالي أعلم.