رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مصر فوق الجميع.. يا هيكل

رغم أن هيكل قد جاوز التسعين فإن من حقه أن يمارس الحياة، لأن من حق المرء أن يحقق ذاته لآخر لحظة من عمره، لكن ليس على حساب الأغيار كالوطن أو شعور الآخرين أو الالتزام بالقيم.. وبالتالى من حقنا ـ بعد لقاء الكاتب الكبير مع لميس الحديدى ـ أن نتهمه بأنه يحاول وضع السم فى العسل حيث كان ممكناً أن ينقل لنا رأيه بدبلوماسية لا يعجز عنها

.. لكن الصورة التى خرج بها تعد تحريضاً من جانبه فى تلك الفترة الحرجة التى وجب الصبر فيها حتى تنقشع الغيوم، حتى لا تؤدى الى إحداث قلاقل شعبية.. وبما ينبغى على السلطة الحاكمة أن تؤاخذه وتتخذ منه موقفاً لأن مصر فوق الجميع.
وكان هيكل فى بداية مشواره الصحفى فى الأربعينيات يهرع الى مصيف رأس البر ليتمكن من مقابلة صبرى أبوعلم للاستفسار عن رأى أو موقف وتكرر ذلك أكثر من مرة متجشماً عناء السفر من القاهرة الى رأس البر ذهاباً وعودة خلاف أن ينتظر عدة ساعات لحين عودة صبرى باشا «حسب رواية المستشار يحيى صبرى أبوعلم لى»، وكان حرصه الدائم لمقابلة السياسى الوفدى الكبير يعنى أنه كان وفدياً أو متابعاً للسياسة الوفدية الحكيمة فى البلاد.. وكان ذلك هو هيكل الوفدى قبل عام 1952.
أما هيكل الناصرى فإنه يوافق عبدالناصر فى الميثاق الوطنى أو أن عبدالناصر هو الذى يوافقه عام 1962 بأن سعد زغلول قد امتطى الموجة الثورية فى البلاد، وبأن ثورة 1919 قد فشلت، مع أنه لولا سعد لما قامت ثورة 1919، ومع أنها أعظم ثورات التاريخ المصرى حتى الآن إنجازاً للمطالب الوطنية الكبرى.. وتلك ذلة كبرى لا تغتفر للكاتب الكبير لأنه تزييف للتاريخ.. بل فى صلب التاريخ، وإذا كانت مصر بالطبع فوق عبدالناصر وأى مصرى فإن هيكل هنا وضع عبدالناصر فوق مصر.. تماماً كالخطأ السابق قبل 1952

عندما كان يقال الله.. الملك. الوطن، والصحيح أن يقال: الله، الوطن، الملك. بما يؤكد عبارة الفرد فينا كمصريين، سواء قبل 1952 أو بعدهاـ كما ان الموقف الستينى لهيكل يختلف تماماً عن الموقف الأربعينى وهذا لا يجوز فى شخص الرجل الوطنى.
وبعد زوال العهد الناصرى يطلب السادات من هيكل أن يقرأ مقالاته قبل نشرها وهذا حقه كرئيس دولة خاصة انه كان ينتوى نهجاً جديداً غير عبدالناصر حتى ينتشل مصر من القاع التى كانت فيه أيامها.. وما  كان من حق هيكل أن يقول للسادات: إذا كان عبدالناصر لم يطلب منى هذا الطلب.. وهذا سبب مباشر ورد غير لائق من هيكل لرئيس الدولة، والذى من حقه هنا أن يغضب هو السادات لكن الذى حدث أن هيكل مع خطاءه هو الذى غضب وترك مصر كلها إلى كوريا.
ولا أستطيع ان أفهم كيف أن هيكل الذكى لا يستفيد أن يقر بأنه ليس بإمكان المرء أن يجمع بين عهدين مختلفين أو رأيين نقيضين، والأصوب ان يبتعد عن الصحافة السياسية الجماهيرية لأن عهد «بصراحة» قد انتهى، والأفضل أن يخلد للتأليف الفكرى والتحليل السياسى خاصة أنه القوى المتمكن فى هذا المجال.. وتلك حقيقة يشهد بها الجميع.. وسبحانه الأعلم بما لا تعلم.