رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أساتذة الجامعة ليسوا عمال تراحيل

مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس الوزراء بتحويل رئيس الجامعة سلطة عزل اعضاء هيئة التدريس.. مشروع باطل بالدستور والقانون والقضاء ويكرر مأساة السادات في 3 سبتمبر 1981.

فقد ضاق السادات بالمعارضة التي واجهته بأخطائه في المبادرة عام 1977 واتفاق كامب ديفيد 1938 والمعاهدة عام 1979.. ولو كان السادات حياً لرأى مانراه الآن من خطاياه في الاضعاف الشديد للسيادة المصرية على سيناء مما جعلها ساحة خالية للتنظيمات الارهابية التي نعاني منها الآن ونتكبد كل يوم استشهاد عدد من ضباط وجنود قواتنا المسلحة والشرطة المصرية وانكوت منها كل المدن والقرى بعودة ابنائها موتى في مسلسل من الجنازات الرسمية.
لقد قام السادات بمبادرة زيارة القدس عام 1977 ضد ارادة ومعارضة وزير خارجيته اسماعيل فهمي الذي اضطر لتقديم استقالته، ثم انفرد السادات بالتصرف مع جيمي كارتر ومناجم بيجين في اتفاق كامب ديفيد والمعاهدة المسماة بمعاهدة السلام دون أن يتشاور مع وزير خارجيته محمد ابراهيم كامل المرافق له والذي عارضه في كثير من بنود المعاهدة حتى اضطر لتقديم استقالته هو الآخر.
ثم عارضناه نحن في نادي اعضاء هيئة التدريس والصحف لحصرنا على مصر الدولة التي نراها الآن تعاني كل المعاناة من الارهاب المتجذر في سيناء مستغلاً خلو الساحة من قواتنا المسلحة بسبب تقسيم سيناء الى مناطق «أ» و«ب» و«جـ» كما أرادت اسرائيل بتقييد سيادتنا في التصرف في سيناء لكفالة أمننا عند جبهتنا الشمالية مع حدود فلسطين المحتلة.
وضاق السادات بأساتذة الجامعات - ونحن منهم - والصحفيين وأقطاب المعارضة فأصدر قراراته المشئومة في 3 سبتمبر 1981 بفصل 64 أستاذاً من الجامعة ونقل 63 صحفياً من صحفهم واعتقال كبار المعارضين السياسيين أمثال فؤاد سراج الدين والدكتور حلمي مراد ومحمد حسنين هيكل وغيرهم، وكان يفتخر بأنه اعتقل 1500 بني آدم في ليلة واحدة.
ثم.. كان ما كان في حادث المنصة في السادس من أكتوبر 1981 وخلت الساحة من السادات واحتلها الرئيس مبارك نائبه وكنا مازلنا في قضيتنا ضد رئيس الجمهورية أمام محكمة القضاء الاداري وظهر اتجاه القضاء بالمحاكم لصالحنا طبقاً لم ورد في مذكرة هيئة المفوضين ببطلان قرار السادات بالفصل أو النقل من الجامعة لمخالفة نصوص قانون تنظيم الجامعات الذي يضع اجراءات نقل الاساتذة خارج الجامعة أو عزلهم.
وما أشبه الليلة بالبارحة.. فالحكومة تريد إخلاء الجامعة من الاخوان الارهابيين المخربين عندما يمارسون ارهابهم داخل الجامعة.. ونحن مع الحكومة في الحفاظ على جامعاتنا من الارهاب الذي شاهدناه في العام الجامعي الماضي  ونؤيد الحكومة تماماً في التعامل بحزم مع تلك العناصر الارهابية بالقانون.
ولكن ليس بمشروع القانون الذي وافق عليه مجلس الوزراء ويتجافى تماما مع روح قانون تنظيم الجامعات الذي وضعه استاذ قانون عظيم في عام 1972 وهو استاذنا الكبير الدكتور شمس الوكيل وزير التعليم العالي في وزارة السادات.. قد راعى - رحمه الله - أن يؤكد على استقلال الجامعات من خلال استقلال عضو هيئة التدريس وحصانته القانونية التي لم تكن موجودة في القانون السابق رقم 184 لسنة 1958 وقد عانيت أنا شخصياً وغيري منه.. إذ كان يجعل عضو هيئة التدريس خاضعاً للسلطة عند

ترقيته من مدرس لاستاذ مساعد ثم استاذاً، فكان عليه أن يسترضي رؤساءه بدءاً من رئيس القسم ثم العميد ثم رئيس الجامعة من أجل رصد ميزانية محددة لترقيته وإلا فانه لن يرقى رغم اكتمال مدته وكفاءة ابحاثه.. ومن هنا لم يكن عضو هيئة التدريس يشعر باستقلاله وعدالة السلطة الجامعية.. وجاء وزير التعليم العالي الدكتور شمس الوكيل وصاغ قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972 بروح ديمقراطية اذ جعل السلطات تمارسها مجالس وليس أفراداً، ثم أعطى الاعتبار في الترقية للكفاءة العلمية.. فمتي أكمل عضو هيئة التدريس مدة خمس سنوات واكتملت لديه أبحاثه العلمية الجديرة بالترقية طبقاً لقرار لجان الترقية فإنه يستحق فوراً الترقية للدرجة التالية حتى ولو لم تكن توجد له درجة مالية في الميزانية، إذ يحصل على اللقب العلمي وتدرج له مقابلها المالي في أول ميزانية تالية.
وهكذا كان استقلال الجامعة يعني فيما يعنيه استقلال شخصية عضو هيئة التدريس لكي تكون في جامعاتنا كادرات علمية بارزة معتزة بشخصيتها وحريتها في ابداء الرأي في تخصصها وقضايانا القومية دون خوف من بطش السلطة كما حدث في 3 سبتمبر 1981.
فهل تريد الحكومة الحالية اعادة عجلة التاريخ للوراء رغم قيام الشعب بثورتين نادي فيها بالعيش والحزن والكرامة والانسانية؟
أتريدون أن تحولوا أساتذة الجامعات الى ما يشبه عمال التراحيل تستغنون عنهم في أي وقت بقرار عزل من رئيس الجامعة؟!
مشروعكم مخالف لدستور ثورة 30 يونية الصادر بالقسم الرئاسي في 2014 وارجعوا للديباجة والمواد 5 - 21 - 94- 96 - 97- 98 ومخالف لنص المادة 110 من قانون تنظيم الجامعات التي تقول بحسم: «ولا يجوز في جميع الاحوال عزل عضو هيئة التدريس الا بحكم من مجلس التأديب».
والعلاج.. طرح هذا المشروع جانباً مع تنفيذ قانون تنظيم الجامعات باحالة الاستاذ الارهابي الى المستشار القانوني للجامعة للتحقيق في الاتهام المنسوب اليه، ويمكن للمستشار أن يطلب من رئيس الجامعة ايقافه عن العمل واحالة لمجلس التأديب الذي يملك وحده اصدار الحكم بعزله.. ولتعلن الحكومة بعد ذلك انها احترمت سيادة القانون المنصوص عليها في الدستور.