رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سوهارتو والبرلمان وصراع الكبار!!

أصبحت الأيام القادمة حاسمة لإنجاز الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق التى توافق عليها المصريون بعد الموجة الثانية من الثورة فى 30 يونية، وأقصد هنا إجراء انتخابات مجلس النواب الذى سيكتمل بانتخابه عقد مؤسسات الدولة لأول مرة منذ ثورة 25 يناير، لكن تبقى تلك الانتخابات مرحلة فارقة فى تاريخ الوطن ليس فقط للصلاحيات الواسعة التى منحها الدستور الجديد للبرلمان، وإنما أيضا لدوره المهم فى تشكيل المشهد السياسى فى مصر لمدة 20 عاما على الأقل، فالمجلس سيحدد الوزن النسبى للاحزاب التى بلغ عددها 99 حزباً حتى الآن وقابلة للزيادة، ويحدد النفوذ السياسى للعائلات والعصبيات خاصة فى الصعيد والوجه البحرى وسيناء ومطروح، كما سيكشف نوعية وقدرات نواب العهد الجديد التى بدأت ملامحه تتضح مع وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكم منذ عدة أشهر.

الحقيقة أن التجربة الحزبية فى مصر تعانى مآزق عديدة أبرزها هذا الرقم الضخم من الأحزاب التى لا تثمن ولا تغنى من الجوع لدرجة تاهت بين الزحمة الأحزاب الجادة والقوية، فلم تساعدنا الثورة على التخلص من الأحزاب الكرتونية وأيضا تلك التى صنعت فى مقرات أمن الدولة لنفاجأ بسيل من الأحزاب الوهمية والتى أصبحت وسيلة للشو الإعلامى والابتزاز السياسى لدرجة أصبح معها تردد جمل من نوعية «عايز تبقى شخصية موجودة على الساحة افتح حزب بعد ما فشلت سبوبة الصحف والقنوات الملاكى فى سوق لا يرحم، والإنفاق على الأحزاب أرخص وأوفر»!!، ذلك الواقع المر ما يستوجب تحركاً قوياً من الدولة يشبه لحد بعيد ما شهدته إندونيسيا بعد حكم سوهارتو الذى استمر لمدة 32 عاماً وهى نفس المدة تقريبا التى حكم فيها مبارك والإخوان مصر (30 + 1) عام حيث زاد عدد الأحزاب بشكل مبالغ فيه مما اضطر جاكرتا أن تصدر قانون ينص على أن الحزب السياسى الذى لا يحصل على مقعد واحد أو أكثر يتم تجميده فتم القضاء نهائيا على سوق الأحزاب الوهمية وأصبحت المنافسة محصورة بين عدد محدد منها مكن المواطن من اختيار والمفاضلة بينها بسهولة ويسر وهو ما نحتاجه فى مصر للتخلص من سماسرة السياسة الذين حصلوا على توكيلات رسمية من الدولة دون وجه حق وبلا تأثير حقيقى مفيد للوطن أو المواطن.
فى المقابل يبقى محاولة البعض القفز على الحياة الحزبية وضربها فى مقتل من أجل أن يصعد هو على أشلائها ويدعى أنها بلا دور فهذا خطر يهدد التجربة الديمقراطية ويتجه بنا دون رجعة إلى ديكتاتورية مرفوضة ولم يناضل شعبنا من أجلها فالديمقراطية ترتكز على مبادئ ثلاثة تشمل.. «التعددية الحزبية، واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، والتداول السلمى للسلطة» فلا توجد ديمقراطية فى العالم بدون تعددية حزبية، ومن يروجون لفكرة الحزب الواحد يحاولون إعادة أنظمة سقطت وفشلت ورفضها الشعب، والأوجب على الجميع أن يتحدوا ليصبح لدينا 4 أو 5 أحزاب تمثل الاتجاهات السياسية المتعارف عليها مع تقوية الأحزاب ودعم وجودها بما يحقق أهداف الثورة ويحولها إلى واقع ملموس، وهو بصراحة ما يحتاج إلى اقتناع وعمل جاد من الدولة، وقبول من الشارع، وتحرك إيجابى من الأحزاب بعيداً عن الصراع على المصالح الشخصية الضيقة.
ويبقى صراع الكبار على «تورتة» البرلمان القادم خطراً يهدد التجربة الديمقراطية فى مجملها، فمصر فى حاجة إلى مجلس نواب يدرك حجم صلاحياته ويعمل بتناغم مع الدولة لتحقيق نهضتها وقيادة ثورتها التشريعية للتخلص من مئات القوانين الفاسدة وسيئة السمعة، برلمان يدرك طبيعة المرحلة الراهنة ويقود الوطن لنهضة حقيقية فى مختلف المجالات، لذا على مختلف الأسماء التى تم تدولها خلال الأيام القادمة أن تدرك أننا نحتاج برلماناً يعبر عن الشعب المصرى بكتافة

مكوناته وفئاته ويتقاطع تماما مع نظامى مبارك والإخوان، نحتاج برلماناً يؤمن ويعترف بثورة يناير و30 يونية باعتبارهما ثورة واحدة لا تنفصل عن بعضها ويتقاطع مع من يرون يناير مؤامرة أو يونية انقلاب، ومع تقديرى لشخصيات بحجم د. كمال الجنزورى وعمرو موسى ود. السيد البدوى ومصطفى بكرى وأحمد شفيق ود. أحمد البرعى وغيرهم كثيرون فإن التوافق وتقديم مصلحة الوطن أهم بكثير من صراع على الكراسى سيخرج منه الجميع خاسرين مهما ربحوا فالحياة أعمق بكثير من أن نحصل الفوز لذاتنا، وأننا نحتاج أن نعمل معا ونستفيد بكل الطاقات لبناء وطننا الحر والقوي والقادر على قيادة الوطن العربى والأمة الاسلامية بعزة وشموخ، فلا ينفع هؤلاء أو غيرهم سعيهم إلى فرض كلمتهم وقيادة البرلمان القادم أو الفوز بنصيب الأسد دخله من أجل تأكيد النفوذ وحماية مصالحهم مترامية الأطراف خاصة فى ظل دستور منح البرلمان صلاحيات واسعة جعلته شريكا أصيلا فى السلطة، كل ذلك لن ينفع بدون رضا شعبى واسع وتأييد يليق ببرلمان الثورتين، ولن ينفع رجل الأعمال نجيب ساويرس وغيره ممن يتوهمون انهم يمكن أن يشتروا البرلمان بملايينهم، فالمصريون وعوا الدرس ولن يمنحوا أصواتهم الا لمن يمثلهم بصدق، فالمال لم يعد الدافع الرئيسى للتصويت فالجميع يملكون المال، بينما قل كثيرا من يبيعون أصواتهم لمن يدفع فى ظل ارتفاع كبير للوعى الشعبى ولا نريد أن نشاهد أحمد عز جديداً فمثل هؤلاء يسقطون الأنظمة ولا يبنون أوطاناً.
كما أننا لابد أن نقبل بالآخر ونعترف به ولا نمارس الإقصاء لأحد مالم يخالف الدستور والقانون لذا وجود صباحى وأنصاره أو حزب النور السلفى لابد أن يكون أمراً مقبولاً إذا حصلوا على ثقة الشعب فلا ننكر دورهم الوطنى سواء فى تأييد 30 يونية وأيضا العبور بالانتخابات الرئاسية لبر الأمان، لا ننكر ذلك مهما اختلفنا أو اتفقنا معهم، لكن لأننا فى مرحلة استثنائية تستوجب تكاتف الجميع فإن مجلس النواب القادم لابد أن يكون متناغما مع الرئيس السيسى وإلا دخلنا فى نفق مظلم نحن فى غنى عنه، وينسف خارطة الطريق نسفا ويجعلنا ندور مرة أخرى فى فلك مخطط الشرق الأوسط الجديد الذى أنفقت عليه أمريكا مليارات الدولارات وجندت له آلاف العملاء، فأصدقاء الغرب ومريدوه ومنفذو أجنداته مهما اختلفت أيديولوجياتهم وأقنعتهم خطر حقيقى على الدولة المصرية ولا يجب التسامح معهم مهما تحدثوا مثل الوطنيين أو استخدموا تعبيرات وطنية.

[email protected]