عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الأسس الموضوعية للدواعى الأمنية

أتوجه بحديثي هنا لوزارة الداخلية وأرجو أن يتسع لهُ صدرُ القائمين عليها، فهُم زملاءٌ أجلاء وأثقُ فى إخلاصهم وقدرتهم على تقدير المصلحةِ الوطنية..

وموضوعنا المطروح هو مصطلح الدواعى الأمنية الذى شاع استخدامهُ كمبررٍ لمنعِ الجائز أو تقييد المُباح.. وبادئُ ذى بدء فإنهُ يجب أن يكونَ لدينا تعريفٌ واضح ومحدد لهذا المصطلح، الذى أراهُ من وجهة نظرى أنهُ يعنى مجموعةً من المخاطر المحققة أو التداعيات المحتملة التى رصدتها - عن وعىٍ ودراسة - أجهزة المعلومات المختصة، التى تفرضُ منعاً لأمرٍ جائز أو تقييداً لشىءٍ مُباح، فلا تثريب عندئذٍ على الأجهزة الأمنية إنْ استخدمت مُسوغ الدواعى الأمنية لفرض ذلك المنع أو ذلك القيد، وبالطبع فليس عليها أن تُفصح بما لديها من معلومات بشأن تلك المخاطر أو التداعيات، ويكفيها فقط الاستناد إلى المُسوغ المذكور ولكن بشروطٍ جوهرية أهمُها ما يلى:
(1) أن يكون مُسوغ الدواعى الأمنية مستنداً إلى فحصٍ دقيق ومعلوماتٍ صحيحة على نحو ما أسلفنا.
(2) أن يكون المنع أو التقييد للدواعى الأمنية كفيلاً بذاته لدرءِ المخاطر والتداعيات المحتملة.
(3) ألا تترتب على المنع آثارٌ سلبية - سواءً من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية - تفوق المخاطر المحتملة جراء عدم المنع.
(4) أن يتم تطبيق القرارات التى تصدُر للدواعى الأمنية فى كل المواقف والأحداث المتشابهة دون تمييز، وأن يكون لأجهزة الأمن القدرةُ على تنفيذها فى كل الأحوال.
نأتى بعد ذلك إلى الواقع العملى لاستخدام المصطلح المذكور، وهنا يجب أن نعترفَ أولاً بشيوع استخدامه فى الماضى لغير ضرورته الحقيقية، حيثُ كان يُستخدم مثلاً لمنع ندوةٍ لصاحبِ فكْرٍ معارض أو منع المرور بشارعٍ مُعين إرضاءً لاعتباراتٍ شخصية، وكانَ من أسوأ وأخطر ثمار ذلك، ظاهرة التقاعس عن أداءِ العمل التى استشرت بين بعض رجال الشرطة بزعم كاذب أنَّ ما يُطلبَ منهم ممنوع وهُم فى الحقيقة يستسهلون استخدام تعبير الممنوع للتخلص من بعض مهام عملهم ومسئولياتهم الوظيفية.. ولكنى أعتقد أن هذه الصورة قد انتهت بعد ثورة 30 يونية التى زلزلت مشاعر الجميع وأزاحت الغِشاوة عن بصر وبصيرة المصريين وفرضت على كل مؤسسات

الدولة مراجعة نفسها لمُسايرة التغير التاريخى الذى حدث.
ومن ناحيةٍ أخرى فإننى أرى الآن بعض الإجراءات والمواقف التى اتخذتها وزارة الداخلية فى إطار مُسوغ الدواعى الأمنية، ولكنى أظن أن ذلك المُسوغ لم يستند إلى الأُسس الموضوعية التى تحدثنا عنها، ومنها على سبيل المثال ما يلى:
(1) الإفراط الممجوج فى إقامة الحواجز الحديدية والخرسانية حولَ الأقسام والمنشآتِ الشرطية، بما أضرَ كثيراً بحقِ المواطنين فى استخدام الطرق بلا عناء، ودونَ فائدةٍ أمنيةٍ منطقيةٍ تُذكر.. ولقد كان ذلك محلاً لمقالنا المنشور بهذه الصحيفة يوم 23/3/2014.
(2) اعتراض وزارة الداخلية على إقامة مباريات النادى الأهلى بمدن القناة، وهو اعتراضٌ لا أرى داعياً لهُ بعد أن وضحت للجميع حقائقُ حادث ستاد بورسعيد وأنهُ كان مؤامرةً ضد الشعبَ من أعدائه ولم يكن أبداً لخصومةٍ أو كراهيةٍ بين شطرين من شعبٍ واحد، كما لم يكن أبداً لتقصيرٍ أو تواطؤ من أجهزة الدولة، ومن ثَمَّ فإن الإصرار على هذا الاعتراض يُمكن أن يُؤدى إلى نتيجةٍ كارثية وهى إقرار وتعميق تلكَ المفاهيم الخاطئة وتأجيج مشاعر البُغض والعداوة بين الجماهير وفُقدان الثقة فى أجهزة الأمن وقدرتها على ضبطه فى أى مكان وتحت أى ظروف.
(3) عدم الإفصاح عن بعض أوجه القصور الأمنى فى بعض الحوادث الإرهابية تحت مبرر الدواعى الأمنية، فى حين أن ذلك يُثيرُ حالةً من البلبلة بين المواطنين ويجعلهم فريسةً للشائعات المغرضة.


E-MAIL : [email protected]