رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

داعش بين التكفير والتهجير

لو أن الإسلام منذ ظهوره كان قد دعا إلى نبذ الآخر، وقتل الآخر، وضيق أفقه فكرياً، لما جاوز ظهوره الرجل الذى أُنزل عليه، ولكنه دعا إلى احترام الآخر وعدم الإساءة إليه بقول أو فعل، إن القرآن أعلنها صريحة بقوله للنبى الكريم (صلى الله عليه وسلم) «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب

لانفضوا من حولك» ثم أمر (صلى الله عليه وسلم) بالدعوة إلى الله بالرفق واللين، فقال سبحانه «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن» وتؤكد لنا السير، أن النبى (صلى الله عليه وسلم) أجار اليهود والمشركين بنص القرآن «وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه»، بل بلغ من رحمة النبى الكريم (صلى الله عليه وسلم) بالمشركين والمنافقين أنه (صلى الله عليه وسلم) وقف على قبورهم وصلى عليهم واستغفر لهم، إلى أن نزل القرآن ناهياً لحضرته عن ذلك قائلاً «ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره» وقوله (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة لن يغفر الله لهم)...
ذاك هو الإسلام، نظرياً وعملياً، نظريا تحثنا نصوصه على الرحمة والتراحم، وعمليا يقيم النبى الكريم دولة الرحمة والتراحم، دولة المواطنة، التى ينعم الجميع فيها بنفس الحقوق ويؤدون ذات الواجبات بغض النظر عن الدين أو العقيدة، لأن الدين لا يفرق أبداً بين الناس، لأن حرية الاعتقاد مكفولة للجميع بنص القرآن الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» لا إرغام لأحد، ولا إكراه لأحد للدخول فى الإسلام، بل هو دين الحرية، ودين التراحم ،ودين التسامح.
وتاريخ الإسلام ملىء بالمشاهد العملية التى تثبت الممارسة الفعلية لتلك المبادئ النظرية، فعمر رضى الله عنه فرض للنصارى  الطاعنين فى السن عطاء ببيت مال  المسلمين، وقال قولته العظيمة «ما كنا لنجتلد ظهورهم أقوياء ثم نرميهم وهم ضعفاء» والقصاص لابن القبطى من ابن عمرو بن العاص وهو والٍ على مصر، وصلاح الدين الأيوبى كان يسهر على علاج وراحة الجرحى من جيوش الحملات الصليبية، وغير ذلك من هذه المشاهد ما ننوء بذكرها، ما يؤكد عظمة وسماحة هذا الدين.
أما الآن، فقد جاءت داعش بدين جديد، دين يُكفر المخالفين فى الرأى حتى ولو كانوا مسلمين، ودين طرد المسيحيين من ديارهم وسلبهم أموالهم، ويشرد آلاف الأسر، كل ذلك تحت مسمى

الإسلام.... أى إسلام هذا؟؟! والله إن الله ورسوله ليبرؤون من تلك الأفعال!! إن داعش بهذه الأفعال غير المسئولة إنما ترسخ لثلاث خصال ضد الإسلام وليست أبدا فى صف الإسلام، الأولى تصدير فكرة عدوانية وعنف الإسلام وتصديق صفة الإهاب على الإسلام!!
هذه حقيقة، فالإسلام الذى يدعون إليه ليس فيه ذرة تسامح واحدة، ليس فيه شعاع أمل واحد، وليس فيه أدنى احتمال لوجود ذرة من اختلاف فى الرأى والعقيدة.
الثانية، وهى نتيجة مباشرة لتلك الخصلة الأولى، إعراض غير المسلمين عن الإسلام، لأن الجميع سينظرون إلى أحوال المسلمين، إلى معاملاتهم وسلوكياتهم ، فإذا رأوا تلك الداءات المستشرية، تلك الجبرية التى لا خيار فيها ، فما الدافع لهم على دخول الإسلام إذاً، بمعنى آخر، إذا كانت عيادة النبى (صلى الله عليه وسلم) لجاره اليهودى الذى يؤذيه دافعاً ليهود المدينة إلى الإسلام، كنتيجة حتمية لسلوك النبى الذى يملؤه التسامح وتعلوه الرحمة وتحفه المودة، فما هو الدافع اليوم الذى يغرى اليهود بالدخول فى الإسلام، هل مدافع داعش أو تهجيرهم للنصارى أو تكفيرهم للمخالفين لهم فى الرأى، هل هذه هى المغريات!!
أما الخصلة الثالثة فهى أنهم بهذه التصرفات الحمقاء يعطون الذرائع القوية للغرب لمحاربة الإسلام، ومعهم الحجج القوية فى ذلك، لأن الإسلام الجديد لن ينتشر بالتسامح كما قال ابن خلدون، ولكنه إسلام القتل والبطش والعنف ،إنه إسلام اللا إسلام هذا أقل ما يقال عنه، فهل يفهم المنتمون إلى داعش مدى خطورة الموقف، ومدى الأضرار التى يلحقونها بالإسلام ، لعل ذلك يحدث يوماً ما، وإلا فالأمل كله بيد الله، لا يخيب من دعاه ، ولا يضل من رجاه.