اكتشاف الشخصية المصرية من جديد
محاولة تقييم حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد شهرين من توليه للسلطة تعتبر تسرعا لأن الملفات التي أمام الرجل كثيرة ومعقدة وتحتاج إلى وقت لفهم كيف يتعامل معها؟ ورغم ذلك كان لابد من الاشارة في عجالة إلى سؤال اين نحن الآن؟ وإلى أين نسير؟ وهذا لايخلو من محاولة للتقييم بشكل أو بآخر.
أعتقد أن رصد الإجابة على هذا السؤال يتركز في فهم مفتاح شخصية الرئيس نفسه وقد كان خطابه المرتجل في تدشين مشروع ازدواج جزء جديد من المجرى الملاحي لقناة السويس مؤشرا لفهم أعمق لما يدور في ذهنه ويمكن القول إن السيسي يتميز بالصدق والتعامل بواقعية مع مشكلات الوطن ولخص قضية هذا الوطن في عبارة واحدة (انه لايستطيع ان يعمل وحده) انه رجل يعي كل المشكلات ويدرك حلولها لكنه يحتاج الى تضافر جهود المصريين جميعا الذين عاشوا لحقب طويلة يعتمدون على الآخر في حل مشكلاتهم بل دعونا نتحدث بصراحة أكثر ان هذا الامر جعل من نظم الحكم المتعاقبة تتعامل مع الشعب المصري بمنطق الوصي بمعنى ان المصريين يحتاجون من يقدم حلولا جاهزة لمشكلات حياتهم اليومية لانهم غير قادرين على العطاء، حيث إنهم تعودوا ان يأخذوا فقط، رغم ان المصريين هم الذين حفروا القناة وبنوا السد العالي وخاضوا حروبا وقاموا بثورات ولكن السيسي أتصور انه سأل نفسه كيف يستقيم هذا التوجه مع مقولة انهم لم يبلغوا سن الرشد بعد؟ أي لايعتمدون على أنفسهم ويحتاجون مساعدة الغير ما جعلهم لا يعرفون كيف يمارسون الديمقراطية.
أعتقد أن هناك فهما خاطئا لقدرات الشعب المصري ولا أشك في إدراك الرئيس السيسي مدى الخطأ الذي وقع فيه الكثيرون ولذا أرى أنه قرر أن يعيد اكتشاف الشخصية المصرية من جديد تلك الشخصية التي أدرك د. جمال حمدان ابعادها في كتابه القيم «شخصية مصر» والذي أشار فيه إلى أن المجتمع النهري جعل من المصريين يرتبطون بالسلطة المركزية بعبارة أخرى أن المصريين على مدى تاريخهم القديم والحديث يسعون دائما إلى الالتفاف حول قائدهم وإن لم يكن لهم قائد يقعون في مأزق وهو ما حدث بعد