عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القضاء على الفقر.. لا الفقراء!!

«قد أنار الصبح لكي ذى عينين».

الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه

قال الإمبراطور الروماني والفيلسوف الرواقى «مرقس أورليوس» في كتابه «التأملات» الامتناع عن عمل الخير لا يقل جرماً عن فعل الشر». وما قاله الإمبراطور الفيلسوف حق لا مراء فيه، وهو ما يعرف بفعل الشر بالسلب. غير أن خاتم الرسل والنبيين «محمد بن عبدالله» صلوات الله عليه وسلامه جاوز مقولة «مرقس أورليوس» في الحديث النبوي الشريف بقوله: «الدال علي الخير كفاعله» فحرر بذلك إرادة الإنسان من كل القيود والأغلال التي تكبله، فإذا به قادراً علي فعل الخير بأن يدل عليه غيره إذا ما عجز عن صنعه بنفسه، فأضحي هو وفاعل الخير الأصلي سواء، وهو ما يجعل الخير أكثر ديناميكية وفاعلية في المجتمع، ومن أولى منا نحن معشر الكتَّاب لاسيما وسلاحنا الأوحد هو الكلمة، إذا ما قصرت عزائمنا عن فعل الخير بأنفسنا أن ندل عليه بالكلمة، أقول ذلك ولم يعد يفصلنا عن موعد الانتخابات الرئاسية سوي أيام قليلة. وهي ليست ككل الانتخابات السابقة لأنها تأتي بعد قيام ثورتين متتاليتين عارمتين في غضون 3 سنوات تخلص فيها الشعب المصري من نظامين ظالمين عاتيين أحدهما استمر 30 عاماً!! والآخر 12 شهراً.

فبعد أن أُخذت الثورة الأولى في 25 يناير 2011 رهينة بفعل فاعل، والفاعل ليس مجهولاً حتي تسلم الثورة أسلحتها ويتم احتواؤها.. والاحتواء هنا ليس بمعني الاحتضان والرعاية بل إجهاضها وتفريغها من مضامينها ومنعها من تحقيق أهدافها التي قامت من أجلها.. العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. وكانت الوسيلة لإجهاض الثورة أن جىء بجماعة تعرف تاريخياً بجماعة الإخوان وتسمي خطابياً بالإخوان المسلمين، وسرقوا ثورة الشعب واعتلوها بمساعدة القوي الخارجية وأصحاب المصالح في مصر وما أكثر من يتربصون بنا الدوائر، غير أن الشعب سرعان ما أدرك الشرك الذي نصب له وفجر مفاجأته الثانية وأطاح في ثورة 30 يونية بحكم جماعة الإخوان والذين استثمروا ثورة 25 يناير لمصالحهم الخاصة، ليخلص للشعب وجه ثورته واستردها من جديد، وقد بدأ بعض الثرثارين يرطرطون بكلمات وعبارات طالما لاكتها الألسن ومجتها الأسماع مثل مهمة الرئيس القادم صعبة وشبه مستحيلة والتركة مثقلة بالهموم والإصلاح يحتاج إلي سنوات طويلة، وراحوا يعيدون ويزيدون في هذا اللغو المثبط للهمم والمحبط للعزائم، وإذ ما نزهت هؤلاء وما يقولونه عن الغرض وسوء النية لإبقاء الأوضاع الفاسدة كما كانت عليه في الماضى، فإن كلامهم لا يصمد أمام النقد، وأود أن نذكرهم أولاً إذا كانوا قد نسوا أو تناسوا أن عزائم وعظمة الرجال القادة تقاس بتحقيق الصعب والمستحيل وليس التعامل مع الممكن والمتاح، وإلا فما فضل العظماء الذين نهضوا بأممهم ولماذا دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه؟! ثانياً أن الرئيس القادم عايش وعاصر ورأى بعينيه كل أخطاء الأنظمة المخلوعة واخترق كل هذه التجارب وأفاد منها مما يجعله سياسياً حكيماً محنكاً بارعاً ولو لم يمارس العمل السياسي يوماً واحداً في حياته. ثالثاً أن عنصر الوقت ليس عقبة في طريقه لأنه بمجرد أن يعلن عن توجهه وانحيازه للغالبية العظمي والساحقة من أبناء الشعب المصري من الفقراء والمعدمين سيطمئن الشعب علي مستقبله فإذا ما طالبهم بالصبر حتي وقت وجيز صبروا معه علي أساس متين في مدة زمنية قصيرة محدودة الأجل بعد أن تجاهلهم نظام مبارك طيلة 30 عاماً وتركهم في الفقر المدقع والذي اتسعت رقعته في عهده حتي صار 75٪ من أبناء الشعب يعيشون تحت خط الفقر وقد خسف بالطبقة المتوسطة أسفل سافلين بالتحولات الاقتصادية التي عرفت في عهده باسم الإصلاح الاقتصادى، والذي تمثل في استنزاف الفقراء والتضحية بهم ورفع الدعم عن الخدمات وتخلى الدولة عن رعاية المواطن كلية، توظيفياً وصحياً وإسكانياً، حتي صارت مصر في عهده وطناً غير مطابق للمواصفات!!

وكانت الحكومات المتعاقبة في عصره

تشن حرباً سيكوباتية علي الشعب المصرى عن طريق شخصيات سيكوباتية، والسيكوباتي في علم النفس هو من انعدمت لديه أي فكرة عن العدالة والرحمة والشعور بالندم وعذاب الضمير تجاه أي ذنب يقترفه أو جرم يرتكبه. وقاد معه هذه الحرب السيكوباتية طبقة المترفين الذين يعرفون بملوك المال أو Tycoon، وأطلق النظام البائد أيديهم فراحوا يعربدون في الوطن عربدة الديدان في الحقول والبساتين، واشتروا ذمم الناس وأفسدوا ضمائرهم وأخلاقهم وأذلوا العباد وسخروهم في خدمة أغراضهم، فألهبوا أظهر المصريين بسياط الفقر حتي اهترأت الجلود والسياط معاً، وهم يحاولون العودة من جديد لإعادة إمبراطوريتهم الفاسدة بعد أن ارتكبوا من المفاسد والجرائم ما لا يعد ولا يحصى من استغلال النفوذ وإهدار المال العام والاستيلاء علي أموال البنوك بالحصول على القروض دون ضمانات، ومارسوا سياسة الاحتكار وصدرت من أجلهم قوانين الخصخصة والتي بيعت عبرها مصانع وشركات الشعب التي بناها بعرقه ودموعه عن طريق نهبها وسرقتها مرتين، مرة عندما أفلسوها متعمدين ليبرروا بيعها بثمن بخس ويتم تشريد العمال وطردهم من مصانعهم وشركاتهم والإلقاء بهم إلى الشارع!! آخذين في كل ذلك بما قاله الفيلسوف والأديب الساخر برناردشو متهكماً «كلما صغر حجم سرقتك طالتك يد العدالة، وكلما كبر حجم سرقتك وجدت الآلاف يمدون لك يد العون ويتسترون عليك»، وبالطبع أمثالهم لا يعرفون «برناردشو» غير أنهم لصوص بالفطرة وقاموا برفع شعارهم الخاص ألا وهو «الجمل بما حمل» وأفلتوا من يد العدالة. ونهبوا ثروات الشعب في ظل نظام يصدق عليه ما قاله شاعرنا العظيم «أبو العلاء المعرى» في إحدى قصائده:

«يسوسون الأمور بغير عقل

فينفذ أمرهم ويقال: ساسة

فأفِّ من الحياة وأفِّ منى

ومن زمن رئاسته خساسة

إن كل نظام سقط وإمبراطورية زالت من الوجود وحاكم خلع من مكانه كان وراء ذلك السقوط والانهيار تلك الطبقة المترفة، إن أغربة البين التي نعقت فوق أشجار الوطن بالخراب، وبوم الشؤم الذي جلجل نعيبهم والنعيب هو صوت «البوم» فوق رؤوس المصريين بالفأل السيئ كانوا ومازالوا للشعب المصرى بمثابة كرب وهم الدنيا وجور الزمان علي الكرام, إن الشعب ينتظر من الرئيس القادم بإذن الله والذي سيفوز بثقته في الانتخابات عودة دور الدولة في رعاية المواطن صحياً وتعليمياً وإسكانياً بعيداً عن قوانين اقتصاديات السوق والعرض والطلب ومبدأ «اللي معهوش ما يلزموش»!!

إن محاربة الفقر هي المهمة الأولى للرئيس القادم وكأهم وأخطر قضية من قضايا أمن مصر القومي لتعود مصر من جديد أم الحضارات إلى أمجادها الغابرة ويعيش فيها المصرى علي أرضه رافعاً رأسه موفور الكرامة.