رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لماذا ندعم السيسى رئيساً؟

 

هذه المقالة تعبر عن وجهة نظرى الشخصية، ولكنها فى نفس الوقت قراءة من باحث متابع مدقق للظروف السياسية والاجتماعية، المحلية والإقليمية، وللرأى العام المصرى فى الداخل

والخارج، وقد شرعت فى كتابتها عقب إعلان المشير السيسى بشكل شبه رسمى يوم 4 مارس عزمه على الترشح لرئاسة الجمهورية قائلاً: لا أستطيع أن أعطى ظهرى للشعب الذى يريدنى ولكن التأخر له أسبابه لترتيب الأمور فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها مصر.. والسيسى صادق فيما قاله عن رغبة الجماهير، وأستطيع أن أقول: إنه الرجل الوحيد، منذ تأسيس مصر الحديثة على يد محمد على 1805 الذى طالبته هذه الجماهير الكاسحة بالتقدم للترشح للرئاسة، ولهذا أصبح الرجل بالفعل ظاهرة يمكن تسميتها «السيسيسية أو السيسيزم»، ولكن بقراءة المشهد بتمعن نستطيع أن نذكر العديد من الأسباب التى جعلت الجماهير تدعمه وتطلبه حتى أن بعض الناس يرجونه بسرعة التحرك نحو المنصب، ومن هذه الأسباب الكثيرة نذكر:
1- إذا كان الشعب المصرى هو بطل مشهد 30 يونية بلا منازع فإن السيسى هو قائد هذه الملحمة التاريخية، فهو الذى تجاوب بشجاعة وحنكة مع رغبة الشارع المصرى فى التخلص من حكم الإخوان متحملاً المخاطرة ونتائج الفشل لو حدث، ونحمد الله أن ثورة 30 يونية كان لها قائد وطني شجاع عكس ما حدث فى 25 يناير، مما جعل الإخوان يطمعون فيها ويخطفونها إلى الاتجاه الذى يريدونه على عكس رغبة الملايين التى خرجت.. ومن ثم فإن تأييد السيسى هو تأييد لثورة 30 يونية ولخارطة الطريق ولأهداف هذه الثورة المجيدة.
2- تتمثل أولويات الشارع المصرى حالياً فى تحقيق الأمن والاستقرار، لأنه بدون ذلك تتحول الحياة إلى جحيم، وكذلك لا يمكن تحقيق أى تقدم اقتصادى بدون هذا الأمن والأستقرار، وهل هناك شخص أنسب لتولى هذه المهمة غير السيسى؟ فالذى قاد ثورة 30 يونية عليه أن يكملها ويخلص مصر من بقايا الفوضى التى صنعها الإخوان وحلفاؤهم.
3- بعد حالة الفوضى المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات فى مصر هناك حاجة إلى رجل يضبط الأمور كما فعل بوتين فى روسيا بعد فترة يلتسين المليئة بالفوضى، وأعتقد أن عبدالفتاح السيسى قادر على أن يسير على خطى بوتين فى ضبط الفوضى وإعادة الدولة إلى مسارها الصحيح بل إعادة الاعتبار لمفهوم الدولة.
4- إن عبدالفتاح السيسى علاوة على أنه رمز وطني دخل التاريخ كما دخل قلوب المصريين فإنه أيضاً قائد عسكري مرموق أعاد إلى الأذهان أسماء كبيرة فى العسكرية المصرية مثل عبدالمنعم رياض، وسعد الدين الشاذلى، وأحمد إسماعيل، وعبدالغنى الجمسى، وفؤاد عزيز غالى، وعبدالحليم أبوغزالة، وهو أيضاً حاصل على تدريب وخبرة وتعليم عسكرى متميز، فحصل على ماجستير من كلية القادة والأركان المصرية عام 1987، وماجستير من كلية القادة والأركان البريطانية عام 1992، وزمالة كلية الحرب من أكاديمية ناصر العسكرية عام 2003، وزمالة كلية الحرب الأمريكية العليا عام 2006.
5- هناك دعم قوى جداً من الجيش للسيسى وهذا سيسهل مهمته فى الحكم، وهذا الدعم ليس فقط لأنه شخصية عسكرية، ولا لأنه وزير للدفاع قبل ترشحه، ولكن الأهم لأنه شخصية محبوبة جداً داخل الجيش لكفاءته وانضباطه وتعامله المحترم مع كل أفراد الجيش من أصغر عسكرى إلى أعلى رتبة، وحب أفراد الجيش له يعيد إلى الأذهان قائداً عسكرياً كان محبوباً جداً وهو المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة الله يرحمه.
6- عبدالفتاح السيسى وجه جديد غير محسوب على أى من الرؤساء السابقين وغير ملوث بأفعال السياسة التى استفحلت فى العقود الثلاثة الأخيرة، وهذا يجعله غير محسوب على شلة معينة من الشلل التى توحشت فى عهد مبارك، وحتى تشبيه البعض له بعبدالناصر لا يعنى أنه محسوب عليه، فعندما مات عبدالناصر لم يكن السيسى قد التحق بالكلية الحربية بعد.
7- يحسب للسيسى كذلك أنه أنقذ مصر من حرب أهلية كانت متوقعة بين مليشيا إخوانية مسلحة وبين شعب أعزل بالملايين انفجر فى وجه فسادهم وأخونتهم للبلد، وتدخله أجهض هذه الحرب كما رجح كفة الشعب صاحب المصلحة الحقيقية.
8- نقطة مهمة فى شخصية السيسى هى إيمانه بشعبه وبلده، فالقائد الناجح هو الذى يؤمن بشعبه وبقدرة بلده ،عكس مبارك الذى كان هو وأسرته يحتقر الشعب ويتعالى عليه ويرى نفسه الوحيد الصالح للحكم، فى الوقت الذى كان أقرب مساعديه ورئيس مخابراته عمر سليمان أكثر ذكاء وصلاحية للحكم منه، ولكن حوله السياسى جعله يرى أن السادات كان محظوظاً لأنه وجده فى حين أنه لا يرى شخصاً مثله يصلح نائباً، وهذا الحول السياسى جعله يترك مصر كلها وينظر لابنه كوريث.
9- يرى الشعب المصرى فى السيسى أنه وضع حداً للمؤامرات المحلية والإقليمية والدولية على مصر، وأنقذ مصر من تحولها إلى دولة فاشلة ومسرح للإرهابيين الدوليين الذين طمعوا فيها بعد حكم مرسى وبترحيب منه.
10- هناك صفات إيجابية كثيرة ظهرت فى شخصية السيسى منذ 30 يونية منها جديته وانضباطه، ومنها شجاعته وإقدامه، ومنها إحساسه بالمواطن العادى، ومنها أريحيته واحترامه لكرامة المصرى، كما أن شخصية ابن البلد قد انعكست عليه من خلال نشأته فى أحد الأحياء الشعبية العريقة فى القاهرة.. وهناك أيضاً سنه المناسبة وحيويته  كلها أمور رجحت كفته عند المصريين وجعلت التأييد الشعبى له كاسحاً.
11- وكأحد المتابعين للشأن القبطى أرى أن هناك إجماعاً قبطياً على دعم السيسى رئيساً مع اصطفاف الأقباط وراء المؤسسة العسكرية بقوة لم أرها من قبل.
12- وصول السيسى للرئاسة سيمنع الازدواجية الموجودة فى السلطة حالياً، فمعروف أن السيسى هو رجل الدولة القوى مما أدى إلى انفصال بين السلطة والقوة، ووجود السيسى على رأس الدولة مع موقع القائد الأعلى للقوات المسلحة، فعلاً وليس اسماً، سيجعل القوة والسلطة تجتمعات معا مما يسهل مسئولية الحكم ويجعله أكثر فاعلية.
13- علينا أن نكون صرحاء ونقول: إن الجيش حتى هذه اللحظة غير مستعد لأن يكون رئيساً

مدنياً هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولن يعطيه هذه السلطة حقيقة حتى ولو حصل عليها نظرياً بحكم موقعه الرئاسى، ووجود السيسى على قمة السلطة سيحل بالتأكيد هذه المعضلة وسيتم تلافى سبب هذه الحساسية.
14- سيصوت الناس بقوة للسيسى كذلك لعدم وجود بديل له بين المرشحين والفجوة واسعة جداً بينه وبين الآخرين، فلا يوجد بين المرشحين شخص يمكن وصفه برجل الدولة وفقاً للمعنى المتعارف عليه لرجل الدولة، فهناك هوجة من التطلعات حدثت بعد ثورة 25 يناير جعلت كل من هب ودب يرى نفسه جديراً بحكم مصر، طبعاً من حق كل مواطن الترشح والتطلع للمنصب ولكن عند التقييم يظهر الغث من السمين، وقد وجد الناس غثاً كثيراً على الساحة فاقبلوا على السيسى.
15- وأخيراً سندعم السيسى للرئاسة لأن هذا يصب فى مصلحة مصر وليس فى مصلحته شخصياً، فالسيسى كان من الممكن أن يظل وزيراً للدفاع ويبقى فى مخيلة الناس كبطل تاريخى، إلا أنه فضل الدخول إلى معترك السياسة التى سيطوله شرورها ونقدها ورذاذها، خاصة بعد تفاقم المشكلات وارتفاع سقف تطلعات الناس لدوره المقبل، ومن هنا فإن العمل السياسى عبء عليه ولكن فى صالح مصر بالتأكيد فى ظل هذه الفترة الصعبة المضطربة.
وجب التنويه لأن التنظيم الدولى للإخوان يصور السيسى للعالم على أنه بوينشيه آخر، فى حين يريده الإسلاميون نسخة من ضياء الحق يعمل على أسلمة الدولة والجيش، ويرى فيه الناصريون روح عبدالناصر المستنسخة، أما نحن فنريده رجلاً من طراز إيزنهاور وديجول وتشرشل، هؤلاء الرجال العظام الذين انتصروا لبلادهم فى الحرب وفى معركة بناء دولة ديمقراطية عصرية حديثة.
إن السيسى بلا شك يمثل رئيس مرحلة الخوف، الخوف على مصر من الفوضى وعدم الاستقرار ومن المؤامرات ومن تفكك الدولة ومن الإرهاب ومن الانهيار الاقتصادى ومن خطر وشر الإسلاميين المتطرفين، ولكن نأمل أن يتحول من رئيس مرحلة الخوف إلى رئيس مرحلة الأمل، ولكى يحدث ذلك ولكى ينجح كرئيس فإن هذا يتوقف على البعد عن كل الأمور التى تفسد الرؤساء والملوك، عليه البعد عن المنافقين الانتهازيين الآفاقين الذين يصفون برجال كل العصور، وهم يمثلون الخطر الأكبر على أى رئيس.
عليه أن يأخذ مسافة بعيداً عن السلفيين برؤيتهم المنغلقة وأجندتهم المتخلفة الغارقة فى الماضى ولا ترى المستقبل.. عليه كذلك البعد عن الشلل السياسية التى تلتف حول كل رئيس وتصبح مثل طبقة الكولسترول الردىء التى تعزله عن الشعب حتى تغلق شرايين الحكم فيموت بالسكتة القلبية.. عليه ألا يجامل رجال الأعمال الفاسدين على حساب مصالح المواطن الغلبان، نعم يشجع رجال الأعمال الملتزمين المجتهدين ولكن فى نفس الوقت يحاسب بقوة الفاسدين.. عليه إغلاق ما يسمى ملف المصالحة تماماً، فمن يرغب فى العمل السياسى عليه أن يخضع لشروطها المدنية، أما جماعة الإخوان ومكتب الإرشاد والسعى للخلافة فهذه أمور أبعد ما تكون عن العمل السياسى الصحيح.. عليه أن يراعى العدالة الاجتماعية قولاً وفعلاً وليس كما كان يكرر مبارك.. عليه كذلك تبديد مخاوف المصريين من عودة الحكم العسكرى الذى كان يحشو المؤسسات بضباط الجيش والشرطة مما يحرم الكفاءات من قيادة الدولة.
علي السيسى دور مهم فى ترميم الوحدة الوطنية والمواطنة من أثار عصرى السادات ومبارك.. عليه أن يراعى كرامة وحقوق المواطن المصرى ولا توهمه الأجهزة الأمنية بأن انتهاك حقوق البشر شيء ضرورى للمحافظة على حكمه كما أوهموا من سبقوه.. عليه أن يبعد الدين عن السياسة وشرورها وأن يكون هناك خط فاصل بين الروحى والسياسى وبين ما لله وما للبشر.
إن هذا التأييد الجماهيرى الكاسح للسيسى مهم جداً ولكنه غير كاف لنجاح مهمته كرئيس، فعليه أن يتبع كتالوج النجاح ومسار التقدم الذى سلكته الدول الناجحة، وأن يختار فريق عمل كفء وعلى مستوى المسئولية، وقتها سينجح السيسى فى إحداث نقلة نوعية لمصر ستدخله التاريخ كما دخله بحروف من نور بعد ثورة 30 يونية.

مجدى خليل
[email protected]