رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الاستفتاء على استقلال وكرامة وطن

انتهت لجنتا الخبراء والخمسين - بعد عمل متواصل وأداء متميز وجهد مخلص - من إعداد مشروع دستور مصر 2013, وتحدد يومى 14 و15 من هذا الشهر للاستفتاء الشعبى عليه, وانطلقت أجهزة الإعلام الوطنية المتنوعة, للتعريف بالدستور وشرح مواده وحث المواطنين للمشاركة بكثافة وإيجابية فى الاستفتاء المنتظر الذى يرقبه العالم كله, باعتباره حدثاً تاريخياً فى دولة محورية تمثل ثقلاً ملموساً فى حركة التاريخ واتجاهات السياسة الدولية.

وفى واقع الأمر, فإن كثيراً من أجهزة الإعلام جانبها الصواب فى كيفية تناولها لهذا الموضوع, حيث راح البعض يروج للدستور كمجرد أنه بديل لدستور جماعة الإخوان الإرهابية التى لفظها المجتمع, وهذا قول وإن كان فيه شيء من الوجاهة, إلا أنه لا يصلح بذاته فقط ليكون مبرراً لقبول الدستور الجديد, كما أن المتحدثين به كثيراً ما تتغلب نوازعهم الشخصية وكراهيتهم للجماعة, على موضوعية الحوار, بما ينعكس أثره على المتلقى بنتيجة سلبية, وهو أمر فى غاية الخطورة يجب الانتباه إليه, وإدراك الموروث الثقافى المتأصل فى الشخصية المصرية.

أما البعض الآخر من أجهزة الإعلام - خاصة قنوات التليفزيون المصرى - فقد انتهج سبيل السرد لمواد الدستور, تارة بشرح ساذج لها, لا يليق بألقاب المتحدثين به, ولا يجد قبولاً أو احتراماً لدى المتلقين من المتخصصين ونخبة المهتمين بالشأن العام, وتارة أخرى يكون السرد مجرد قراءة لنص المواد وترديد مسموع لها, دون إدراك من المتحدث لمعنى النص الدستورى ومبرره وأثره العملى ومدى تميزه عن مثيله من النصوص الدستورية السابقة, فيصير الحديث حينئذ وكأننا فى أحد كتاتيب القرية القديمة.. وفى جميع الأحوال, فإن الاستغراق فى مجرد سرد مواد الدستور على هذا النحو, بغية الترويج له وإبراز جوانبه المضيئة, يمكن أن يصيب عامة المواطنين وخاصتهم, بقدر من التشويش أو التخبط, مع قدر من الصدود أو الملل.

أعود بعد هذه المقدمة, إلى حقيقتين لا أعتقد أن أحداً يختلف عليهما, الأولى أن أى عمل بشرى لا يمكن أن يكون كاملاً من جميع النواحى لأن الكمال لله وحده تعالى شأنه.. والثانية أن تلك الوثيقة الدستورية التى نحن بصددها, ومهما كانت جودتها وبراعة القائمين بإعدادها, فإنها لن تظل دائمة لفترة طويلة, وإنما ستكون حتماً محلاً للتعديل بعد بضع سنوات, شأنها شأن دستور 2012, وذلك لسبب بديهى بسيط, وهو أنها وليدة مرحلة طارئة مضطربة, ومن ثَمَّ فإن طبائع الأمور ستفرض إفراز دستور جديد عند تعافى الدولة واستقرارها وانتظام حركتها الاجتماعية والسياسية.

تأتى بعد ذلك الرؤيةُ الموضوعية - من وجهة نظرى - للاستفتاء القادم بإذن الله, والذى لا أراه استفتاء على الوثيقة الدستورية, بقدر ما هو استفتاء على وعى وإرادة الشعب وثورته الرائدة التى فجرها في 30 يونية 2013، فقد استطاع فى ذلك اليوم, وبقدراته الوطنية الخالصة, أن يوحد إرادته, ويحتشد بأغلبيته الساحقة, وبكل أطيافه

وطوائفه, ليصنع ثورة حقيقية بكل المعايير السياسية والتاريخية, فكانت بحق ثالث الثورات فى تاريخ مصر الحديث بعد ثورتى 19 ويوليو 52.

إن هذه الثورة التى زلزلت العالم بأسره, وفرضت إعادة النظر فى موازين القوة, ومراجعة اعتبارات التوازن بين مختلف القوى الإقليمية والعالمية, وهى الثورة التى لا ينكرها إلا جاهل أو حاقد أو عدو أو خائن, ورغم أنها عبّرت عن نفسها بجلاء بالطوفان الجماهيرى المؤيد للسلطة الحاكمة يوم 26/7/2013, إلا أنها ظلت فى حاجة إلى توثيق رسمى لإرادة هذا الشعب العظيم, وهنا يأتى الاستفتاء القادم على الدستور, لتكون الموافقة عليه بمثابة التوثيق الرسمى المطلوب للثورة, والرد الدامغ على أعدائها, والدرع الواقية للوطن ضد كل أصناف التآمر عليه.

إن الاستفتاء القادم, سيكون فى حقيقته استفتاء على ثورة يونية والاستمرار فى طريق تحقيق أهدافها وأهمها ما يلى:

(1) إسقاط المخطط الأمريكى - الصهيونى لتدمير وتقسيم الدولة المصرية.

(2) التحرر من كل أشكال الهيمنة والتبعية, وتأكيد الاستقلال الوطنى من خلال إعادة تقييم ومراجعة وتقنين كل علاقتنا الدولية.

(3) القضاء على كل أعوان وأذناب وأدوات القوى المعادية داخل الوطن.

(4)المحافظة على أمن الوطن وسلامة أراضيه, ومحاربة الإرهاب واقتلاع جذوره, والتصدى بقوة وحسم لكل ما يهدد الأمن القومى.

(5) استعادة الهوية المصرية وتعضيد أواصر الوحدة الوطنية وترسيخ دعائم الانتماء الوطنى.

(6) تأكيد وتفعيل انتماء مصر لعالمها العربى والإسلامى واستعادة الريادة المصرية فى محيطها الإقليمى.

(7) إعلاء قيم الحرية وإقامة حياة ديمقراطية صحيحة.

(8) محاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.

أعود فأكرر أن الاستفتاء القادم فى جوهره سيكون على ثورة مصر من أجل استقلالها وإعلاء كرامتها وبناء مستقبلها المشرق المنشود, ولذا فإن أعداء الوطن يحشدون لمنع الاستفتاء أو للتصويت على الدستور بالرفض, ولكن أبناء الوطن المخلصين يعرفون طريقهم الصحيح, ويملكون من الوعى والإرادة ما يدفعهم بالتصويت بـ «نعم» لمستقبلهم الواعد بالأمن والخير والتقدم والازدهار.

 

لواء بالمعاش أحمد عبدالفتاح هميمي

Ahmed-hememy@hotmail.com