رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عندما أتت رياح التغيير.. غادرة

قد نحتاج إلي وقت طويل لنقيم تنظيم الإخوان كلية، من حيث الظروف التاريخية، التي نشأ فيها وظروف الصراع السياسي التي كان يتجاذب ويتنافر معها، بحسب مصالحه، أو بحسب

مصالح ممولية، وأيضا من حيث أسلوب التربية السقيم الذي اعتمده مؤسس الجماعة حسن الساعاتي الشهير بحسن البنا للسيطرة علي عقول أتباعه سيطرة كلية وبتعبير البعض: «فرضت عليهم الطاعة كشيء قيّم إلا أنها ليست كذلك، بل إنها واحدة من الأساليب الرئيسية لتدمير الذكاء». وقد نري عشرات البرامج والصفحات التي تّنظّر لمثل هذا التاريخ الشائه الذي لم تر مصر منه خيرا قط. وقد يكون في ذلك بعض الغني عن تكرار التفاصيل التي ترددت كثيرا، ولكننا نستطيع أن نقول قبل أن ندخل في مضمون فكرتنا بأن «حسن البنا صنع لنا وحشا ثم فقد السيطرة عليه»، ثم تلقف سيد قطب هذا الوحش ليضفي علي وحشيته قساوة ودموية وانفصاما وبعدما أخرج من رحم هذا الوحش جماعات كثير تتخصص في الإرهاب باسم الدعوة، واسترشد في إعدادها بروح التكفير الرجعية، فجعل منها سياجا من نار يحيط بالمجتمع ويتفاقم خطرها يوما بعد يوم علي الوطن والهوية والدين.. فانقلبوا بخيارات المجتمع وخرجوا به من طريق «الطهطاوي.. عبده، حيث التنوير وآبائه، إلي طريق البنا.. قطب، حيث التكفير وإبائه» ولكن يشغلنا ان نلقي الضوء علي بعض الإشارات وما ينبني عليها من دلالات فبعدها استطاعوا امتطاء جواد الثورة ودفعوا بمرشحهم نحو النجاح المشبوه بدأت رياحهم الغادرة تغير الثورة عن وجهها، واعتمدوا الاستئثار والاستحواذ أسلوبا لتمكينهم المزعوم لا سيما علي المفاصل الحيوية في البلاد وتوغلوا في محاولة إرضاخنا للإرادة الأمريكية وأخذوا في التلويح للعالم بالخيار الحر وأدبيات الديمقراطية، وفي الجانب الأعمي كانوا يدفعونه نحو مصالحهم بالمقايضة أو التخويف أو الابتزاز، وتوالت ضحاياهم من المؤيدين والمعارضين معا ونكتفي بذكر جيكا والحسيني من بين كل هؤلاء، مثالين للنقاء الثوري الذي مص وحش الإخوان دماءهما ومع استمرار بقائهم استمر الأفق المصري في الضيق وبدأ الأمل في رحلة الخفوت الكبير، وتلاشت جميع الوعود الإخوانية كما تلاشت كل شعاراتهم وكلامهم الكاذب، وبدأ الشعب اللبيب الصبور في محاكمة أفعالهم إلي أقوالهم، فلم يحصد منهم إلا السراب والكذب غير المنقطع هذا إلي جانب الخطر الذي مثلته هذه الجماعة علي أسرار الدولة ومقدراتها، فهم بحسب أقوالهم لا أقوالنا، لا يعتمدون مفهوم الوطنية في أي من أدبياتهم، ولكنهم يرون في الانتماء لجماعتهم غناء عما عداه من انتماء، وهي جماعة تمتد أذرعها في أكثر من ثمانين دولة فكان الخروج عليهم حتميا بل كان صوتا للعقل والضمير ولكن لكي تنفذ إرادة العقل والضمير لابد من قوة تساندهما، ولم تكن هناك قوة لها ثقل المواجهة مع هذا السرطان الخبيث غير مؤسستنا العسكرية وجيشنا الباسل العظيم الذي تحطمت علي صخرته أسطورة التنظيم الدولي وكان جيش مصر وقتئذ بمثابة النور الذي يأكل قطع النيل المظلم ليعلن فجرا لا شروق للإخوان

فيه وعندما لم يستجيبوا لهذه الإرادة بواقعية وتواضع ووعي اجتاحهم الغضب الجماهيري ووجدوا أنفسهم مطاردين من الشعب قبل أن يكونوا مطاردين من السلطة التي انحازت لخياراته فتوالت أحداث رابعة والنهضة وما تبعهما من أحداث لا تخفي علي متابع ولكنهم كانوا مشغولين بشيء واحد ألا وهو الإصرار علي ممارسة الضغوط، بشكل مطرد علي المجتمع ظنا منهم أنه قد يصل بهم إلي حد الانهيار، وهذا أيضا مما يضاف لسجل جهالة الإخوان، الذين كما فصلوا أنفسهم عن التنوع المصري فصلوها عن التنوع الإسلامي فاعتمدوا الجمود والتصلب مبدءا وجوديا لهم، كما نهم علي المستوي الفكري انشغلوا بالمسميات لدرجة الهوس، أما المضامين فكانت ولم تزل لا تعنيهم مهما كانت وقحة، وكانوا ولا يزالون أيضا يعتمدون علي خلط الحق بالباطل والحقيقة بالكذب والافتراء، لان المشكلة ليست في وضوح الحق وحده ولا الباطل وحده ولكن في التباسهما مما دفع كثيرا من متواضعي الوعي والعلم والثقافة للانضمام لمعسكرهم.
ولكن عزاءنا انهم في كل يوم يخسرون أعدادا طائلة من هؤلاء الذين استطاعوا خداعهم من قبل ومما كان أيضا بالغ التأثير في تهاوي حكم الإخوان انهم لم يكونوا يؤمنون بالشباب فأعلنوا بذلك كفرهم بالمستقبل الذي كفر بهم أيضا وازاح أحلامهم من بين صفحاته واستكمالا لتلك الدلالات نقول باختصار، إنهم استطاعوا ان يفهموا المصريين أن أسوأ أنواع العنصرية هي ليست عنصرية الجنس أو النوع أو العرق بل العنصرية الدينية، وكما يقول العلم الحديث بأن الدماغ هو آلة قياس القيم، فإن تلك الآلة معطلة عند هذه الجماعة التي تعلي السمع والطاعة علي التفكير والتدبر وأخيرا وليس آخرا، كان مناط غضبنا وسخطنا علي هذه الجماعة حقيقة بسبب الفضيلة، التي ادّعوها ولم يمتثلوا لها، ولم ندعيها وامتثلنا لها كما امتثل جيشنا الوطني الباسل، ولكن يظل الخيار الصعب أمامنا ما قاله الزعيم الخالد مانديلا بأن إقامة العدل أصعب بكثير من هدم الظلم.
م. محمود مرزوق
رئيس حزب الإرادة