تخاريف .. مظلوم !
لا ينبغي أن تخجل من جراحك.
إن كل جرح في جسدك أو روحك شهادة بأنك كنت أكثر إنسانية من غيرك . أنك كنت المظلوم ولم تكن الظالم . جرحك هو حكم البراءة الذي تعطيه لك الأيام حتى وان لوثته دماؤك !
احمد الله على أنك جرح كبير . وأنك لم تكن السكين التي أحدثت هذا الجرح أو غيره . حاول أن تصدق أن السكين هي التي تتعذب وتتألم . أنت تستطيع إذا غالبتك الآلام أن تصرخ وتقول آه. السكين لا يمكنها . السكين جماد في البداية والنهاية . وفى كل طعنة قد تلتوي أو تنكسر وتكون نهايتها الأكيدة .
إن المجنون لا يعرف أنه مجنون . ولو عرف سيكون عقله قد عاد إليه وتخلص من جنونه . هكذا الظالم لا يعرف أنه ذبح وقتل . قد يشعر براحته وهو يشاهد دماء ضحيته . لكن هذه الراحة سرعان ما تنقلب إلى عذاب غامض يؤرقه ويصاحبه حتى الموت !
إن أفضل ما تفعله ألا تفكر في الجرح ومن جرحوك . لا يكفى أن تعمل على تضميد جراحك . إنما يجب أن تتناساها ثم تنساها تماماً وكأنها لم تكن . وأن تفسر أيضاً الظالم الذي أصابك بالسهام .
إن الصياد يتمنى أن يظل شبحاً يهدد الفريسة الهاربة ودماؤها تسيل . وأن تظل الفريسة دائماً في دائرة الخوف الجهنمية من الصياد الظالم . ومن السهام وآلام الجرح النازف .
لا تعط الذي ظلمك متعة مشاهدتك وأنت تتألم وتتعذب وتحتضر . إنه يشعر بالقوة وهو يمارس الشماتة
لقد اختلطت الدماء بالسهام . وحابل المظلومين بنابل الظالمين . واقتربت المسافة بين الطرفين حتى أصبحنا لا نعرف من الظالم ومن المظلوم . وحتى أصبح الظالم يحمل وجه ولسان المظلوم !
بعض الناس . أو ربما كثير من الناس . انتزعوا قلوبهم من صدورهم . ووضعوا مكانها حجارة صلبة وصخوراً جامدة .فأصبحوا بلا مشاعر ولا إنسانية . والحجر لا يعرف الحب . والصخرة لا تعرف الرحمة . فلماذا نتعجب من قسوة الذين ظلمونا . ونتساءل في دهشة كيف جاءتهم الجرأة على هذه القسوة؟
لكن لكل ظالم يوم !
ولابد له من لحظة يتجرع فيها نفس الظلم في وقت آخر ومكان آخر . وعلى يد شخص آخر . إنها حكمة « دائن تدان « التي ابتكرتها الحياة لمن يعيشون فيها . الدنيا تدور . والجرح قد يتحول إلى سكين . والسكين لابد له من يوم يصبح فيه جرحاً .
وهذه كلها ..
تخاريف .. واحد مظلوم !