حكومة الدكتور الببلاوي
تصاعدت موجة من الانتقادات والهجوم على حكومة الدكتور الببلاوي والتي مر على تشكيلها قرابة أربعة أشهر أو أكثر قليلا، ووصلت هذه الانتقادات في بعض الأحيان إلى درجة
المبالغة في السلبيات وقصور الأداء، وبحيث يبدو الأمر كما لو أنه لا توجد إيجابيات على الإطلاق في أداء الحكومة، ولذلك قد يكون من المفيد في تقييم أداء الحكومة أن يكون التقييم موضوعيا وواقعيا ودون مبالغة ويعتمد على مدى قدرة الحكومة على أداء المهام المطلوبة منها ومدى نجاحها في مواجهة الأزمات، ومدى قدرة الحكومة على التصرف والقيام بمهامها كفريق متكامل ومتجانس فضلا عن قدرتها على اتخاذ القرارات اللازمة والمناسبة ودون تردد طالما تقتضيها المصلحة العامة، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات التالية:-
أولا: الظروف الاستثنائية التي تعمل فيها الحكومة ،فهي حكومة تأتي في ظروف استثنائية يمر بها الوطن ومناخ من عدم الاستقرار السياسي، فالحكومة الحالية هي أول حكومة تتشكل عقب ثورة 30 يونيو،وفي مناخ من عدم الاستقرار السياسي سواء على مستوى المؤسسات السياسية أو على مستوى السلوك السياسي، حيث اتسمت البلاد في الثلاث سنوات السابقة بكثرة التشكيلات والتعديلات الوزارية عقب ثورة 25 يناير وبحيث إن عمر الوزارة كمتوسط خلال هذه الفترة لا يتجاوز خمسة أشهر مما يعكس ارتفاع درجة عدم الاستقرار على مستوى الوزارة كمؤسسة سياسية، كما يوجد أيضا عدم استقرار على مستوى رئاسة الدولة حيث شهدت البلاد أربعة أشكال من الرئاسة خلال الثلاث سنوات المنصرمة، كما أنه من خلال الشهور القليلة القادمة ستحدث الانتخابات الرئاسية الجديدة مما يعكس أيضا عدم الاستقرار على مستوى رئاسة الجمهورية في ظاهرة غير مألوفة في النظام المصري منذ أكثر من ستة عقود من الزمان،كذلك تعمل هذه الحكومة في ظل مناخ من الفراغ المؤسسي حيث لا يوجد دستور دائم، ولا يوجد رئيس جمهورية منتخب، ولا يوجد مجلس تشريعي ولا يوجد حزب حاكم وبطبيعة الحال فإن هذا الفراغ المؤسسي يجعل من مهمة الحكومة أكثر صعوبة رغم ما تضمه من وزراء يتمتعون بالخبرة والكفاءة والمهارة على المستوى الشخصي وربما يزيد من صعوبة المهمة الملقاة على كاهل الحكومة الحالية ارتفاع سقف التوقعات والطموحات لدى المواطنين بدرجة أكبر من قدرات الحكومة ويجعل الشارع سابقا للسياسة ويزيد من حدة المشاكل التي تواجهها الحكومة ،وقد تضافرت كافة هذه العوامل الاستثنائية للتأثير على قدرات الحكومة على الإنجاز والأداء،ويمكن أن يضاف إلى ذلك عامل آخر وهو قصر الفترة الزمنية منذ تولي الحكومة لمسئوليتها.
ثانيا: دور الحكومة في إدارة الأزمات، فالحكومة الحالية يمكن أن نطلق عليها اسم حكومة ادارة الأزمة،بمعنى أن الوطن يواجه أزمات متعددة وملحة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية ويتمثل الإنجاز الحقيقي للحكومة في مدى قدرتها على الإدارة الناجحة لهذه الأزمات وإيجاد الحلول المرضية من وجهة نظر المواطن العادي، ولعل هذا هو المعيار الأصيل للحكم ولتقييم أداء أي حكومة أي قدرتها على تسهيل الحياة اليومية للمواطن العادي في مختلف جوانبها، بالإضافة إلى مدى قدرة الحكومة الحالية على ترجمة مبادئ وأهداف ثورتي 25 يناير و30 يونية إلى واقع معاش يشعر به المواطن العادي
ثالثا: عدم القدرة على اتخاذ بعض القرارات اللازمة بحزم وقوة ،فهناك العديد من المشاكل في الشارع المصري لم تتخذ بشأنها القرارات الحازمة واللازمة من جانب الحكومة حتى الآن مثل الفوضى المرورية، وتعطيل الطرق والمحاور المرورية الهامة نتيجة المظاهرات، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة البناء على الأراضي الزراعية دون تطبيق القانون بحسم وحزم،فضلا عما تشهده الجامعات المصرية من أعمال عنف ومحاولات لتعطيل الدراسة ،فضلا عن فوضى البيع والشراء والتي تشهدها شوارع العاصمة والمحافظات.
ويمكن القول إن الحكومة الحالية تحتاج إلى مزيد من الاهتمام بالمشاكل الجماهيرية ومزيد من الحسم في اتخاذ القرارات اللازمة ومحاولة التواكب مع رغبات وتطلعات الشعب، وأن دور ووظيفة الحكومة حتى رغم محدودية فترتها الزمنية هو أن تجعل حياة المواطن العادي أكثر سهولة وتعالج الأزمات بإدارة ناجحة وهذا هو المعيار الصحيح لتقييم أداء أي حكومة.