رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثلاثية الأمن القومي

من أخطر القضايا التي واجهت مصر هى التحزب البغيض، والعصبية العمياء التي تملكت نفراً من أبناء مصر، وغلفت مضمونها بغلاف ديني يخفي الحقيقة، ويطمس الأغراض، ومما زاد من هذه الخطورة توغل بعض هؤلاء المتعصبين،

وتملكهم لأماكن مهمة وصلت الى حد الإشراف على انتخابات أعلى سلطة في البلد، مما فتح الباب لخراب عم البلد، وتجاوزات هنا وهناك أدت في النهاية الى 30 يونية.
وعلى الجانب الآخر فإن غياب هذا التحزب الأعمى وازدراءه، وحلول القلب الطاهر مكانه، وولاءه النفسي للناس وللأرض التي تحملهم، والسماء التي تظلهم، أنجحت الثورة الثانية، وأمنتها وحمتها من الغل والأنانية.
من أجل هذا، كان واجباً علينا أن ننبذ تلك العصبية البغيضة، وأن نتأسى برسول الله حين رحب بنصارى نجران أيما ترحيب، بل حين دعاهم الى الصلاة على طريقتهم في مسجده بالمدينة، وعلينا ألا نسمح للمغلولين بأن يتمادوا في غيهم، ويرجعوا الى تدمير البلاد وإشاعة الفوضى، ولنع جيداً أن علم النفس قد فسر ظاهرة التعصب والمتعصبين بأنهم لا يكتفون بالمعرفة وحشد النفوس بهذه المعرفة، بل يتعدونها ويستعينون بها في سلوكياتهم، وما أدراك ما هذه السلوكيات التي تجر الى نبذ للغير وانكار للتعاون، ورفض للمشاركة، وما تفرزه آخر الأمر من اجبار على تشتيت الجمع والبعد عن الهدف الموحد الذي يوصل الى بر الأمان، والأدهى من ذلك ليس فقط في محاولة السلوك، بل الإصرار عليه وعلى اتباعه مهما كان الثمن، للدرجة التي جعلت أحد المتعصبين الاشتراكيين، ينادي في سبيل تحقيق المآرب بهدم الجيش كله، وعن بكرة أبيه، حتى تنهد الدولة، وحتى يبني هو ورفاقه دولة جديدة على أنقاض الدولة القديمة، بمن فيها من ناس، وما على أرضها من زرع وضرع.
أبعد هذا، نرضي بالتعصب، وما يجره علينا من فرقة وكراهية! كلا بالطبع، وإذا كنا نرضى بهذا ممتعضين في بعض من أركاننا ومؤسساتنا، فإننا لا نقبلها بل نرفضها كل الرفض في ثلاثية الأمن القومي، التي تتمثل في الجيش مع القضاء والشرطة، إذ كيف نرضى بقاض متعصب يحكم بين خصمين أحدهما حليف له عقيدة وسلوكا، أو كيف نقبله وهو يهيمن على انتخابات فيها أحد من حوارييه، وأليس من المعقول أن يتصيد الأخطاء لمعارضي أفكاره ليتخلص منهم ومن آرائهم. وكذلك رجل الأمن - شرطة كان أو

جيشاً - كيف نأمن إخلاصه وحمايته لناس لا يشاركونه أفكاره أو غله الدفين، بل كيف يقوم وقت الشدة لينفذ الأوامر، ويطيع الرؤساء، وهو ومعتقداته في واد، والقوم في واد آخر، أليس طبيعيا أن يعلن العصيان كما يحدث في سوريا العربية.
وتصديقا لما أقول، ما حدث في العام الماضي من محاولات، وما نفذ من مخططات رمت كلها الى غزو الثلاثية، فرأينا اللوائح تخترق أثناء القبول في مؤسساتها، وشاهدنا من كان لا يقبل الا بتقدير «جيد» أصبح يقبل بتقدير «مقبول» ولمسنا من كان لا يقبل إلا إذا تخرج في سنة أو سنتين قبل طلب الوظيفة، يُقبل على العين والرأس من تخرج ثلاثة عشر عاما قبل التقديم، بل وجدنا التحري اللازم في بعض الوظائف بعد أن كان يصل حتى أقارب الدرجة الرابعة، يختصر الى الثالثة، بل لقد حذف برمته في أحوال كثيرة رغما عن أن هذا التحري يبحث عن النزاهة والشرف، ويتقصى العقيدة الخالصة لوجه الله، وعن الإيمان بالوطن والحب العميق لسكانه، ليس هذا وحسب بل لقد كنا على شفا مخططات يتم فيها التلاعب في تشكيل لجان لكشف الهيئة والكشف الطبي وغيرها من الكشوفات التي تعقد لاختيار أفضل المقبولين ذهنا وبدنا، لولا أن الله سلم، وجاءت 30 يونية لتصحح الأوضاع، فما علينا نحن الآن إلا أن نضع نصب أعيننا لحماية القبول في ثلاثية الأمن لتدعم استقرارنا، وتؤمن نشاطنا في كافة مجالاتنا، وتؤدي في نهاية الأمر الى خلق مصرنا القوية المصانة من كل شر.