رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عقدة اللمبي: السبب الرئيسي في فشل الإخوان

حقق الإخوان شهرة كبيرة عبر ثمانين سنة قاموا فيها بدور الكومبارس. لم يكن الإخوان كومبارس عاديين بل كانوا كومبارس استثنائيا. استعان بهم علي ماهر في مغازلة المحور واستعان بهم القصر والإنجليز في إضعاف حزب الوفد المصري. وفي فجر جمهورية يوليو وجدوا لأنفسهم مكانا متميزا، أرادوا استغلاله لسرقة دور البطولة من جمال عبدالناصر. لكن نجومية عبدالناصر كانت تيارا عاصفا جارفا لم يقدروا على مواجهته، فانتقلوا من دور الكومبارس المحلي لدور الكومبارس الإقليمي وساندوا النظم الخليجية وغرقوا في ظلالها.

وفي محاولة أنور السادات إعادة صياغة الدور المصري جاء بهم ليبني جسورا مع الرجعية في الداخل والخارج. وأعطاهم دورهم ضد حافظ الأسد في سوريا ثقلا خاصا، لكن دورهم في أفغانستان بمباركة مصرية وخليجية جعل منهم كومبارس عالميا. وطوال عهد مبارك كان الكومبارس الإخواني ملتزما بتعليمات النظام، ويقال إن بعض قيادات الإخوان كانوا يحصلون على مكافآت مالية من جهاز الأمن. لكن المكافآت السياسية كانت أهم، وكان أخطرها هو حصولهم على حق خوض الانتخابات البرلمانية تحت شعار يخلط الدين بالسياسة، وهو أمر لم تعرفه دولة سنية في تاريخها كله، منذ خلافة أبي بكر وحتى عهد مبارك. ويلي ذلك في الأهمية –ويترتب عليه- أن مبارك جعل منهم المعارضة الوحيدة وحجم بهم كل قوة سياسية أخرى، ديمقراطية كانت أو متأسلمة.
وفي نهاية عهد مبارك الذي طال حتى أصاب الوهن النظام وحلفاءه وخصومه لم يكن في الساحة مرشح لوراثة مبارك سوى من اختارهم وقربهم: مجموعة جمال مبارك والإخوان. وهكذا فعندما اكتسح الغضب الشعبي مجموعة جمال مبارك لم يبق من فلول مبارك سوى الإخوان فقفزوا إلى الحكم دون تبصر، دون أن يحسبوا حساب جهلهم المطبق لا بالحكم فقط بل وبعصرهم الذي يعرفون عن القرون الوسطى أكثر مما يعرفون عنه. وربما –أقول ربما- كان من الممكن أن يكتشف الإخوان نقاط ضعفهم وأن يحتفظوا بدور البطولة الذي انتزعوه في لحظة السيولة التي بدأت في 28 يناير 2011 لو أن جهاز أمن الدولة القديم بقي في موقعه ووافق على أن يواصل توجيههم وإرشادهم.
وهذا احتمال ضعيف على أية حال لأن جهاز أمن الدولة القديم كان يعمل وفق سياسات انتهت صلاحيتها، ولأنه لم يكن يرى في الإخوان أكثر من كومبارس وهذا وضع الإخوان في موضع لم يسبق أن وضعهم فيه تاريخهم الطويل: موضع من يتحرك بإرادته ووفق رؤيته. فكانت الكارثة. ويذكرنا الصعود المذهل لجماعة الإخوان في دنيا السياسة بقصة مشابهة مازلنا نتابع تطورها في عالم السينما:
لقد شهد القرن الحالي صعودا مذهلا لممثل سينمائي مغمور عاش 19 سنة في دور الكومبارس ثم أصبح، فجأة، ممثلا أول يحقق إيرادات مذهلة. فهل يريد الإخوان (هل يصرون) على أن يحققوا في السياسة ما حققه اللمبي في السينما؟ أعرف أن سقف ثقافة الإخوان ليس أعلى من الأفلام الشعبية بدليل رؤاهم السقيمة للفن والثقافة، لكن ألا يعلمون أن اللمبي بعد أن حقق مركزا متميزا تجاوز به عمالقة

السينما في زمانه، شبع كثير من الناس –وليس كل الناس طبعا- من الوجبة الوحيدة التي يقدمها في كل فيلم له؟
على أية حال اللمبي الإخواني يختلف عن اللمبي السينمائي في عدة أمور أهمها أنه بعد انتزاعه البطولة المطلقة أراد ان يفعل شيئا غير مسبوق لا في تاريخ السياسة ولا في تاريخ السينما والمسرح: أراد أن يكون هو البطل والمؤلف والمخرج (المنتج قطري). والأغرب أنه أراد أن يحتل هو وحده مقاعد الجمهور. شىء آخر يختلف فيه اللمبي الإخواني عن اللمبي السينمائي، وهو أن ظهور المعدن الطيب للمبي السينمائي هو خاتمة كل فيلم له. أما اللمبي الإخواني فيكشف كل يوم عن ملمح مخيف ومنفر في شخصيته، فهل نقرأ في 30 يونيو المقبل كلمة «النهاية»؟
كل من تحدثت إليهم من فلاحين وسائقي تاكسي وبقالين وركاب في قطارات المترو وصحفيين وكتاب ومحامين وناشطين سياسيين لا يتوقعون نهاية قريبة وسهلة، بل يتوقعون أن يفضي الفيلم الإخواني المزعج إلى فيلم إخواني مخيف. لكني أقول للإخوان ولأشياعهم: كلما كانت مقاومتهم للرفض الشعبي عنيفة كلما كانت نهايتهم مؤلمة لهم ولنا. والخروج العنيف من المشهد السياسي قد يكون خروجا بلا عودة.
ورغم عدم ثقتي بالإخوان في مصر والعالم العربي فمازالت آمل أن يضرب لهم إخوان تركيا المثل في أن يفهموا أن باب السلطة في مصر أصبح –بعد مبارك– بابا دوارا يستخدم للخروج والدخول المتكررين، وأن شعار السلطة أو الموت، وهو شعار السوفيت في روسيا، سابقا، والملالي في إيران، حاليا، لم يعد سوى نوع من الانتحار السياسي السريع.
ولو أن اللمبي يقود مكتب الإرشاد لأمر «كومبارس الإخوان» الموجودين في قصر الاتحادية بمغادرته حتى يحتفظ بفرصة العودة لمن قد يظهر مستقبلا من «نجوم الحرية والعدالة» إذا تحولوا من عبادة الماضي إلى صناعة المستقبل. لكن المصيبة أن قيادة الإخوان لا تملك موهبة اللمبي، الفنان الناجح والقادر على البقاء، وتريد لفيلمها المزعج والمخيف أن يستمر بلا نهاية، تريد الانتحار السياسي السريع.