رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صراع السلطات أم توازنها؟

السلطات المقصودة في هذا السياق هي سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وكما هو معروف فإن السلطة التشريعية تتولى عملية سن القوانين والتشريعات، بينما تقوم السلطة التنفيذية بمهمة تنفيذ القانون وتتولى السلطة القضائية الحكم بموجب القانون، ولهذه السلطات في الدولة الحديثة والمعاصرة أهمية كبرى، فالدولة لا تتواجد ولا تستمر دون هذه

السلطات، كما أن العلاقة بين هذه السلطات وبعضها تحدد شكل نظام الحكم في الدولة المعنية وهل هو نظام برلماني أم رئاسي أم مختلط أم نظام حكومة جمعية، حيث إن لكل شكل من هذه الأشكال سمات وخصائص تحددها طبيعة العلاقة بين السلطات، كما أن علاقة السلطات ومدى فصلها أو تركزها تحدد مدى ديمقراطية النظام أو سلطويته،وتحدد أيضا إلى أي درجة تجتمع السلطات في شخص أو حزب أو جهة واحدة أو تكون منتشرة وموزعة.
ويفترض أن تكون العلاقة بين هذه السلطات علاقة تآزر وتناغم لأنها تنتمي جميعا في النهاية إلى نظام سياسي واحد وليس عوالم مستقلة، ولذلك فإن المشكلة الحقيقية تظهر عندما تقف هذه السلطات من بعضها البعض موقف التناقض والصدام، فحدوث تناقض أو صدام بين سلطتين أو أكثر ينعكس سلباً بالضرورة على النظام بأكمله وعلى درجة الشرعية والإستقرار المتحققة لهذا النظام، وقد شهدت مصر في الفترة الماضية درجات وأشكالاً مختلفة للتناقض والمواجهة بين السلطات مثل التناقض بين السلطتين التنفيذية والقضائية، أو بين السلطتين التشريعية والقضائية وربما توجد بعض العوامل التي ساعدت على حدوث هذه التناقضات في مصر  في الفترة الماضية وأهمها ما يلي:
1 - حدوث غير المتوقع على المستوى التشريعي، ويقصد بذلك أنه كان من المتوقع عقب حل مجلس الشعب ووفقاً لما ورد في الدستور أن يتولي مجلس الشوري المهام التشريعية لفترة مؤقتة وقصيرة لحين اجراء الانتخابات النيابية، وكان المتصور أن هذه الفترة الزمنية قصيرة، كما أن مجلس الشورى لن يلجأ إلى التشريع إلا في حالة الضرورة، ولكن نظرا لـتأجيل الانتخابات النيابية فقد طالت الفترة الزمنية أكثر مما كان متوقعاً، كما أصدر مجلس الشورى تشريعات في مختلف الأمور والقضايا مما أثار اعتراض عديد من القوى السياسية والأحزاب التي رأت أن التشريع لم يكن أصلا من مهام مجلس الشورى فضلاً عن انخفاض نسبة المشاركين في انتخابه، بالإضافة إلى كون ثلث أعضاء المجلس من المعينين.
2 - كما أسهمت طبيعة القوانين التي أصدرها أو ناقشها مجلس الشورى في إثارة مزيد من التوتر والتناقض بين السلطات ومن ذلك على سبيل المثال: قانون مباشرة الحقوق السياسية، ومشروع قانون القضاء وما يترتب على ذلك من توتر بين السلطتين التشريعية والقضائية، وربما يمكن تفسير ذلك بأن قيام مجلس الشورى بالمهام التشريعية هو من قبيل الاستثناء، ووفقاً للمبدأ القانوني المعروف فإن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فيه، ولكن نتيجة للإسراف التشريعي من جانب الشوري فقد يكون ذلك مسئولاً عن التوتر بين السلطات إلى حد ما، وكما أن عدم التقبل لبعض القوانين والتشريعات الصادرة عن مجلس الشورى سواء من سلطة أخرى أو من جانب العامة يمكن أن يؤثر على الشرعية وعلى درجة الاستقرار السياسي.
3 - وقد جاءت أحكام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون الذي أجريت على أساسه انتخابات مجلس الشورى لكي تضيف

بعداً جديداً يؤثر على طبيعة وشكل العلاقة بين السلطتين التشريعية والقضائية، فالحكم يعني بطلان المجلس وحله، ولكن المحكمة أوقفت تنفيذ الحكم لحين إجراء الانتخابات النيابية، وربما كان الفهم المختلف لكل طرف من الأطراف السياسية للحكم ودلالته سبباً جديداً في إثارة التوتر بين السلطات، وكذلك التوتر بين الأطراف السياسية المختلفة.
وقد أدى هذا التوتر في العلاقة بين السلطات وانعكاسه بالضرورة على القوى والأطراف السياسية المختلفة إلى زيادة حالة الاستقطاب السياسي والانقسام الذي تعاني منه البلاد، حيث إن هذه الانقسامات تنعكس بالضرورة سلباً على السلطات، كما أن التوتر بين السلطات ينعكس سلباً على القوى السياسية وتستمر هذه الحلقة السياسية المفرغة تطرح آثارها على الاستقرار السياسي وعلى شرعية النظام بأكمله، ولذلك فمن الصعب تحقيق الاستقرار السياسي المنشود دون أن تعود الأمور إلى طبيعتها بين سلطات الدولة المختلفة، بحيث يتحقق بينهما التعايش السلمي الذي تعمل وتتعاون في إطاره السلطات تحقيقاً لمصلحة الوطن وتمارس كل سلطة من السلطات وظيفتها الأساسية دون تربص أو مواجهة مع السلطات الأخرى أو تدخل في أعمال هذه السلطات وتكون العلاقة علاقة تعاون وتآزر بحيث يكون المبدأ السائد هو الضبط المتبادل بين السلطات، بمعنى أن السلطة تضبط السلطة وتوازنها تحقيقاً لمصلحة الوطن وتدعيما للديمقراطية.
ويمكن الحديث عن أشكال مختلفة للعلاقة بين السلطات وخصوصاً العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في مصر في الفترة القادمة وتعتمد هذه الأشكال على القوة النسبية للسلطتين التشريعية والتنفيذية وذلك على النحو التالي:
الشكل الأول: يعبر عن قوة السلطتين التشريعية والتنفيذية مما يعكس وجود درجة من التوازن بين السلطتين.
الشكل الثاني: يعبر عن قوة السلطة التنفيذية وضعف السلطة التشريعية وذلك استمراراً لما كان سائداً في عهود سياسية مختلفة.
الشكل الثالث: قوة السلطة التنفيذية واستقرار أو عدم استقرار السلطة التشريعية.
ويتوقف تحقيق أي شكل من هذه الأشكال على عوامل متعددة أهمها طبيعة العلاقة بين القوى السياسية المختلفة، ودرجة المشاركة السياسية، ومدى تحقق الاستقرار السياسي، وطبيعة الوضع الاقتصادي، بالإضافة إلى مدى تحقيق أهداف الثورة، والمطلوب في جميع الأحوال تجنب صراع السلطات وصدامها وتحقيق التعاون والتآزر والتوازن بين السلطات حفاظاً على المصلحة العليا للوطن.
أستاذ العلوم السياسية