رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«أنا العبد الفقير إلى الله وليس إلى المرشد»

أنا العبد الفقير إلى الله سبحانه وتعالى وكل بني الإنسان فقراء إلى الله تعالى يطلبون عونه على حياتهم الدنيا التي يعيشونها.

أذكر وأنا في الثالثة عشرة من عمري تقريباً أني رأيت على محطة سكة حديد مدينة كفر الشيخ شحاذا ضريراً يمشي على رصيف المحطة وهو ينادي بصوت رخيم لم أنسه إلى اليوم طالباً المساعدة.. وكان يدعو بهذا الدعاء «طالب من الله ولا يكتر على الله ستة صاغ والغدا وواحد كمان يلمهم».. واستوقفتني العبارة وأخذني مظهر الرجل الذي يبدو لا بأس به. لكنه يمشي على رصيف المحطة ولا يمل أن يدعو بهذا الدعاء ويكرره، ووقفت أرقب الرجل والناس.. ورأيت أنه قد جمع أكثر من المطلوب فدنوت منه وقلت له في صوت خفيض يا عم.. أنت لميت أكثر من اللي طلبته.. بطَّل تطلب بقى. فانتفض الرجل في غضب وهتف ناهراً.. هوه أنا باطلب منك يا وله أنت!! أنا بقول طالب من الله. أمشي روح لحالك.. صدمتني كلمات الرجل الحادة لكنها دفعتني للتفكير.. فجلست على كنبة للمسافرين أراجع الموقف برمته.. ورأيت أن الرجل على حق فهو لا يطلب من أحد ولا يستوقف أحداً.. بل يطلب من الله. وهو مثل باقي الخلق فقيرا إلى الله ولم يخجل من أن يطلب مساعدته جهاراً عياناً..
أذكر هذه الواقعة الآن وأنا أرى بلدي وأهلها يأخدهم الفقر ويعتريهم العوز وحتى إن لم يفصحوا عن ذلك، فالخراب الذي حل ببلدهم يفضحهم ومؤسسات الدولة وأعمدتها الرئيسية التي تتهاوى يوماً وراء الآخر تكشف سوأتهم وحدود الدولة المهددة بالاعتداء أو الاجتياح تدمي قلوبهم وهم وقوف جميعاً على محطة القطار الذي لا يأتي.. قطار الإصلاح الذي تمنوه وفدوه بأرواح شبابهم وبكل قطرة أمل في قلوبهم.. القطار لن يأتي وحالهم يتزايد بؤساً وفرقة وضياعاً وخوفاً من أنفسهم ومن بعضهم البعض وقلقاً عارماً من المجهول الذي ينتظرهم وبلدهم العريق الموغل في القدم.
هل أقف معهم على محطة قطار السكة الحديد وأنادي نداء الشحاذ الضرير وأقول «طالب من الله ولا يكتر على الله ست رجالة بحق وحقيق.. وواحد يكون هو الأمل والخلاص.. يلمهم» وأطلب في دعواي وأنا الفقير إلى الله أن يكونوا رجالاً بحق وحقيق.. شرفاء.. مخلصين لوطنهم وشعبهم. خرجوا من طين مصر وارتووا حتى شبعوا من نيلها الخالد، يمسكون معاً دفَّة سفينة الوطن المعوجة فيعدلون حالها.. يتوزعون على الوزارات الهامة فيحيونها بعد موات.. يكون همهم وشاغلهم الأول والآخير مصر.. مصر فقط والمصريين.. لا ينتمون لأحد إلا لوطنهم.. ولا يجاملون أحدا إلا إذا كان في مصلحة شعبهم.. المصري عندهم غايتهم ومصر في نن عنيهم وفي حبات قلوبهم والمصريون كلهم عندهم سواء لا فرق في لون أو دين.. كل المصريين أبناء وطن واحد لهم كل الحقوق الذي يكفلها الوطن لأبنائه.. وأزيد فأدعو ربي أن يكونوا إلى جانب وطنيتهم الخالصة وحبهم الشديد لبلدهم مصر أن يكون كل منهم عالماً في فرع من فروع المعرفة التي سيحمل عبئها على كتفه.. عالماً

.. فاهماً.. قوياً.. صلباً في الحق.. عطوفاً على الشعب خاصة البسطاء والمهمشين.. أما الذي يلمهم في باقي الدعاء فهو القائد الملهم الذي تنتظره مصر.
يأتي القائد الملهم المصري ليقود السفينة إلى بر الأمان ومعه هذا النفر المخلص الذي دعونا به ليعيدوا معاً الأمل للناس والبسمة للشفاه الحزينة والأمن والأمان والعزة التي افتقدها المصريون نريد رجالاً مخلصين مؤمنين ببلدهم يعيدون لنا وطننا ويحافظون عليه من الغدر والخيانة.. يثبتون لنا صدق ما ردده الأقدمون من أن مصر حلوة طيبة وأن من بناها كان حلواً.. كان في الأصل حلواني.. حلواني كما يقول المثل.. حلواني اختار أن يبنيها حلوة لكل الأزمنة والعصور.. لا أريد أن أتخيل القائد الملهم وحوله الرجال المخلصون فقد يتبادر إلى ذهني صورة سعد زغلول ورفاقه أو جمال عبد الناصر ورجال ثورته.. لكني سأترك لله أن يختار من المصريين ما دعوته به فمصر ولّادة وقادرة أن تستجيب لمشيئة الله ولدعواتي له أنا وكل المصريين وسوف تخرج مصر من بين فلذات أكبادها من يعيدوا البسمة ويحققوا الأمل ويرفعوا الكابوس ويمنعوا الخراب ويوقفوا العبث الذي استشرى في المحروسة أم الدنيا الحلوة.. إن الله عز وجل يحب من عباده أن يدعوه وإذا أخلصوا في الدعاء ضمن لهم الاستجابة.. «وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان» صدق الله العظيم. وهأنذا أدعوه وأطلب منه سبحانه وتعالى كشف الغمة وأشكو له أن الذين يحكمون مصر ويتحكمون في وطني ليست بأيديهم فئوس يحرثون بها الأرض لتنبت الزرع والثمر ولكن بأيديهم معاول كانوا خبئوها سنوات وسنوات في مجاهل الظلمات.. لكن مصر حلوة.. والله اختصها بالذكر في كتابه الكريم وهي أرض الحياة بنيلها وأرض المحبة بعنصري شعبها الأصيل المسلم والمسيحي.. وكما قال جبران خليل جبران «المحبة لا تعطي إلا نفسها ولا تأخذ إلا من نفسها. لأن المحبة مكتفية بالمحبة»، أدعو الله أن تعود المحبة لقلوبنا وأن تعود مصر لنا كما نحب أن تكون.

[email protected]