رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ماذا يحدث للمصريين في اليونان؟

هالني ما رأيت وسمعت عن أوضاع المصريين المغتربين في اليونان، لقد رأيت وسمعت عجباً، وقد كنت أتصور أن اليونانيين أصحاب الحضارة العريقة لا يمكن أن ينزلوا إلى هذا الدرك من الأخلاق وإلى تلك الأفعال الشاذة الشائنة التي تسيء إليهم وإلى تاريخهم الحضاري والثقافي العريق، لكن ماذا نقول ونحن في زمن غث، لقد نشأت في اليونان تيارات متشددة متعصبة دموية أهمها التيار الجديد المسمى بالحزب النازي الجديد والذي يطلق على نفسه «الفجر الذهبي»،

وهذا الحزب العنصري المتشدد كاره لكل غريب على أرض اليونان وخاصة المصريين، فهو يضطهدهم بعنف وقسوة وصلت إلى حد القتل وهو ما حدث للمصري الشيخ محمد سلام وهو شاب خريج الأزهر الشريف وكان يعمل هناك في مركز لتجميع الخردة، وفي غير أوقات العمل كان يؤم المسلمين من المصريين في المسجد المقام في أثينا ويخطب فيهم خطبة الجمعة أيضاً، ورغم أن المصريين كانوا كارهين للإساءة للإسلام ولرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، فقد تعدي الأمر ذلك إلى الضرب المبرح والإيذاء لهذا الشيخ الشاب الذي ألقوا به في مقلب قمامة ظناً منهم أنه فارق الحياة.. وكان في غيبوبة استمرت ثمانية عشر يوماً بعد الواقعة حتى مات.. أمثلة صعبة وفجة وبشعة لما يلاقيه المصريون في اليونان من هذه العصابة الدموية النازية، ويبدو أن هذا الحزب النازي الجديد يجد من يسانده سياسياً، فلم يحدث أن انتقده أحد من الساسة أو الأحزاب المعروفة رغم العديد من الاعتداءات البشعة على المصريين والمسجلة في محاضر رسمية، ومنها على سبيل المثال فقء عين المصري «حامد حمودة» الذي هاجمه عدد من أعضاء «الفجر الذهبي» في الشارع وأوسعوه ضرباً حتى فقد إحدى عينيه وتركوه بين الحياة والموت. بل إن المصريين المضطهدين يرون أن الشرطة اليونانية لا تحرك ساكناً في كل ما يحدث لهم وحتى عندما يتقدمون ببلاغات للشرطة، فإن أمراً لا يحدث لدرجة أنهم يعتقدون أن الشرطة اليونانية تحمي هذه الجماعة أو أنها تخاف منها ولا تحب أن تحتك بها تجنباً للمشاكل، أما الحكومة اليونانية فبرغم علمها بما يحدث للجالية المصرية من نكال فهي أيضاً ودون من طين وودن من عجين كما يقال.. ومما آلمني بشدة المشهد البشع المصور للشاب «وليد طلب» والذي يعمل في مدينة يونانية ساحرة تدعى «سلامنيا» وهي ليس لها من أسمها شيء.. هذا الشاب ضرب ضرباً مبرحاً أعجز عن وصفه من قبل النازيين الجدد.. وتم تعليقه من قدميه كالذبيحة وأقامت هذه الجماعة البشعة حفل تعذيب للشاب لا أستطيع وصفه لبشاعته دون أن تتدخل الشرطة لإنقاذ الفريسة حتى انتهي الحفل وسقط الشاب فتركوه متيقنين موته، ولكن كتب الله له النجاة بعد ما مُثِّل به. والأمثلة البشعة كثيرة لا يتسع المقال لها.
لكن الغريب أن هذا الاضطهاد العنصري والذي بدأ بكل الغرباء من كافة الجنسيات اقتصر آخر الأمر على المصريين الغلابة فقط والذين يكدحون لتوفير لقمة العيش.. حيث

يضربون ويسحلون وتسرق أموالهم وتحرق محلاتهم وتنهب إلخ.. أما أغلب الجنسيات الأخرى فقد وقفت سفاراتهم وقفة صارمة تجاه ما يحدث.. مما جعلت الأيدي الباطشة تبتعد عنهم وتركز على المصريين الذين لا يجدون من يدافع عنهم.. أما السفارة المصرية فهي نائمة في العسل كما يقال على ألسنة المصريين هناك بل إنهم حاولوا مراراً الاقتراب منها وبث شكواهم فلم يتمكنوا من لقاء أي مسئول.. وضربت الشرطة اليونانية بسياج دونهم ودون سفارة بلدهم مصر.
ومما يعجب له المرء أن مصر الحضارة والتاريخ احتضنت جنسيات كثيرة عاشت على أرض الكنانة وشربت من نيلها واطمأنت للشعب المصري المضياف بل إنها ربما صاهرته واختلطت به.. وهل ينسى أحد الجالية اليونانية الكبيرة في مصر والتي مكثت عقوداً كثيرة تعيش في أمن وأمان وتباشر أعمالها وتجارتها الرائجة خاصة في الإسكندرية والقاهرة ومدن السواحل الأخرى، لقد كنت أذهب إلى النادي اليوناني بالإسكندرية والقريب من قلعة قايتباي وأجده مكتظاً باليونانيين وكانت لهم مدارسهم ودور عبادتهم ومستشفياتهم ومازال المستشفي اليوناني بالعباسية يعمل إلى اليوم، ومازال النادي اليوناني بمنطقة الأسعاف موجوداً ونشطاً إلى اليوم، وكانت أنشطة اليونانيين في التجارة وغيرها مصونة ومحبوبة من المصريين، فكم كنا نحب أن نشتري من حلواهم ومن أنواع الجُبْن التي يبرعون فيها فضلاً عن حرفتهم في الصيد وطهي الأسماك وغيره من الأنشطة، فهل يقابل الشعب اليوناني هذا الكرم المصري وهذه النخوة المصرية التي امتدت عقوداً عديدة مضت بهذه القسوة على المصريين المغتربين في بلاده، حتى وإن كانت هذه القسوة وتلك الهمجية من جماعات متطرفة حديثة نشأت مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة والتي تفتك باليونان.. لا.. لا وألف لا.. بل على حكومة اليونان وشعب اليونان معاً أن يفيقا من غفوتهما أو غفلتهما وأن يتحركا معاً وبسرعة لحماية المصريين أُسًراً وأفراداً والمقيمين على الأرض اليونانية في العاصمة وغيرها.. وأن تتذكر اليونان أن مصر كانت ومازالت الحضن الكبير لها ولشعبها على مدار التاريخ الحديث.

[email protected]