عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«لن أنسى أنني مصري»

أبدا لن أنسى أنني مصري – لن أنسى أنني المصري فريد عصري أبيع روحي لأوطاني. لن أنسى أنني ابن أم الدنيا. ابن الحضارة الأولى في العالم. ابن مصر الخالدة الذكر. ابن مسرى الأنبياء وحاضنة الإسلام – لو نسيت أني مصري ما كان لحياتي على أرضها من قيمة. لو نسيت أني مصري ما كان لتضحيات آبائي من قبلي وأولادي في هذ الجيل من معنى.

أقول هذا لأني أرى بلدي ينهار أمام عيني. بلدي تتهاوى. كل طبائعها الحلوة والتي عشتها سنوات طويلة من عمري تضيع الآن وتذهب ولا أعرف إن كانت ستعود  أم لا. وأتساءل: أأخلاقيات مصر والمصريين مسافرة وستعود. أم أنه سفر بلا عودة. ماذا حل بك يا بلدي؟ لماذا استوحش الناس فيك؟ لماذا تتحجر القلوب يوما وراء الآخر؟ لماذا تتضاءل البسمة والنكتة على الشفاه والأفواه لتحل محلها الكآبة والحزن المغموس بالآسى والإحباط. شبابك يسيل دمه ونساؤك وبناتك ورجالك يتعرون وتنكشف سوأتهم ويسحلوا إما على الأرصفة والشوارع وإما في حجرات التعذيب. ويصل الأمر ببعضهم حتى الموت. التعذيب البشع غير الآدمي أضحى أسلوباً وتنتهي به حياة الأبرياء من شبابك الغض. من استبدل الرحمة بالقسوة؟ من استبدل الحب بالكراهية؟ من استبدل الأمان بالخوف؟ من استبدل الرعب بالأمن؟ من استبدل الحياء والاستحياء بالفظاظة وقلة الأدب. من استبدل البسمة والنكتة التي هي إحدى خصائص أبنائك يا بلدي بالكآبة والعبوس والإحباط من كل شيء. من الذي جعل المصريين يسرفون فيضرب بعضهم بعضا ولا يستحيون فيقذف بعضهم الآخرين. من الذي جرّأ الشباب على فعل المنكر فامتدت أيادي بعضهم لتتحرش باخواتهم من البنات والنساء في الشوارع والميادين. ووصل الأمر للتعري والاغتصاب. من استبدل الرحمة والمودة بالقسوة. من أقفل شبابيك النور فعم الظلام واستشرت الفوضى فيكي يا بلدي الذي عاش الدهر في أمن وأمان. أهذه مصر التي قال الله فيها «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين» صدق الله العظيم وذكرها في كتابه العزيز في أكثر من موضع. مصر لم يعد يدخلها أحد الآن لا عرب ولا عجم. لا مسلمين ولا غيرهم للأسف. والسؤال الآن. من يعمل على قهر المصريين وإضعافهم أمنيا واقتصاديا وإنسانياً وغيره ولماذا؟ حقا لقد تنكبنا الطريق. هب الشباب يطلب لوطنه وللمصريين العيش الكريم والحرية الحقة والعدالة الاجتماعية والإنسانية ولم تفرق هبة الشباب يوم 25 يناير 2011 بين عنصري الأمة. المسلم والمسيحي. بل كانا على قلب رجل واحد. واشرأبت أعناق الدنيا وتطلعت العيون للأمل. الأمل في غد مشرق وضّاء الجبين. لكن الطريق ضاع من تحت الأقدام بفعل فاعل.

وتحول عن الهدف. وانشق طريق آخر ليس طريقنا. له بداية ولا نعرف له نهاية. طريق غريب على المصريين. لم يعرفه الشعب يوما طوال عمره المديد وها هي مصر في طريقها الجديد الغريب عليها تتهاوى وتضيع على يد من اغتصبوها وقهروها وجروها إلى طريقهم الوعر. وها نحن نبكي مصرنا بدل الدموع دماً. دما نبكيه ودماً يراق يوما وراء الآخر. والغمة قائمة معاندة لا تنقشع. تتحدى مصر والمصريين. وتفرض وصايتها وأسلوبها البغيض المغاير تماماً لما عاشه شعبنا بشقيه عبر السنين. أيريدوننا أن ننسى أننا مصريون؟! أيريدوننا أن ننسلخ من جلدتنا وأن ننسى طبائعنا الحلوة وشمائلنا الفريدة بين الأمم والشعوب؟! لا أبداً لن يكون. حقاً أرى أنه لم يعد للحق «بق»، يدافع عنه. لكننا أبداً لن ننسى من نكون. حتى بعض الشباب الذي دفعه الإحباط والغضب إلى الانتحار يأساً وقنوطاً. والبعض الذي راح إلى محاولة النسيان بالانغماس في الإدمان. حتى هذا الشباب البائس. لن يوهن العزيمة. لقد لخصها أحمد فؤاد نجم في مقولته البسيطة الموحية «الله يخرب بيوت اللي انتخبوهم» لكن عذراً يا شاعرنا الكبير. فلم يكن أحد يتصور أن يكونوا على ما هم عليه الآن. لقد أخذ الناس فيهم «مقلب» كما يقال. وعموماً الصبر سلاح المبتلين وقد ابتلينا بهم كوطن وشعب. والصبر ليس ضعفا ولا استكانة. بل هو سلاح رباني نادى به المولى عز وجل حين قال. «واصبر وما صبرك إلا بالله» وقال أيضاً. «وبشر الصابرين» ونحن نصبر وننتظر البشرى. فلا تحزني يا بلدي يا صابرة. ولا تهنوا يا مصريين. فغداً البشرى قادمة لا محالة. وأن غداً لناظره لقريب. يظنه من تمكنوا واستحكموا بعيدا. وآراه قريباً. قريباً جداً يا بلدي.

[email protected]