رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حساب رقم 333-333

صرح د. مرسى رئيس الجمهورية في المؤتمر الجماهيرى بأسيوط أنه قد تم فتح حساب بالبنك المركزى تحت مسمى نهضة مصر برقم 333-333، ويخصص هذا الحساب لمن يريد أن يتطهر من شاغلى المناصب القيادية.

والمتأمل لهذا القرار يجده مربكًا جملة وتفصيلاً، سواء من دوافعه أو النتائج المرجوة منه، وبداية فإن هناك قاعدة أساسية يجب الانطلاق منها وهي أن الحقوق تنتزع ولا تستجدى، وإذا كان هناك من يشغل منصباً قيادياً بالدولة - كما حدد السيد الرئيس في خطابه - وحوله شبه فساد فيجب أن يحاسب ويعاقب، ولدينا من القوانين والجهات الرقابية ما يمكننا من تنفيذ ذلك، فالدولة لا يجب أن تتحول إلي مؤسسة تتاجر في صكوك الغفران.
هل من المتوقع أن يبرز اللص معترفاً علي نفسه مضحياً بماله الذي يعتبره من حقه ومن سعيه وكده وبسمعته، وهو الذي احترف السرقة والانتفاع من منصبه وامتزجت أساليب الاحتيال بدمائه، فران علي قلوبهم ما كانوا يفعلون.
وأتعجب كل العجب، فما الذي يتوقعه المسئولون ومستشارو الرئيس الذين أشاروا عليه باتخاذ هذا القرار بأنه سيدر علي الدولة أموالاً طائلة تمكنهم من تمويل مشاريع النهضة.
إن الوضع يشوبه الغموض والضبابية الشديدة، فما هي مشروعات النهضة التي تخطط الدولة لتنفيذها لتنهض بمصر اقتصادياً وتوفر فرص عمل حقيقية تساهم في رفع المستوي المعيشي للمواطن، وما هي التكلفة المتوقعة والخطة التمويلية لتلك المشروعات؟
كما أن هذا القرار يثير تساؤلاً آخر.. هل تنوي الدولة أن تمول المشروعات الاقتصادية مسترجعة عصر القطاع العام بكل مشاكله وعيوبه ومساوئه؟
إن أحد أدوار الدولة الأساسية هي حفظ السلام الاجتماعى أو ما اصطلح علي تسميته بالعدالة الاجتماعية، مستخدمة في ذلك أدوات مختلفة كثيرة ولكن التجربة والتاريخ أثبتا بما لا يدع مجال للشك فشل تجربة تملك الدولة لمؤسسات اقتصادية «القطاع العام»، والعالم أجمع يتجه إلي أن يقوم القطاع الخاص بكل الأنشطة بما فيها إنشاء وإدارة مرافق البيئة التحتية بما فيها الطاقة والمياه وأن يقتصر الدور الحكومي علي الإشراف فقط.
وبالعودة إلي القرار محل الحديث، فمازلنا نتساءل عن النتائج المرجوة ومقدار المبالغ المتوقعة أن يتطهر بها السادة الفاسدون، والأمر برمته قد يكون استمراراً لسياسة الأنظمة السابقة في انعدام الشفافية.
وقصر الحديث علي شاغلي بعض المناصب القيادية العليا قد يكون فيه إشارة إلي أشخاص بأعينهم، ويقتصر الفساد علي العاملين بالدولة في حين أن المفسدين خارج النظام الإدارى أولى بالملاحقة.
وقد يتبادر إلي ذهن البعض أن هذا القرار مقدمة لقرارات تأميم ومصادرة لثروات البعض ممن تثار حولهم شبهة الفساد، وإن صحت الظنون في ذلك فلن تعود تلك القرارات علي الدولة إلا بالضرر الشديد، فمصر حلقة في سلسلة مترابطة من النظام الدولى الذي يحكمه نظام محدد يرفض إجراءات مصادرة ثروة من لم تثبت عليه تهم محددة وبإجراءات محددة، وبلغة الاقتصاد فإن أساس ما تعاني منه مصر من مشكلة اقتصادية هي عجز الادخار المحلي عن تمويل الاستثمار المطلوب لإقامة المشروعات وخلق فرص عمل حقيقية مما يجعلنا في حاجة إلي الاستثمارات الأجنبية.
وضعف إجراءات مواجهة الفساد التي تتجلي في استجداء المفسدين في التراجع عن فسادهم مما يدل على عجز الأجهزة الرقابية في الدولة، وكذلك القرار الظني بمصادرة أموال من تثار حوله شبهات الفساد في حالة عدم القدرة علي ملاحقته قضائياً، كل ذلك يسىء إلي سمعة الدولة المصرية ويمثل عامل طرد وليس جذباً للاستثمار، وهناك مقاييس ومعايير دولية لقدرات الدول في محاربة الفساد تؤثر علي قرارات المستثمرين الدوليين في الدخول إلي سوق الاستثمار في دولة ما، وتلك المقاييس يجب أن تؤخذ في الاعتبار ويجب العمل علي تحسين إجراءات محاربة الفساد بشكل عام كإجراء أساسي من إجراءات جذب الاستثمار الدولية.
فعلي جميع الأوجه ليس للقرار أي مردود إيجابي، وننادي السيد الرئيس بدلاً من استجداء السادة المفسدين بالرجوع عن فسادهم ورد أموال اقترفوها، أن يعزز سلطات الجهات الرقابية وتفعيل القانون وتطبيقه بكل حزم وأن يكون القانون هو أداء التطهير الرادعة التي تحفظ للدولة هيبتها وللمواطن حقه.

باحث اقتصادى