في مسألة التعليم الجامعي......
فى اوائل العام 1939 نشر بجريدة الأهرام مجموعة من المقالات حول مسألة التعليم الجامعي كتبها الفيلسوف الاشهر الدكتور مصطفى فهمى الذى يعتبر واحداً من المثقفين المصريين الذين ظهروا في النصف الأول من القرن الحادي والعشرين وسط كوكبة كبيرة من النخبة التي أثرت في ذلك الوقت على كافة مناحي الحياة،
ضمت هذه المقالات مجموعة من الآراء تصلح اليوم ونحن فى القرن العشرين، وتعتبر من الملامح الرئيسية لفكر الجودة، لقد بدأ الفيلسوف الشهير مقالاته بسؤال نصه هل من الخير أن يكون تيسير التعليم العالي أو عدم تيسيره لبعض الناس هو الوضع الصحيح لرأس المسألة؟ أم من الخير أن تكون المسألة هي التعليم العالي ومايجب أن ييسر منه للناس وما لايجوز أن ييسر؟ وكانت إجابته: ان التعليم العالي أنواع وأصناف ويمكن تعلمها بأساليب مختلفة وفقا لأغراض المتعلم وحاجاته منها، فالتاريخ القومي و الذوق الأدبي والفني والحقوق ومعرفة أساليب الوقاية من الأمراض وطرق الصحة والسلامة، وتقدير قيم السلوك والأخلاق، وغير ذلك من العلوم والتعليم التي تتصل بمعني الإنسانية الرفيعة في الإنسان الراقي ينبغي أن تيسر علي الناس .
أما عن إصلاح النظم في التعليم العالي، فقد قام الفيلسوف مصطفى فهمى بذكر اهم عناصر التعليم العالى وكانت فى رأيه تتراوح حول المعلم والمتعلم، و النظام العملي لتلقين العلم، ومراعاة البيئة وما يقتضي أثرها من العناية الخاصة ببعض التعاليم وتاريخ العلم في غير هذه البيئة والحرية الفكرية التي لا تؤذي، وأخيرا إشباع الجو الجامعي بما يروض علي معاني النظام والخلق والواجب. وعن الأستاذ الجامعي رأي ضرورة أن يكون ناضجا في العلم والتعاليم، شغوفا بكل ما يتصل بهذا العلم وهذه التعاليم، متحليا بحرية الفكر التي لا تؤذي و باللباقة فالعلم السليم يحتاج إلي الأناة وطول الزمن، وعن العنصر الثاني، الطالب الذي يتلقي العلم، فقد رأي باديء ذي بدء أنه ليس من المصلحة أن يدخل حظيرة العلم والتعليم من لا يصلح لهما فالطالب الذي يلجأ إلي كلية ليست له رغبة في تعاليمها أو ليست له أهلية لتكاليفها فإنما يساق إلي مجزرة فيها إضعاف لأعصابه، وإتلاف لنفسه وإرهاق لطبعه، ومن ثم يتكون التلميذ المشاغب والشاب المنحرف، مما يجب معه حسن الفرز والتدقيق في الاختيار، وعن مراعاة ظروف البيئة والمحيط الذي تنشأ فيه معاهد التعليم، فهي من الأمور
هذه كانت آراء الدكتور منصور فهمي حول مسألة التعليم العالى، ألا ترون أنه قد تحدث عن جودة التعليم وعناصره قبل أن يتم وضع معايير للجودة وطرق تطبيقها، فماذا ياترى لو كان قد عاش إلي يومنا هذا وقد اختفي كل من يريد أن يقرأ أو من يصيخ السمع، وبين هذا وذاك فقد تآكل التعليم الجامعي الحقيقي وتقهقرت الجامعات المصرية إلي مراكز متأخرة فى الطابور بل وخرج بعضها منه وجلس في مقاعد المتفرجين!!
أستاذ بعلوم القاهرة