رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بداية الفعل الثورى

يوم الأحد 8 يوليو 2012 صحوت من نومى على قرار جمهورى جرئ لم يكن يتوقعه أحد بعودة مجلس الشعب للإنعقاد و إلغاء قرار حل البرلمان الذى أصدره المجلس العسكرى قبل تسليم السلطة لأول رئيس مصرى منتخب، لأننى نظرت إليه كأول فعل ثورى بعد عام و نصف على أعظم ثورة فى التاريخ.

و قد هاجت جموع من المحسوبين على الثورة و كذلك كل المحسوبين على نظام مبارك المخلوع على صدور القرار، فلكل كان له وجهة نظره. فالمحسوبين على الثوار رأوا فيه تعد على السلطة القضائية و رأى سدنة اللامبارك اللعين فى القرار قفزة إلى الأمام بالسيطرة على ما تم تخريبه فى ظل حكم المجلس العسكرى.
و إننى أرى و من وجهة نظر قانونية بحتة بأن الرئيس مرسى قد قام بواجبه الثورى نحو وطنه و بشجاعة عظيمة تحسب له، فالقرار الجمهورى جاء فى توقيت مناسب جداً و رداً على الأقاويل التى تناثرت هنا و هناك بأن المجلس العسكرى قد سلب الرئيس إختصاصاته كلها و إن المجلس العسكرى يحكم من خلف الستار، فالقرار قد صدر متحدياً و لاغياً لقرار المجلس العسكرى الصادر بحل مجلس الشعب.
كما إن القرار فى حد ذاته لم يتجاوزالسلطة القضائية، ففى منطوق القرار تنفيذ ضمنى لحكم المحكمة الدستورية التى لا أعترف أنا شخصياً بشرعيتها حيث فقدت المحكمة شرعيتها بسقوط دستور 1971 الذى يمثل مرجعيتها حتى يومنا هذا و بالتالى فإن كل أحكامها الصادرة بعد الثورة تعد باطلة بطلاناً مطلقاً لإنتفاء المرجعية القانونية للمحكمة، و مع هذا فقد نصت المادة الثالثة من القرار الجمهورى الجرئ على إجراء انتخابات مبكرة لمجلس الشعب خلال 60 يوما من تاريخ موافقة الشعب على الدستور الجديد. و هذا يعنى إن الرئيس قد وائم بين حكم المحكمة الدستورية و ضروريات الشرعية من حيث ضرورة وجود سلطة تشريعية منتخبة من الشعب صاحب السلطة الفعلى.
فلا يعقل أن يكون رئيس الجمهورية منتخباً و أن تصير السلطة التشريعية إلى المجلس العسكرى الذى قفز على الثورة بتوليه سلطات الدولة التنفيذية و التشريعية، أو تنتقل هذه السلطة إلى رئيس الجمهورية فيصدر أى قانون على هيئة قرار بقانون يصدر من رئيس الجمهورية. فقد وائم رئيس الجمهورية بين الجميع فأعاد السلطة المنتخبة إلى عملها الأصلى و كان من الممكن أن يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع و لكنه لا يريد أن يولى نفسه ديكتاتوراً منذ اليوم الأول بإصدار قوانين دون مناقشات من نواب الشعب. و لكى نفهم مغزى القرار فإننا يجب أن نقرا القرار أولاً و لا نندفع وراء الأقاويل التى تتحدث دون سند من القانون.
نص القرار الجمهوري بعودة مجلس الشعب وإجراء انتخابات خلال 60 يوم من كتابة الدستور
قرار رئيس الجمهورية رقم 11 لسنة 2012.
بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في 13 فبراير 2011، وعلى الإعلان الدستوري، الصادر في 30 مارس 2011، وعلى الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها جمهورية مصر العربية، وعلى القانون رقم 73 لسنة 1956، بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وعلى القانون رقم 38 لسنة 1972، بشأن مجلس الشعب، والقوانين المعدلة له، وعلى قرار المحكمة الدستورية العليا، الصادر في الدعوى 20 لسنة 34 قضائية دستورية، وعلى قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رقم 350 لسنة 2012.
المادة الأولى: سحب القرار رقم 350 لسنة2012، باعتبار مجلس الشعب منحلا، اعتبارا من يوم الجمعة الموافق الموافق 15 يونيو سنة 2012.
المادة الثانية: عودة مجلس الشعب المنتخب لعقد جلساته وممارسة اختصاصاته المنصوص عليها، بالمادة 33 من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 مارس 2011.
المادة الثالثة: إجراء انتخابات مبكرة لمجلس الشعب خلال 60 يوما من تاريخ موافقة الشعب على الدستور الجديد، والانتهاء من قانون مجلس الشعب.
المادة الرابعة: ينشر القرار الجمهوري في الجريدة الرسمية.
إذا قمنا بتحليل هذا القرار الجمهورى تحليلاً قانونياً و منطقياً و بالنظر إلى السوابق الدولية فإننا نستخلص منه عدة نقاط هامة سوف تريحنا فى فهم مدى شرعية القرار من عدمه.
1. إن القرار الجمهورى إنصب فى مجمله على السلطة التشريعية المنتخبة مباشرة من الشعب، و مادام الشعب هو صاحب كل السلطات و قد إختار رئيسه بإنتخابات حرة مباشرة فإن القرار يكون من الناحية الشكلية صحيحاً لصدوره من شخص ذات صفة و

مشروعية و هو رئيس الجمهورية.
2. إن السلطة التشريعية موضوع القرار الجمهورى هى سلطة منتخبة من الشعب و من المتعين و المفترض أن لا تحكم المحكمة الدستورية أصلاً فى مدى شرعية مجلس الشعب من عدمه، حيث إن المجلس فى حد ذاته شرعى إنما قانونه هو الذى اصابه العوار، و كان يتعين على المحكمة التصدى للقانون الغير دستورى قبل إنتخابات مجلس الشعب.
3. إن قرار حل المجلس الذى صدر من المجلس العسكرى من قبل هو فى الأصل قرار باطل شكلاً و موضوعاً حيث إن أية أحكام تصدرها المحكمة الدستورية لا يتم تنفيذها إلا بعد رجوع ملف الدعوى للمحكمة التى أحالت القانون للدستورية و فى حالتنا فإن محكمة القضاء الإدارى هى المختصة بإصدار قرار الحل أو حجبه، و كان يتعين على المجلس العسكرى أن ينتظر حكم المحكمة الإدارية قبل إصدار قرار الحل المعيب.
4. إن الرئيس مرسى لم يخالف المتعارف عليه دولياً فى مثل هذه الأمور، فلدينا سوابق دولية تتعلق بإستمرار السلطة التشريعية بالرغم من أحكام القضاء و منها البرلمان البلجيكي الذى استمر في العمل عشر سنوات رغم الحكم بعدم دستوريته، مستمداً شرعيته من كونه منتخباً من الشعب و كذلك برلمان الهند الذى صدر حكم دستورى بحله عام 1982 و إستمر حتى عام 1985 منهياً مدته البرلمانية لأنه منتخب شرعياً.
لذا فإننى لا أرى داعي لحالة الهلع التي انتابت بعض القانونيين المصريين و إننى لا أفهم مواقف بعض المحسوبين على الثورة الذين أخذوا جانب العسكري معارضين قرار رئيس الجمهورية بدعوة مجلس الشعب للانعقاد والذي أراه قرارا شجاعاً استرد السلطة التشريعية من المجلس العسكري بذكاء فاجأني أنا شخصياً و قد كنت أتمناه و لكننى لم أكن أتوقعه، لذلك فإننى و معى الملايين أرى إن ما قام به الرئيس مرسى هو بداية التحول الثورى الحقيقى فى كل مناحى الحياة.
كلمة أخيرة أقولها للقارئ الكريم أن مصر تمر بمرحلة ثورية و تحتاج إلى قرارات حازمة كى يتم التحول الثورى الحقيقى, و إننى أرى بأن الرئيس محمد مرسى قد تم إنتخابه شرعياً و علينا أن ندعمه و نعضده فى كل قراراته الثورية التى ستنتشل مصر من المستنقع الذى وضعها فيه النظام الديكتاتورى المستبد المخلوع. فيكفى مصر بأن الإدارة الأمريكية قد وجهت دعوة رسمية للرئيس محمد مرسى لزيارتها و من المعلوم بأن كل رؤساء مصر أو ملوكها لم توجه لهم دعوات رسمية بل كانوا يتنطعون على ابواب الإدارة الأمريكية لمدة 5 أيام حتى يقابلون الرئيس الأمريكى. و عند زيارة مبارك لأمريكا كان يستقبله سكرتير فى مكتب نائب وزير الخارجية. و عند زيارة مرسى لأمريكا سيستقبله الرئيس الأمريكى شخصياً لأنه مدعو منه و ستكون زيارته رسمية و لن يستجدى من أحد كرامة مصر بعد الأن.

بقلم الدكتور : سعيد عفيفى