رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الخطوة الأولى ... و عودة إلى مراجعة وزير سابق ..؟

رغم الهم ورغم الغم ورغم كل ما مرّ بهذا البلد من كرب وخوف وارتباك وضيق في الرزق وانعدام ثقة في الحاضر وفقدان الأمل في المستقبل ... رغم الشعارات الطنانة والوعود البراقة ورغم التخمينات الضاربة في المجهول والتطمينات التي لا تقف على أرض صلبة والآمال التي أحبطت والأمنيات التي انتكست.

. رغم كل التضحيات والمرارات ودماء الشهداء الذين عُرفوا والذين ظلوا مجهولين حتى الآن ؛ لم يفقد المصريون حلما واحدا ظل يراودهم في اليقظة والمنام بأن تستقر الأوضاع وأن تهدأ حتى لا يتحسروا مضطرين رغم أنوفهم على عهد فاسد مضى لكنه كان يضمن لهم  على الأقل موردا ولو ضيقا صعبا مضنيا للعيش؛ وجهاز أمن كان يرهبهم لكنه أيضا كان يمكن أن يصيب من يروعونهم بالخوف فيشكمهم أو يحد من خطرهم أو – توخيا للصدق – أن يعاقبهم في كثير من الأحيان ما داموا ليسوا من القلة المستبدة أو من الطغاة المسنودين!
ففيما عدا الثمانية عشر يوما الأسطورية الرائعة في تاريخنا وتاريخ الثورات في العالم وضعنا أيدينا دائما على قلوبنا خوفا وخشية من أن يضيع من بين أيدينا أعظم وأجمل وأكمل ما حققناه فيها . كان المؤشر يرتفع بنا كثيرا فنعيش في الأحلام بقدر ما ينخفض أكثر فيهوى ونهوي معه إلى قيعان اليأس من الحاضر وفقدان الثقة ليس في المستقبل وحده بل في أنفسنا وقدراتنا وحاضرنا وتاريخنا حين ننظر في مرآة كل ذلك فلا نرى لنا غير صورة واحدة تزيح كل الصور لتظهرنا عجزة مقهورين مترددين يلتذذون بجلد أنفسهم ويعشقون الاعتراف بطبائع القطط التي لا تحب سوى خانقيها والسائمة التي لا تتبع سوى من يذّلها ويذيقها صنوف التجويع!
لكن كل ذلك... كل ما كان يبدو باعثا على التشاؤم بل وموصّلا إلى حدود اليأس سرعان ما ينقشع ويزول ويتبخر لتحلّ محله نفس الصورة الرائعة المنضبطة المتآلفة للمصريين الثائرين في تحضر والمعترضين في رُقيّ.. الرافضين في نبل والمطالبين بحقوقهم في تسامح وفي  إباء. ورغم أننا رأينا ذلك كله عدة مرات حاولت الثورة فيها أن تعيد صورتها إلى النقاء؛ فقد كانت انتخابات مجلس الشعب هي الصورة الأجمل والأوضح.. ثم كانت انتخابات الرئاسة هي الأكثر اكتمالا والأشد روعة بإجابتها عن كل الأسئلة المحيرة حول حقيقة المصريين : عقلهم وتفكيرهم.. ما تراكم في نفوسهم وما استجد عليها.. ما يدفعهم إلى الصمت وما يجرفهم إلى الاستكانة ويصنفهم في خانات المتلذذي بالعبودية. ثم ما يقلب الصورة وينبذ كل التصورات ويدفع بجميع التهم عنهم فيبرئهم من عشق المذلة وينأى بهم عن الاستخذاء أمام الطغاة والاستسلام تحت أرجل الظالمين ومداهنة الفاسدين.
لقد عادوا مرة ثانية إلى الأمل أو عاد إليهم فخرجوا من بيوتهم متدافعين في نظام.. ثم متجاورين وقوفا في طوابير الانتظار الطويلة دون ملل ّتسرّي عنهم المناقشات في ودّ ويؤنسهم إبداء آرائهم في رقة. يتعاتبون لو تحمسوا ويتسامحون إذا ما جرفهم الحماس للغضب ثم يتضاحكون ويسخرون ويتندرون.. فقيرهم كتفا بكتف إلى جوار غنيهم.. وأصحاؤهم يقدمون عليهم كبار السن والمرضى بل والمعاقين.. حدث ذلك الذي يشبه الخيال بينهم جميعا رجالا ونساء وشباباً وشابات فمن يحل لغزهم إذن ومن يفهمهم ومن يستفيد بطاقتهم النبيلة المعطلة وحماسهم ومشاعرهم الكريمة وكنوزهم المختبئة المغيبة إن لم يكن رئيسا عادلا قويا قادرا نزيها مخلصا مترفعا ليس له مآرب  ولا تشوب مقاصده أغراض. رئيس ينسى خصوماته ويصفح عما وجه إليه من تجاوزات ويعلم أنها سنوات قليلة إما يكتب اسمه بعدها في قائمة الرائعين المخلصين أو سينتهي حكمه ربما قبل أن تنتهي ولايته لو جار أو طغى أو فارقته نظافة اليد أو طهارة الحاشية أو إخلاص من سيختارهم معه من العاملين!
تلك هي الخطوة الأولى بعد الثورة إذن وعلى هديها سيتحدد مسار ما يليها من خطوات. لقد عدنا مرة ثانية متفائلين ننتظر من يحفظ لنا تفاؤلنا فعلا ويضيف إليه قولا وعملا وسلوكا وأداء أيا من

كان من ستسفر عنه شفافية وشرعية الصناديق ..لأن  مصر تكتب تاريخا جديدا لها وعلينا أن نستجيب.

كنت أود في هذه الظروف التي ستنتهي بنا إلى التغيير إلى الأفضل بإذن الله ألا أعود إلى ما وعدت باستكماله في موضوع وزير الثقافة السابق الدكتور شاكر عبد الحميد. لكن ما خلفه الرجل وراءه من خسائر فادحة كثير. وقد طلب منه كثير من المخلصين أن يرد على ما أثير عن قيامه بمنح السيدة زوجته المدير العام بالمركز القومي للطفل – مكافأة قدرها أربعين ألف جنيه لتميزها أو لتكليفها بمسئولية لم يسبق لها القيام بها في مهرجان الطفل السابق. وكذلك سئل عن تكليف ابنة شقيقته بعمل ديكورات المهرجان في دار الأوبرا المكتظة بالمصممين المتخصصين الأكفاء ضمن موظفيها؟!
  كما أصر على بقاء مجلة المسرح التي تصدرها هيئة الكتاب ويقرّ الإجماع الثقافي على هبوط توزيعها نتيجة تهافت مستواها. بالإضافة إلى  رجوع مخجل في قراراته كما حدث في إقالته لرئيس ديوان الوزارة ثم العدول عنه في نفس اليوم بعد أن جاءه مهددا بأنصاره. ومثلما قام بتعيين ممثلة – دون مساس بشخصها -  في منصب «مديرة التسويق بقطاع الإنتاج الثقافي» دون سابق علم أو كفاءة.  وقد وقع في كل ذلك بدوافع مختلفة ولأسباب متباينة منها العناد والمكابرة. أما ما تسبب في إشعال حرائق الفتنة والانقسام وإشاعة غوغائية الاحتجاجات وتشجيع تجرؤ الصغار على الكبار وتشويه معنى الثورة وسلوكها وتعطيل الدراسة في معاهد وإدارات أكاديمية الفنون  فراجع إلى محاباة أصدقائه المقربين الذين التفوا حوله . ومعظمهم ممن تشير إليهم علامات الاتهام - في سمعتهم وضمائرهم وسلوكهم وأخلاقهم وذممهم المالية - والتي تؤيدها  مجالس التأديب ونتائج تحقيقات النيابة الإدارية سواء التي صدرت أو التي ينتظر إعلانها في القريب!
وهكذا ورّط الرجل نفسه في مشاكل يفترض أنه جاء ليحلها . وأدخلها في متاهة تمنّى المخلصون له أن تنقشع عن عينيه عتمتها. ليصبح ومنذ اللحظة الأولى في وضع المدافع عن تصرفاته بدلا من الدفاع عن الحقيقة. والباحث عن مخرج من النفق المظلم الذي دخل فيه وأدخل إليه بدلا من إضاءته له. والمتهم بدعم وتحريض وتشجيع الشقاق والفوضى والاضطراب ضد رئيسها الحالي الذي  لا يطيقه – دون سبب معروف لأحد. والمؤسف أنه  لم يستفد من ذلك  شيئا وإنما استفاد من هو مدين له لأنه جاء به إلى الأكاديمية وكي يقال عن الأكاديمية  إنها كانت فقط وفي عهده مستقرة» وعذرا للقارئ الكريم فقد عكرت عليه صفو فرحته بانتخابات ناصعة للرئاسة وبأقل خطأ ممكن مغتفر أو هكذا نرجو  أن يكون!

بقلم - دكتور أسامة أبوطالب
[email protected]