الرشوة الحلال.. والبغاء السياسي
الثورة هي الخرق الجماعي لقانون الصمت.. فقبيل الثورة كانت هناك أقلام وأصوات متناثرة تخرق بشكل فردي «الصمت المتفق عليه وهو أسوأ أنواع الصمت». فشهدت مصر إرهاصات صاعدة تنحر كود الصمت أو (أوميرتا) أي الصمت المقدس في عالم المافيا.
واليوم تنتظر خبيئة صناديق ستفض بكارة الغد المحمل بالمجهول، فإما ستكون مكتظة بهيكل عظمي ورثناه فتعلو كلمة البطون الخاوية، العقول الواهمة بفعل الأمية المتعملقة والفقر الغائر، وإما الوعي المتراكم المسافر في جينات المصري صاحب الحضارة التي أسكرت العالم، فتنجو مصر بفعل انتصار تيار الدولة الحديثة أو تغوص في أقبية الإسلام السياسي صاحب الألف وجه ولكن المشروع واحد.
وفي كل الأحوال والنتائج شطرت الثورة الصمت الجاثم وقانون المخوف والخائف فسيكون المشهد أكثر رحابة للجميع وسينكشف من حرموا الحلال وحللوا الحرام، فصارت الرشوة البغيضة وشراء أصوات البؤساء أقرب إلي فريضة لصاحب الهوي فالغاية تبرر الوسيلة!! إن أقبح رشوة هي التي تستبيح الوطن، هي مقايضة رجيمة لمن يدفع الثمن فيحقق انتصاراً بطعم الهزيمة والخديعة. ويحسب للأزهر الشريف فتواه الثمينة بقداسة الصوت الانتخابي وتجريم انتهاك حرمة «الانتخابات». وقد اتفهم أحياناً النجاح في إغواء العوام والدهماء أما سقوط بعض من النخبة في مستنقع نخاسة بيع الذمم، الضمائر وتلك المقايضات «الفجة» لمن يملكون كل شىء ولكن أصابتهم «بوليميا» أو النهم الذي لا يعرف فضيلة الشبع لنهش الوطن الذي آمنهم من خوف وأطعمهم بسخاء من جوع، فباعوا أنفسهم في صفقات جهنمية لتحاكي (فاوست) لـ«جوتة» وهو الذي باع روحه للشيطان، هم يملأون المشهد المتهاوي، المترنح بين السقوط والنهوض بين الهاوية والذروة بالتصريحات، المؤتمرات، يكتبون، يحولون، ينعقون، يلعقون الأحذية الإظلامية، يدلسون، يقايضون الوطن مقابل المكاسب الزائلة في دهاليز العدم، يمهدون لتقسيم مصر، يعرفون أنفسهم والناس عرفتهم،