رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دعكم من المهاترات .. و انتبهوا لما هو آت

50 يوماً فقط هى الباقية على ما تعهد به المجلس الأعلى للقوات المسلحة من تسليم السلطة فى 30 يونيو للرئيس الجديد.. وهو تاريخ تحدثنا عنه كثيراً وشكك فيه كثيرون وأعاد المجلس تأكيده عشرات المرات. على أن أحداً لم يسأل نفسه أو يسأل المجلس أو يسأل المرشحين للرئاسة ،

لم يسأل ماذا بالضبط سيتم تسليمه؟
ليس تسليم السلطة مناولة لمفتاح الخزينة إلى الرئيس المنتخب، فليست هناك خزينة تسلّم فى الواقع ، بل يخطئ من يظن أن الحكاية تتمثل فى قَسَم يتلوه شخص أمام المجلس أو أمام البرلمان وانتهى الأمر.. ولايبدو أن أحداً يفكر فى الترتيبات الكثيرة والاجراءات الأكثر التى يتوجّب القيام بها حتى لا تستمر حالة الارتباك التى تسود مصر لأكثر من 15 شهراً وهى مرشحة للاستمرار بقوة.
أخشى أن يؤدى الرئيس الجديد اليمين ثم يتلفّت حوله فيجد نفسه فى وضع يشابه وضع أنور السادات عندما أدى اليمين بعد وفاة عبد الناصر ثم وجد أن كل القوى فى الجيش و الشرطة و الإعلام واللجنة المركزية والحكومة لم تستعد لتسليم السلطة إليه أو لا ترغب فى ذلك.
وقد كان السادات رحمه الله داهية عركته دهاليز السياسة وصقلته تجارب السجن و البطالة والتنظيمات السرية، فاستدعى كل مواهبه الادارية و التخطيطية، وربما التآمرية، ليتمكن فى النهاية من استلام السلطة الفعلية فى مايو 1971 بعد ما سمى ثورة التصحــيح..
أنا لا أريد لرئيسنا الجديد الذى سننتخبه بعد أسابيع أن تواجهه المآزق و الألغاز، وربما تعوقه المتاريس والحواجز حتى يبدأ فى الفهم.. ثم يبدأ فى الحركة .. ثم يبدأ فى الاختيار.. ثم يبدأ فى القرار.. الوقت ليس فى صالحه و ليس فى صالحنا.. و نتمنى أن يبدأ عهده بشكل سلس و مرتّب ومنظم و محدد ليبدأ على الفور تنفيذ ما وعدنا به، خاصة أن بعض المرشحين وعد بأن يفعل المعجزات فى مائة يوم فقط.. وأفلح إن صدق!
أول شئ يجب الترتيب له من الآن أن يقوم رئيس حكومة الانقاذ.. وفوراً.. بإصدار تعليماته إلى كل الأجهزة و الوزارات والهيئات بأن تعكف و بسرعة على إعداد تقارير ـ تقرير لكل جهة ـ عن الحالة المصرية فى 30/6/2012. أتصور أن يتضمن هذا التقرير تصويراً دقيقاً وأميناً وموثقاً للحالة القائمة بالتفصيل الضرورى: ما الموارد المتاحة؟ وما الأهداف الملزمة؟ وما التعهدات المعطاة؟ ما الاتفاقات القائمة؟ ما العقود السارية؟ ما المشكلات العاجلة؟ ما المشكلات المزمنة؟ ما الفرص الواعدة؟ ما المشروعات الجارية؟ ما الميزانيات المرصودة؟ ما الاعتمادات النافذة؟ ما القرارات محل الدراسة؟ ما السياسات المطبقة؟ ما الخطط الجارى تنفيذها؟ ما الاستراتيجيات المعلنة؟ و ما الصعوبات القائمة مع الجهات؟ أو مع المتعاملين؟ ما الأحداث المتوقعة؟ ما الآمال المعلقة؟ ما الموارد البشرية المتاحة ؟ من العناصر القيادية الواعدة؟ ما القوانين الجارى متابعتها؟ والمطلوب إصدارها؟ أو تعديلها؟ ما الدروس المستفادة من الفترة الانتقالية ؟ ما...؟ ما...؟ ما...؟ وألف سؤال وسؤال.. أنا أريد من كل جهة أن تسلم الحكومة القادمة تقريراً تاريخياً وهاماً يؤرخ لمرحلة ولتاريخ ولثورة حتى تبدأ الحكومة الجديدة كل شــىء «على نور» أو «على ميّه بيضة» كما يقولون.
هذه واحدة، أما الثانية فهى أن يتم فوراً حسم مسألة اختصاصات الرئيس وحدود علاقاته مع سلطات الدولة الأخرى وعلى الذين تسببوا فى ارتباك المشهد وارتباك المرحلة الانتقالية أن يسارعوا بتفكيك المناظر والديكورات ليكون المسرح نظيفاً وواضحاً للرئيس الجديد.. أمامنا بديلان رئيسيان الأول أن ننتهى من الدستور الجديد قبل تسليم السلطة، وهذا بديل مستحيل أو إن حدث فهو بديل غير مسئول ولا يقدّر الوقت اللازم لإصدار دستور الثورة، وسوف يخلق من المشكلات أكثر مما يحل. أما البديل الثانى فهو أن نتوافق بشكل مبدئى على اختصاصات وعلاقات الرئيس ويصدر المجلس العسكرى اعلاناً دستورياً تكميلياً بما تم للتوافق عليه، «وبالمرّة»

نضع فى الاعلان بعض الأحكام الأخرى الهامة المطلوبة بسرعة. وأنبّه بشكل قاطع إلى رفض الجميع لفكرة إحياء دستور 1971 مع بعض التحسينات فهذا البديل مرفوض نفسياً وشعبياً، وسوف يظهر جهاز الحكم بأنه ضيّع الوقت عمداً وبدد الشهور تلو الشهور لكى يعيدنا إلى المربع رقم واحد، بل وربما يتقوّل البعض تهماً أبشع من ذلك بكثير.
لا تنتظروا أكثر من ذلك.. لا تضيعوا مزيداً من الوقت أيها السادة.. ابدأوا فوراً فى الأشياء المطلوبة للرئيس الجديد أم أنه سيؤدى اليمين ثم نلقى به فى البحر يلاطم الأمواج، و قد ينجح وقد ـ لاقدر الله ـ يواجه صعوبات.
أمر آخر مهم. يجب ترتيبه من الآن وأحسب أن التوافق حوله مسألة واجبة. ما مصير البرلمان؟ وماذا اذا تم حله قضائياً ؟ هل ننتظر حتى يصدر الحكم ثم نفكر فى البدائل؟ هل نريد إغراق الرئيس الجديد فى المشاكل؟
وأنا لم أتحدث حتى الآن عن الدولة العميقة.. عن القوى والقيادات والمشكلات والأهداف الكامنة تحت السطح.. قد يذهب الوزير أو المحافظ، ولكن كل القوى والقيادات والتفاصيل فى المستويات التالية لا تذهب معه، وإنما تبقى.. وتبقى هى الحاكمة الحقيقية، و لابد أن نسأل عن ولاءاتها و طموحاتها وإخلاصها ومدى فرحها بالتغيير أو غضبها بسببه أو حزنها على «اللى فات». خذ مثلاً جهاز الشرطة بكل قطاعاته الذى ارتبك منذ 28 يناير 2011 وحتى تاريخه. أين كلمة السر؟ أين المفتاح؟ كيف نحل هذا اللغز الكبير؟ سؤال مهم سيلطم وجه الرئيس الجديد من أول يوم . اكتب هذه الكلمات و الأخبار تقول إن أمناء الشرطة المحتجين احتجزوا وزير المالية لمدة ساعتين و منعوه من دخول مجلس الشعب!! فهل الرئيس الجديد فى مأمن ؟! وهل كلامه سيكون نافذاً كما تعود الرؤساء أن «كلام الملوك لا يرد»؟
تفاصيل كثيرة وكثيرة جداً.. يجب أن نفكر فيها من الآن، وكان يجب التفكير فيها منذ فترة فى حقيقة الأمر.. و لكن يبدو أن كثرة الأحداث و المفاجآت تلهينا أو هى تدور بنا فى ساقية لا نعرف إذا كانت تخرج ماءً أم دماً يسيل فى شوارع محمد محمود والعباسية و قصر العينى.
لم أقصد أن أزعج المرشحين للرئاسة، ولم أقصد أبداً أن أزعج شعب مصر، فقط أردت أن أنبه النائمين فى العسل، والمتآمرين بليل، والمتشاجرين على حق الزوجة فى خلع زوجها أو فى حضانة طفلها!! أنبه كل هؤلاء إلى أن الأمر جد خطير.. خطير!!
آخر سطر
استلموا الصندوق يا محمد.. لكن مفتاحه معايا !

بقلم - د. صديق عفيفى

[email protected]