رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

وزراء .. لا رؤساء

من ينظر إلى المناخ السياسي الآن في مصر بعد عام مضى من الثورة المباركة ، مجرد نظرة عابرة سريعة سيجد دون مجهود أو ذكاء أننا نعيش في مرحلة من الفوضى ، الفوضى في كل شئ ، في أمور حياتنا في أخلاقياتنا ، في سلوكياتنا في أمننا وفي أمن البلاد ، ففتحت الحدود ، وتدفقت أدوات الخراب والتدمير ، السلاح والمال والإشاعات ، وتسابق الخونة لبيع أنفسهم وضمائرهم في سوق النخاسة لمن يدفع أكثر، لمن يدفع بالدولار أو لمن يدفع بالريال والدرهم ، فضاع الدين وضاعت القيم .. !

نعيش أيضاً فى مرحلة من العناد السياسي واستعراض القوة وفرض الرأي دون احترام لآراء الآخرين
فإذا طرح حل ملائم لمشكلة ما تجد من يسارع بالرفض ، إما لأن هذا الحل أتى من حزب آخر ،  فما الفائدة التي ستعود عليه وعلى حزبه ، من كان يتصور أنه سيأتي يوم من الأيام يترك فيه المدرس والطبيب والمحامي مكان عمله من أجل زيادة المرتب مع أنه يعلم كل العلم أن ميزانية الدولة منهارة لتدنى الاقتصاد ، وهناك كثيرون أيضاً إنزلقوا وسقطوا في الهاوية ، وفكروا في أنفسهم فقط ، ووطنهم الذى احتضنهم سنين طويلة عاجز يريد من يأخذ بيده لا من يزيد في معاناته ، قد يقول البعض أن هذا نتاج طبيعي لما زرعه هذا النظام السابق الفاسد ، فمن يزرع قمحاً ، يجني قمحاً أما من ينثر ببذور السرقة والرشوة ، والنصب والاحتيال والأنانية ، والاستهتار واللامبالاة بمستقبل وأرواح هذه الأمة ، فنتيجة لذلك يكون فقد الانتماء والولاء للوطن ، وظهور مثل هذا الجيل ، بعض أبناء هذا الجيل ، فعمت الفوضى والخراب ، خراب في النفوس والعقول وشطحت أحلامهم وآمالهم  دون أي وازع ديني أو أخلاقي أو قيم أو عرف يلجم هذه الشطحات والأطماع المشروعة وغير المشروعة ، هذه نظرة سريعة على الفوضى في حياتنا اليومية.
اما عن الفوضى السياسية فلا اجد مثلا أكثر من الذين يرشحوا أنفسهم للرئاسة ، أبلغ مثل ودليل على ما وصلنا إليه ، مئات الأفراد يتقدمون للترشح للرئاسة منهم مجموعة من الكومبارس ومن المهرجين يبحثون عن الشهرة ومنهم من يفكر فى المال وكأننا في مزاد لبيع مصر ، أو منهم مجموعة قليلة ولكن تستحق الاحترام لتاريخهم وخبرتهم وممارساتهم السابقة في الحياة العامة وفي المجال السياسي ولهذا فهم مؤهلون لهذا المنصب وسوف يبدأون في ممارسة مهامهم الرئاسية من أول يوم ، ومنهم مجموعة للأسف هم الاكثرية في سنة أولى حضانة سياسية ، قد يكون منهم بعض الاخوة شاركوا في الحياة العامة عن طريق النقابات أو في إدارة بعض المشاريع والجمعيات الخيرية أو اشتركوا في بعض الاحزاب ، كل هذا جيد ولكن هناك فرق كبير وهوة واسعة بين خبراتهم وامكانياتهم وبين أن يكونوا رؤساء دول – قد يصلح بعضهم أن يكون وزيراً لا رئيساً ..وقد ينجح بعد الممارسة .. أقول قد ينجح ... فهل وضعنا الحالي وما فيه من تدهور في جميع المجالات يسمح لنا بمجرد التكفير في التجربة ؟ بالتأكيد سوف تفشل وستكون كارثة على الدولة واذا فرضنا أنه نجح واحد من هؤلاءفبالتأكيد سيكون نسخة مكررة باهتة من أشباه الرؤساء ، وما أكثرهم في الساحة العربية ، كل له دور في رقعة الشطرنج ، وبعد أن ينتهي دوره يلقى في مزبلة التاريخ لأن هذا هو المكان الطبيعي لأمثال هؤلاء الرؤساء الذين يخونون ضمائرهم وشعوبهم .
حقا لقد كانوا في قمة الوفاء والاخلاص لأسيادهم فمنهم من كان يفعل او ينفذ أوامر من يشد أذنه ، ومنهم من كان يتحدث بلغة من يدفع له ، فضاعت بلادهم وقسمت وخربت ،  وخير دليل ما حدث وعاصرناه في أيام الردة هذه التي نعيشها فضاعت العراق ، وتقسيم السودان ، وهكذا ليبيا ، والبقية تأتي ، وستأتي بالتأكيد لمن يسبح في فلك العمالة والخيانة ، ولمن يركع لربه .. الشيطان الأمريكي الصهيوني ، لقد حاولوا بعد النكسة التي دبروا وخططوا لها .. وما زالوا يحاولون أن يسلبوا من مصر مكانتها وحضارتها بخبث وغباء ، فباءوا بالفشل الذريع ، لقد نقشت عظمة مصر في قلب التاريخ ، وجرى حبها في شرايين وفي كل قطرة دم في أجساد أبنائها ، وايضاً أجساد كثيرون من أبناء الوطن العربي ، وصرخت قلوبهم بحبها مع كل نبضة ، وحمى الله مصر ، ولقد أثبتت الايام عظمتها مجدداً ، فقام شبابها بإشعال فتيل ثورة انبهر بها العالم كله لسهولتها وسلميتها وقوة نتائجها ، والتفت جميع طبقات الشعب حولها لحمايتها ، مسلم ونصراني ، رجال ونساء ، حتى الاطفال والكهول إلتفوا حولهاتحت عباءة وحماية رجال شرفاء من أبناء مصر الأوفياء ، رجال القوات المسلحة الذين وهبوا أنفسهم نداء للوطن فى الحرب والسلم ، مما أدى أنحيازهم للشعب والوقوف معه فى  ثورته ضد النظام .
لقد كان من السهل جداً أن يستولوا على الحكم إن كانوا يريدون حكماً وسلطة ولكن هناك الولاء وشرف الكلمة وشرف القسم بحب مصر  ومصر فقط دون أى شئ ولم يمنعهم ايضاً غير الخوف على مصر أن تقع في بئر الظلمات والضياع وحرب أهلية تحرق اليابس والاخضر وتجر البلاد للخراب والسقوط ، وهذا ما تريده الذئاب الشرسة التي تحيط بنا وما اكثرهم فى الداخل والخارج .
لقد نجحت القوى الخارجية في تفتيت وإضعاف الإنتماء في نفوس بعض

أبناء مصر ، بإغرائهم بالمال ، والمال الكثير ملايين بل مليارات الدولارات ففعلوا ما فعلوا ومع شدة غليان الثورة ظهرت على السطح شوائب المجتمع الفاسدة ، من كانوا يتخفون تحت مسميات كاذبة خادعة ، الحرية ، الديمقراطية المساواة ، العدالة ، وهم في الحقيقة بعيدون كل البعد عن هذه القيم ، ولكن حب المال والعمالة كان سوطاً فوق رؤوسهم .
نحجت القوى الداخلية وعلى رأسهم النظام الفاسد السابق وهذا هو الشئ الوحيد الذى نحجوا فيه بعد أن فشلوا في إدارة البلاد والتقدم بها ، نحجوا فى أن يخربوا اقتصاد الدولة وأن يخربوا نفوس الشعب وأن يقتلوا أحلامهم وآمالهم فكان منهم الحاقد والسارق والمارق ، وهل بعد خراب النفوس خراب !!
منذ قيام ثورة 23 يوليو لم يهدأ بال هذه القوى الشرسة التى تريد اخضاع مصر تحت سيطرتها وأن تحكم بقبضتها عليها لتجبرها على العيش في حظيرتها ، ولكى تسير فى ركبهم كغيرها من الدول ، وعندما رفض عبد الناصر ورفض الشعب ذلك ، ظلوا ومازالوا ..يحيكون الدسائس والمؤمرات لأضعاف وتحجيم مصر بكل الطرق وبكل الوسائل وكمثال على ذلك ، كان الدين أحد أوراقهم ، فمنذ ثورة يوليو فر بعض من الاقباط إلى أمريكا وأوروبا ، وفر أيضاً بعض أفراد الأخوان المسلمين إلى دول الخليج وأمريكا وانجلترا ، وعلا بكائهم ونواحهم لسنين طويلة ولأجندة وضعت ورتبت صفاحتها بدقة ودراسة مستفيضة عادوا لينفذوا ما طلب منهم ، ومادربوا عليه سنين ، وما حصلوا من أجله على أموال طائلة ! جاء وقت الحساب فليدفعوا قيمة فاتورة ما عليهم من دين لأسيادهم ، فظهرت الآف من المنابر واختلفت أشكالها ومسمياتها والهدف واحد ارتفعت الحناجر مجلجلة بحقوق الانسان والاضطهاد الديني ، ومشكلة الاقليات وحقوق المرأة .. !!
ومشكلة أهالي النوبة والحد الادني للأجور ، وغيره من المشاكل التى كانت موجودة منذ سنين طويلة ، والآن يطالبون بحلها جميعاً في وقت واحد وأخذ كل يلعب بما لديه من أوراق ، انها الفتنة والعمالة والانانية.
ماذا لو كنا بعد قيام ثورة يوليو تمسكنا بالقرآن الكريم دستورنا فى حياتنا ولمماتنا وقمنا بتطبيق الشريعة الإسلامية على انفسنا ، وربينا أولادنا تربية إسلامية ، وتركنا حب السلطة وشهوتها ، وتركنا عنادنا مع الثورة واغلقنا عيوننا وآذاننا على أصوات المغرضين داخليا وخارجيا بالطبع سينشأ جيل تربى على الإسلام الحق ، وسيعمل بالاسلام  الحق وما كنا في حاجة لهذا الجدل العقيم الذى نراه اليوم بين جماعة الاخوان والسلفين والعلمانيين والازهريين.
فمثلا هل كانت المشكلة بين عبد الناصر والأخوان مشكلة دينية ؟؟ لقد اثبت الأيام أنها مشكلة سياسية ، سببها  رغبة الأخوان بالاستفراد بالسلطة والقيام بمفردهم بالحكم ، فهل كان يعقل ذلك والثورة مازالت في أوجها ؟
والآن ما أشبه اليوم بالبارحة ، مع الاختلاف فى أنهم ركبوا موجة الثورة بعد أيام وبعد إطمئنانهم بنجاحها ، الثورة التي شارك فيها وانجحتها كل طبقات الشعب ، ولكنهم استمرؤا السلطة ونسوا أنهم عاشوا سنين طوال تحت ظلم الديكتاتورية وقهر الرأي الواحد كما يقولون فماذا نسمي ما يفعلوه الآن؟!
واليوم أيضاَ ومع ثورتنا المباركة يقوم أبناء القوات المسلحة وقادتهم .. بدورهم على اكمل وجه .. فهم يعلمون أن مصر أمانة فى أعناقهم فهم حماتها ودرعها الواقى .. فليصبروا ويصابروا .. فهم خير اجناد الأرض .
والآن يا أبناء مصر ... يا كل أبنائها .. اتقوا الله ... اتقوا الله في مصر وطنكم .. وليملأ كل دلوه بالحب ... بالحب لمصر .. ولنتحد معاً لنطفئ نار الفتنة ... فالفتنة نائمة لعن الله من أراد إيقاظها.


الدكتور/ فواز فؤاد حماد