رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شهداء «هايماركت»

أشعر أن بلدى يتمزق وتتقطع شرايينه، والكل يبحث عن لذته فى نهب ثرواته وكبح جماح شعبه والاستيلاء على مقاليد الأمور فيه.. لماذا؟ لا أعرف!! فجأة تذكرت بعض العبارات كنت قد سمعتها وشاهدتها فى عمل درامى قديم، كان السيناريو فيه محكماً.. وكان أبطاله يتساءلون: من قتل رجالكم؟ والإجابة خزاعة.. من حرق بيوتكم؟.. خزاعة، من شرد أطفالكم؟.. خزاعة، وكنا نعلم وقتها من هى خزاعة وخلافها مع ديار بكر، لكننا هذه الأيام لا نعرف أموراً كثيرة!! فمن تسبب فى حرائق السويس؟ لا نعرف!!..

ومن دمر شركة بيع المصنوعات فى طنطا؟.. الله أعلم، ومن حرق مصنع توشيبا العربى فى قويسنا بالمنوفية؟ ربما يكون البلطجية أو الفلول أو الخارجون على القانون أو الهاربون من أحكامه، المهم أن نبقى وسط حالة من الخوف والقلق واللاوعى، وكأن هناك وحشاً يظهر ويختفى ويفعل بنا ما نراه من حين لآخر، ونظل هكذا لا نعلم إلى أين يأخذنا الطريق!! بالأمس القريب كنا نحتفل بعيد العمال، كل سنة وحضراتكم طيبون، الاحتفال جاء بعد يوم واحد من فتح باب الدعاية الانتخابية لمرشحى رئاسة الجمهورية، وجاء وسط احتجاجات العمال ومطالبات البعض بحد أقصى لعدد ساعات العمل وحد أدنى للأجور، وهناك من يطلب التثبيت، وآخرون لا يجدون باباً للرزق أو مكاناً للعمل، ونحن نحتفل بعيد العمال!! أرجو ألا ننسى أن نسبة البطالة فى مصر تجاوزت 12 % وأن عدد العاطلين عن العمل بلغ 3 ملايين و183 ألف عاطل فى عام 2011 طبقا للإحصائيات الرسمية!! وأن نسبة البطالة بين النساء 23% مقابل 9% للرجال، وأن أعلى نسبة من العاطلين أو المتعطلين هم بين 20 و24 سنة (أى القوة الضاربة فى المجتمع) وأذكر حضراتكم أنه فى عام 2006 أعلن المركز المصرى للحد من البطالة والدفاع عن حقوق الإنسان عن تأسيس أول رابطة للعاطلين فى مصر! ياللهول! ومعنى كلمة العاطل: هو كل قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه.. ولكن دون جدوى، فليس كل من لا يعمل عاطلاً فالتلاميذ والمعاقون والمسنون والمتقاعدون ومن فقدوا الأمل فى العثور على عمل وأصحاب العمل المؤقت ومن هم فى غنى عن العمل، لا يتم اعتبارهم عاطلين عن العمل.. وفى لمحة تاريخية يعود عيد العمال فى الأول من مايو إلى قصة قديمة، حين قام عمال مدينة شيكاغو الأمريكية بتنظيم إضراب عام فى عام 1886 وكانوا يطالبون بتحديد ساعات العمل فى اليوم الواحد، بدأ الإضراب فى الأول من مايو واستمر حتى الرابع من مايو فى ساحة هايماركت بنجاح وبشكل سلمى، وفى ذلك اليوم (4 مايو) طالب العمال بعقد اجتماع هام ووافقت السلطات عليه بالإجماع، وبالفعل حضره عمدة شيكاغو آنذاك، واستمع إلى زعماء العمال، ثم غادر المكان ولم تمض دقائق حتى جاء رجال الشرطة وقاموا بفض الاجتماع بالقوة! ووسط الفوضى وحالة الهياج الشديد انفجرت قنبلة لا أحد يدرى من أين جاءت؟! وأودت بحياة 12 شخصاً من بينهم 7 من رجال الشرطة، بدأ اطلاق النار وتم القبض على العمال وخرجت الصحف فى اليوم التالى وهى تتهم العمال بالتخريب والفوضى فيما عرفت بقضية شهداء هايماركت، وكانت الصحف فى معظمها مملوكة لأصحاب المصانع ورؤوس الأموال، تمت محاكمة العمال الأبرياء وكانت أبشع محاكمة فى

تاريخ القضاء الأمريكى، صدر الحكم على سبعة من زعماء العمال، ذكرى شهداء هايماركت ظلت فى الذاكرة وكانت مصدرا للغضب فى جميع أرجاء العالم، فقد أراد الله سبحانه وتعالى أن تنكشف ملابسات تلك الواقعة أو الجريمة إن صح التعبير، فبعد 11 عاما كان مدير البوليس فى تلك القضية قد خرج على المعاش ودخل فى صراع مع المرض وشعر أن الموت بات قريبا، فتحرك ضميره واعترف بالحقيقة وهى أن الشرطة هى التى ألقت بالقنبلة وسط جموع العمال وهى التى لفقت التهمة، هز اعتراف ذلك الرجل كل ولايات أمريكا، كما هز قلوب العمال فى العالم أجمع، وطالب الرأى العام بإعادة المحاكمة وثبتت براءة العمال وتقرر اعتبار الأول من مايو عيدا عالميا للعمال، وقبيل أن أنهى سطور مقالى هذا كنت قد قرأت خطابا أرسله أحد العمال الذين حكم عليهم بالإعدام فى تلك الواقعة وكان قد كتبه لابنه وقال فيه: «ولدى الصغير عندما تكبر وتصبح شابا وتحقق أمنية عمرى، ستعرف لماذا أموت؟! ليس عندى ما أقوله لك أكثر من أننى برىء وأموت من أجل قضية شريفة، ولهذا لا أخاف الموت.. عندما تكبر ستفخر بأبيك وتحكى قصته لأصدقائك» وها أنا قد نقلتها إليكم للتذكرة، فلا يضيع حق وراءه مطالب، كلمة قبل الرحيل، لاحظت فى الآونة الأخيرة أن الجميع قد علق حياته بذلك الملهم القادم بعد 30 يونيه فإذا كان مدنيا فكيف يتعامل مع الجيش وينظم صفوفه ويضمن ولاء الجنود له؟! وإذا كان عسكريا فكيف سيتعامل مع الثوار والقوى السياسية؟! وإذا كان من التيار الإسلامى فكيف سيواجه الجناح الليبرالى والعلمانى؟! وهل ستكون القيادة من تحت عباءة المرشد العام؟! كان الله فى عون الرئيس القادم.. الأمور متشابكة ومعقدة عند البعض، فالحراك السياسى شديد الخطورة وموازين القوة باتت غير واضحة عند بعض الناس، برلمان يضرب بالحكومة عرض الحائط، وحكومة ورثت تركة ثقيلة وأتت ببيانات لم تلق قبولا من نواب الشعب، والمجلس العسكرى يشاهد ويراقب كل الأحداث.. فهل سيحسمها؟ أم سيترك كل التيارات تنكشف أمام الشعب المصرى، الذى سيقرر مصيره بيده؟ وأخيرا الدستور.
يا سادة.. الدستور. والله الموفق.
محمد عبد الله
مذيع الأخبار