رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الكلمة الحقة.. أو دموية 25 يناير!

قال الشاعر الراحل والمبدع المناضل محمود درويش: «أحسب أن حدود الوجود هى الكلمات».. وإنى أحنى رأسى لكل حرف فى هذه الكلمات، وأضيف موضحاً أنه ليس فى الوجود أقدس من الكلمة الحقة.

وفى تاريخنا الحديث بدأ أبوالزعماء سعد زغلول نضاله بالكلمة.. سواء فى الخطب أو المكتوبات، فكانت سبباً مؤثراً بانفجار أمة إلى أعظم ثورة.. وواصلت الثورة الأم سيرها لتنجب لنا دستوراً مكتوباً وبرلماناً متكلماً وجيلاً يقدس الإيثار!
وكانت غلطة انقلاب يوليو 52 أنه لم يحترم كلمات الثورة الأم بغية أن يطلقوا وليداً جديداً من صلبهم، وهو لون فاقع من الأثرة!
وكان بديهياً أن يجىء الوليد كذوباً بفعل الجينة الوراثية فيكذب مع أول كلمة ينطق بها ليزعم أنها ثورة بدلاً من انقلاب أو حركة، ويستطرد كاذباً ليقول إن مصر ولدت يوم 23 يوليو.. والحقيقة الثابتة بالاستقراء أنها وئدت، وكان ذلك هو المصير الأليم الذى ورد عنه خلاف حرف واحد فى الكلمة!
ويستطرد الوليد الرضيع ليكذب.. ويكذب مع كل رضعة ورضعة ولدى كل كلمة وكلمة حتى شب عملاقاً كذوباً، واخطبوطاً باطلاً ملأت أكاذيبه وأباطيله أدراج المدارس شراباً مقرراً سكراً تملأ بطون الولدان وتدهم رءوس الصبايا والشبان، فى كل أنحاء الوادى الغريق؟!، وترتب على ذلك عهد طويل من الاستبداد والفساد عمره ستة عقود متوالية كانت السلطة فيها للسيف دون الكلمة، ونسوا أن الموت للسياف قاطع رءوس الضد والويل لعبيد الظلمة والشهوة والمال الحرام!
لكن لأن المجد دائماً لمناضلى الكلمة فى كل زمان ومكان، فقد انفجر سديم الهوان ليطلق ثورة حرة يوم 25 يناير

بين شعار يضىء نوراً من ثلاث كلمات هى: «الحرية.. الكرامة الإنسانية.. العدالة الاجتماعية».
لكن الويل كل الويل لمن لا يحترم هذه الكلمات (هذه المرة)، فذلك سوف يجبر ثوار يناير الأنقياء بتحويلها من كلمات سلمية إلى سيول دموية، مرددين: لا عسكر ولا إخوان ولا ذل بعد أو هوان، حيث نحسب أن حدود الوطن بالعسكر والسيف وكفى أن حدود الله فى الكتاب والمسجد والقلب وحسب، أما حدود الوجود، بعبقرية محمود درويش، فإنها الكلمات!!
ولعل ذلك هو نبض كل المفكرين الأحرار والمصلحين الأبرار والمثقفين الشرفاء الذين لا يملكون أعظم من الكلمة الحقة، وحتى لا تعلو فى البلاد سلطة غير سلطة الفكر والكلمة.
ولو أراد السيف أن يستأنف سلطته من جديد دون القلم فإنّا نذكره بمصير مصر عن أزمة مارس 54 وحتى يختار ـ بالضرورة ـ الولاء للوطن المندى بإعلاء الكلمة الحقة والمجسدة فى (الحرية، الكرامة الإنسانية، العدالة الاجتماعية)، وإلا قد يلقى السياف نفسه مصرعه.. وذلك ـ آخر ـ ما لدى صبر أيوب من كلمات؟!!

بقلم: توفيق أبوعلم