رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل من الممكن أن تتحول الثورة المصرية إلى مهزلة مضحكة

لقد فاجأ الربيع العربى الحكام والأعداء بشبابه المتفتح كالزهور وشعوبه الثائرة كأسراب الطيور وهوائه الملىء بعبق الحرية والأحلام والتطلعات.  لم يتوقع أحد حتى أقرب الأصدقاء أن يخرج فجأه من الأوطان التى تحولت

إلى أوكار للفساد وبرك راكدة ونفوس محبطة وكهوف عفنة عشش فيها الخوف والظلام هذا الشباب الحر وهذه الشعوب المتطلعة للكرامة والحرية.  لقد جاء هذا الربيع المفاجىء بعد أن تآمر الأعداء لعقود عديدة مع الحكام العرب حيث تلاقت المصالح وتعانقت المطامع فأحكموا الخطط ونفذوها بدقة وصبر حتى إطمأنوا للنتائج وظنوا أن الشعوب العربية قد تحولت إلى جثث هامده وأصبحت جاهزه للدفن ولم يبق إلا إعلان المراسم وتقبل العزاء ووراثة الأوطان.  وقد بدأ الإعداد والتجهيز للتوريث ورأينا أبناء الحكام والأتباع فى مصر وليبيا وتونس واليمن يتحركون بصولة الحكام الجدد وخيلاء السلاطين القادمين فقد ظنوا أن الوقت قد حان وأن الأمور باتت تحت السيطرة وفى متناول اليد ولم يتبقى إلا إعلان التوقيت.  وقد كانت القوى الخارجية وأصحاب المصالح من إسرائيل إلى أمريكا مرورا بكثير من الدول الكبرى يعارضون التوريث علنا ويدعمونه سرا وكلما إقترب الموعد إبتزوا الحكام وتمادوا فى فرض الطلبات والحصول على المزيد من التنازلات والوريث جاهز لدفع الثمن وكذلك البديل.  وقد تم الإتفاق وتهيئة الأجواء فى أكبر وأهم دولة عربية ليؤول الحكم لجمال إبن الرئيس المدلل فإذا كان هناك إعتراض أو عقبات فليكن عمر سليمان فلابد من المناورة وإعطاء أمريكا والقوى الكبرى الفرصة والمساحة المطلوبة للظهور بمظهر المدافع عن الحريات وحقوق الشعب المقهور.  فربما تفشل أمام مقاومة التوريث خطط الإبن والأب ولا يستطيع جمال السيطرة والإمساك بمقاليد الحكم فإذا تعقدت الأمور فليكن البديل صديق الأب وربيبه وصديق واشنطن وإسرائيل عمر سليمان الذى أعدوه ولمعوه وعرفوه.  وقد أثبت عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية بما قام به فى كل الملفات التى أوكلت إليه بداية من ملف المياه إلى تعزيب مايطلقون عليهم الإرهابيين الذين أرسلتهم المخابرات الأمريكية إلى مصر للحصول على إعترافاتهم إلى حصار حماس ومساندة عباس والحرب على غزة ومرورا بملف الغاز وبيعه لإسرائيل وغيرها من القضايا قد اثبت انه تابعا جيدا وصديقا متفانيا.  والمهم فى عالم السياسة العالمية ليس الحب أو الصداقة ولكن الحفاظ على مصالح القوى الكبرى وبقاء الشعوب العربية وخاصة مصر متخلفة فى قبضتهم خانعة فى إنتظار معوناتهم وإحسانهم.   فلا مكان للمبادىء المعلنه والقيم الإنسانية التى صدعوا بها رؤسنا ليل نهار فهى للإعلام والإستغفال والإبتزاز ولكن المصالح المادية والأهداف الأمريكية والإسرائيلية هى الأولى بالرعاية فى عالم الحضارة الأمريكية الحديثة.  ألم يشعلوا الحرب بين العراق وإيران التى إستمرت لما يقرب من عشر سنوات وكانوا يتظاهرون بالسعى للصلح بين الدولتين ووقف القتال ويبكون على القتلى والمشردين ويزرفون الدموع على الشاشات ثم إكتشفنا أنهم كانوا يبيعون السلاح لكلا الجانبين ويمدونهم بالخطط والمعلومات.  وعندما توقفت الحرب وتكدس السلاح لدى صدام حسين سربوا معلومات تفيد أن الكويت سرق بترول العراق وإستفاد من حربه مع إيران مليارات الدولارات فراح صدام يطالب الكويتيين بالآبار والتعويضات وإستغلوا الخلاف وروح الإنتقام والكبر والعند لديه فأوحوا إليه أنهم لن يتدخلوا حتى ولو إحتل الكويت فليس بينهم وبين الكويتيين معاهدة دفاع وعندما دخل صدام بغبائه وقواته الكويت وقف بوش على شاشات التليفزيون يبكى على الفتيات اليتامى والنساء المشردات وكأنه لم يرى ما يحدث فى فلسطين ثم جيش الجيوش ونشر الخوف والرعب من صدام ومن أسلحته بين الحكام العرب حتى كانت حرب الخليج الثانية التى أطلقوا فيها كل مالديهم من حقد ونيران وإستعملو أحدث ما توصل إليه العلم من وسائل دمار فدمروا الكويت والعراق وقبضوا ثمن التدمير وثمن إعادة بناء الكويت فسال لعابهم وأعجبتهم اللعبة وفتحت شهيتهم للمزيد فراحوا يعلنون أن الفأر المزعور الخائف صدام حسين أسد خطير ولديه أسلحة دمار شامل تستطيع الوصول إلى أقاصى الأرض ولابد من القضاء على هذا العربيد وإنقاذ البشرية من أفظع إرهابى عرفته الإنسانية والتاريخ وكان ما كان فى حرب الخليج الثالثة وتبين للعالم كذبهم وتأكدت حقيقة مؤامراتهم بما تكشف من حقائق وفضائح بعد الحرب فما كان همهم إلا تدمير العراق والحصول على البترول وفتح مجالات جديده للعمل

أمام الشركات الأمريكية والأوربية وتأمين إسرائيل بصناعة أنظمة تابعة ودول مقسمة وشعوب فقيرة خانعة.  وسيرا على ذات الطريق إذا كان نصيرهم وكنزهم الإستراتيجى فى مصر قد أصابه المرض وبلغ من العمر أرذله فكان لابد من البحث عن بديل حيث لا يمكن التنازل عن السيطرة أوالتحكم فى مصير ذلك البلد الكبير المجاور لإسرائيل.  وقد تمت الترتيبات والتفاهمات وكانت الإنتخابات البرلمانية المهزلة أمام أعين وبصر العالم أجمع وبدأت الإستعدادات للتوريث.  وفجأة وبلا مقدمات يشرق الربيع العربى من تونس ويتهادى ضاحكا ساخرا من كل الخطط والتوقعات وتتسارع الأحداث ويفرض الشعب إرادته فى مصر ويقف الرئيس السابق حائرا وعندما يتأكد من فشل خطة التوريث يعين عمر سليمان نائبا إستعدادا لتطبيق الخطة البديلة ولكن مع إصرار الشعب تسقط الخطة ويسقط أيضا البديل.  ويتخلى المخلوع عن الحكم وتصيب الحيرة أعوان النظام القديم فى الداخل والخارج فيسارعون للإشادة بالثورة وتهنئة الشعب العظيم وإعلان الفرح بسقوط الدكتاتور ورجاله كأنهم لم يساندوه يوما أو يعملوا على بقائه.  ووسط أجواء التهانى والإشادة والفرحة بدأت مؤامراتهم ومخططاتهم لوقف مسيرة الديمقراطية بنشر العنف وإثارة الأحداث ومحاولة التدخل فى سير الإنتخابات والضغط بإستعمال المال والمنظمات المدنية والإعلام والعملاء.  وعندما فشلت كل المحاولات ومع إقتراب إنتخابات الرئاسة ونهاية المرحلة الإنتقالية وإقتراب تسليم السلطة بدأ اللعب بالورقة الأخيرة فظهر عمر سليمان بعد الإختفاء والإبتعاد المصطنع عن مسرح الأحداث ما يقرب من عام عاشت فيه مصر مسلسل متواصل من الأزمات المعيشية وسالت الدماء الذكية دون حساب أو حتى معرفة الجناه وإنتشر الخوف والقلق فى كل أرجاء الوطن ليبدأ الحديث عن جدوى الثورة ويدفع الشعب للمقارنه الظالمة وغير الموضوعية بين مانحن فيه من عدم إستقرار وماكان قبلها.  ووسط كل هذا الخداع والتزييف يتقدم عمر سليمان بتوكيلاته التى جمعها بليل أو جمعت له فى 48 ساعة ويترشح للرئاسة فى آخر نصف ساعة قبل إغلاق باب الترشح بناء على طلب الجماهير المجلوبة وإستجابة لنداء المسؤلية كما يدعى وتنطلق آلة الإعلام ويتحدث عن ترشحه الأعوان والأتباع فى الداخل والخارج كأنه المنقذ من عبث الثوريين وجهل السياسيين وتكويش الأخوان ورجعية السلفيين وتهور الليبراليين.  فهل من الممكن أن ينجح هذا الخداع وينطلى على الشعب المصرى هذا التزييف؟، وهل من الممكن أن يخلع الشعب المصرى رئيسة بعد عقود من الفساد والإفساد ويضعه فى السجن ثم يأتى بظله ورجله الأول وشريكه والشاهد على فساده وماأحدث فى البلاد من فقر وتخلف وضياع ليضعه على كرسى الحكم؟،  وهل يرضى الشعب المصرى أن يكون مهزلة الدنيا ومضحكة العالم؟. فالتاريخ كما أثبتت الأيام وعلى حد قول "كارل ماركس" لا يعيد نفسه وإذا فعل فهو فى المرة الأولى دراما مؤثرة وفى المرة الثانية مهزلة مضحكة.
د. حسين ياسين الجازوى
أمين عام حزب الوسط بالفيوم