رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بصيص نور

لا أعرف كيف تسلل فيلم «كوريولينوس» إلي شاشات دور العرض في عاصمتنا القاهرة، أرجح الظن أنه تسلل تحت جنح الظلام بوصفه فيلم حركة ومغامرات تسيل فيها الدماء أنهاراً، مع إخفاء أنه فيلم مأخوذ عن مسرحية شعرية، بنفس الاسم من أعمال الشاعر المسرحي الشهير «وليم شكسبير».

وأياً ما كان الأمر فـ «كوريولينوس» فيلم من إخراج رالف فينس، ذلك الممثل الإنجليزي البارع، الذي سبق له أن بهرنا بأدائه لدور قائد معسكر الاعتقال النازي في فيلم «قائمة شندلر» وكذلك بأدائه بعد ذلك في فيلم «الإنجليزي الغليل» وهو أول فيلم يبدأ به مشواره في الإخراج، واختياره لـ «كوريولينوس» وهي من مسرحيات المرحلة الثالثة من نتاج «شكسبير» التي تشمل «يوليوس قيصر» و«هملت» و«عطيل» و«الملك لير» و«مكبث» و«انطوني وكليوباترا» و«تيمون الاثيني» و«العبرة بالنهايات» واختياره هذا إنما يرجع إلي أنه مثل دور «كوريولينوس» علي خشبة المسرح قبل أكثر من عقد من عمر الزمان.
سائراً في ذلك علي نهج كل من «لورانس أوليفيه» و«كينيث براناج» وكلاهما كما هو معروف أدي علي خشبة المسرح مسرحية شكسبير «هنري الخامس» ثم أداها سينمائياً، بعد ترجمتها إلي لغة القمع السابع في فيلم من إخراجه مثلما كان الحال وقت أدائه لها مسرحياً.. وأحداث «كوريولينوس» كما كتبها شكسبير إنما تدور في روما القديمة، وقت أن كانت عاصمة امبراطورية، يخضع لسلطانها العالم القديم ولكن أحداثها حسب رؤية «رالف فينس» تدور في العصر الحديث وفي مكان ما اتخذ اسم «روما».
غير أنه مع مرور الأحداث تباعاً بدءاً من أولي لقطات الفيلم حيث لا نري إلا لقطة مكبرة لسيف يسن، يتبين لنا أن مكانها - أي الأحداث - هو البلقان بركان البارود وتحديداً الاتحاد اليوغسلافي، وقت تشرذمه إلي جمهوريات متنافرة لا تحمل لغيرها سوي العداء.
وليس محض صدفة أن الفيلم قد جري تصويره في بلجراد عاصمة صربيا إحدي جمهوريات ذلك الاتحاد وأكثرها تعصباً وجنوحاً

إلي التصفية العرقية والطائفية.
وحسب سيناريو الفيلم وهو من تأليف جون لوجان صاحب سيناريو فيلم «المصارع» تبدأ الأحداث بروما تعاني حكومتها من الانقسامات والخلافات، ويعاني شعبها من الجوع والحرمان وفوق هذا تتهددها علي الحدود غارات الأعداء.. في هذا الجو الملبد بالغيوم يقوم الجنرال كايوس مارتيوس الجيش في معركة ضارية ضد جيش العدو تحت قيادة توليوس أوفيديوس ويؤدي دوره جيرارد بتلر.. وتنتهي المعركة بالنصر المبين للجنرال كايوس الذي يعود إلي روما متوجاً بأكاليل الغار ولأنه أنقذ مدينة «كوربولي» من الوقوع في أسر العدو منحته روما لقب «كوريولينوس» عرفاناً منها بالجميل.
وفوق هذا رشحته لأن يكون قنصلاً وناصبه ممثلوا لشعب العداء، لأنه كان متغطرساً يحمل لهم قدراً كبيراً من الاحتقار، حتي انتهي بهم الأمر إلي اتهامه بخيانة البلاد.
والأمر الغريب وكأنه يؤيد اتهامهم له يغادر روما إلي أرض العدو، حيث يتحالف مع «أوفيديوس» بتلر ويعلنان الحرب علي روما.. وتتصاعد الأحداث حتي تنتهي به مقتولاً شأنه في ذلك شأن أغلب أبطال مآسي المرحلة الثالثة من نتاج شكسبير.. يظل لي أن أقول إنه لم يسبق لأحد أن ترجم مسرحية «كوريولينوس» إلي لغة السينما، وأن ترجمة «رالف فينس» لها جاءت في الوقت المناسب وأن التوفيق صادفه إلي حد كبير.

--------------
بقلم: مصطفي درويش