رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

«حرارة» والعمى السياسى

الصداع يفتك برأسه وجسده كله.. عاد «حرارة» من رحلة علاج لم تكلل بالنجاح.. عليه أن تبقى الشظايا فى عينيه ربما يُكتشف علاج فى المستقبل.. هكذا أخبره أطباء أوروبا.
«حرارة» بين فكى الصبر والصداع! تسبب وجود هذه الشظايا صداعاً لا يمكن احتماله! لم يعد قادراً على النوم!

سرقة الثورة ومحاولات تعمية الشعب تصيبه بصداع أكبر من صداع الشظايا حاول الطبيب المصرى إثناءه عن قراره! ترجاه ألا يفعل ويصبر قليلاً! ولكن «حرارة» أصر!
خلصه الطبيب من الشظايا بجراحة تنهى الصداع وتقضى على أى أمل له فى أن يرى مرة أخرى!
«حرارة» لم يحزن!
لم يكن يريد أن يرى العمى السياسى الذى بدأ فى إجراء الانتخابات قبل وضع الدستور وتلك المحاكمات البطيئة المملة المبنية على أساس خاطئ.. لا يريد أن يرى المخلوع فى طائرته ومنتجعه العشر نجوم!
من المفارقات أن يجرى «حرارة» تلك الجراحة المؤلمة فى الوقت الذى يقوم فيه عضو برلمان سلفى بجراحة تجميل فى الأنف! حرارة يدرك أن أى جراحة تجميل لن تخفى الوجه القبيح لتيار الإسلام السياسى وهو يتحالف مع المجلس العسكرى لوأد الثورة.
لم يرغب أن يرى كل هذا القبح بعد أن زرع هو وجيله أول أزهار الربيع وتنسموا ربيع الحرية.
.. لم يرغب أن يرى انتخابات رئاسية هزلية! يتقدم لها الفلول ومرشحو نظام مبارك!
>>
العمى السياسى لدى نظام مبارك له ما يبرره؛ هو الرغبة فى الاستمرار فى جنى المكاسب والبقاء فى المناصب، لكن العمى السياسى لتيار الإسلام السياسى أكثر حماقة لأنه عمى لا يستفيد حتى من تجربة الماضى القريب حينما تحالفوا مع العسكر وخرجوا من المولد إلى معتقلات العسكر.
تمدد حرارة على سريره بالمستشفى وبدأ يستعيد شريط الثورة ويحدث نفسه قائلا : بدلا من دستور جديد صار لدينا إعلان دستورى و60 مادة هبطت علينا من المجلس! بدلا من دستور توافقى يحضرون لرئيس جمهورية توافقى! بدلا من تكريم الشهداء وتسمية شوارع وسط البلد بأسمائهم ودعوتهم لحضور أولى جلسات مجلس الشعب تم إتهامهم بالبلطجة وإهانة أسرهم! بدلا من علاج المصابين على نفقة الدولة! قرر مجلس الشعب تغيير سيارة الكتاتنى بأخرى مضادة للرصاص تكلفت ملايين الجنيهات! بدلا من محاسبة ومحاكمة من قتلوا الثوار وذبحوا مصر فى بورسعيد تمت ترقيتهم!
بدلاً من برلمان ثورة صار لدينا برلمان قندهار! بدلاً من تكريم من قاموا

بالثورة تم إلقاؤهم فى السجون العسكرية! (مباحث أمن الدولة) صارت (الأمن الوطنى)! ياله من تغيير عظيم!
استبدلوا تكريم النشطاء والرموز الوطنية بالتحرش بهم وضربهم وسجنهم وتشويه سمعهتم! واستبدلوا تكريم حرائر مصر بانتهاكهن والتشكيك فى شرفهن!
تنهد حرارة أثناء تغيير الطبيب للأربطة على عينيه.. الطبيب أصابته نوبة بكاء! حرارة هدأ من روع الطبيب الشاب وشكره.
خرج الطبيب مسرعا.. عاد حرارة ليحدث نفسه (.. لم نضحى بالغالى والنفيس لكى نجلس هؤلاء على مقاعد البرلمان! لم نأت بهم ليتجاهلوا مطالب الثورة ويتفرغون لعقاب نواب الثورة القلائل مقدمين أسمى آيات العرفان للمجلس العسكرى! لم نضح لكى يسيطروا على لجنة الدستور ويخرجوا لنا دستورا مشوها كما منحونا برلمانا مشوها!
لم نقم بثورة لتغيير رأس النظام وبعض الرموز! ونبقى على النظام كما هو! )
خرج حرارة من المستشفى وهو يرى بعينى زرقاء اليمامة أن الثورة قادمة هذه المرة لتتطيح بكل العفن ولن تبقى حتى على أنصاف الملوثين.. يرى بوضوح أن الغد قادم وأن من المستحيل إخفاء الشمس أو حبس الضياء.
حرارة أخبر سائق التاكسى وأهله وزملاءه من الثوار الذين التفوا حوله أن الجميع أضاعوا فرصاً ذهبية لدخول التاريخ.. المجلس العسكرى وتيار الإسلام السياسى والبرلمان والحكومة!
والثوار أيضا لأنهم تركوا الميدان ولم يوحدوا الصفوف ويختاروا قيادة واحدة تتحدث باسمهم..
حرارة استراح من صداع الشظايا ولكن صداع الخوف على الثورة وعلى الوطن لم يختف... حرارة وزملاؤه يرون الآن بوضوح أكبر... طلب حرارة من سائق التاكسى تغيير وجهته... خاطبه قائلا إلى ميدان التحرير يا صديقى.
----

بقلم-طارق عبدالفتاح
خبير إعلامى
[email protected]