رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

6 أخطاء قاتلة تهدد طموح «الحرية والعدالة»

الأيام دول، يوم لك ويوم عليك، فقد حدث الخلع، والقطيعة بين الإخوان والمجلس العسكري، بعد فترة من علاقة الود، والحميمية المستترة بين القطبين العملاقين، وإن كنا نرقبها من بعيد، وكثيراً ما كانا ينفيان وجود هذه العلاقة، رغم علمهما بتلصصنا عليهما، ونقل بعض التفاهمات، والاتصالات التي تتم من خلال بعض التسريبات العفوية، التي قد تأتينا.

وقع المحظور وانكشفت مؤامرة تقسيم استحقاقات المرحلة الانتقالية، وليس خرائط تقسيم البلاد التي حاول الطرفان ترويجها، لشغلنا عما يدور، ويدبر لنا في الخفاء وكأننا قاصرو النظر، أو لم ننضج بعد، وقد مر الفراق بعدة مراحل بدأ بالحرب الباردة وأولي مراحلها الاستقطاب ثم الغضب فأخذ المواقف عندما شعر حزب الحرية والعدالة بزهو التمكن، بعد اكتساحهم الانتخابات النيابية، وحصدهم الأكثرية في البرلمان والشوري وبدأ مخاطبة «العسكري» من طرف الأنا بعد الغزل، ثم الاختلاف الشديد، بعد الاستئثار بتورته الجمعية التأسيسية بالتنسيق مع حزب النور، وذلك بالاستحواذ علي 50٪ من تشكيل الجمعية من داخل المجلسين، والمزاحمة في اختيار 25٪ من المحسوبين علي الحزبين من نسبة الـ 50٪ الباقية من خارج البرلمان.
ومع نشوة الزهو بكسب المزيد من النقاط وإحراز الغلبة بدعوي اختيار الشعب تجاوز الإخوان وحزبه سقف الطموح، إلي الرغبة في تشكيل الحكومة الائتلافية وعدم انتظار الفترة المتبقية من خارطة الطريق، ثم القفز إلي الحديث عن مرشح للرئاسة، علي خلاف ما سبق وأعلن، الأمر الذي عجل بالصدام، ونقل الهمهمات والتفاهمات السرية إلي الصراع المكشوف «علي عينك يا تاجر».
وقد أدت سكرة الانتصار التي حققها الإخوان من خلال حزبهم، إلي الوقوع في 6 أخطاء قاتلة، لم يحسبوا لها جيداً، لعدم قراءة المشهد، وطالع الأيام من توقعات أو تغيرات معاكسة طارئة بناء علي المعطيات المتاحة، وردود أفعال تفسيرات مواد الإعلان الدستوري المفخخ، ومغزاها وتداعيات نتائجها.
وجاء الخطأ الأول في إطلاق فكرة مرشح توافقي للرئاسة، والترويج لها علي استحياء في بادئ الأمر، وتأجيل التعليق عليها إلي ما بعد جس النبض، وتوالي ردود الأفعال، ولسوء الحظ لم ترق الفكرة للجميع، وتسابق المرشحون المحتملون للرئاسة، وبعض القوي والحركات السياسية علي رفضها، ووصف المرشح التوافقي بالمرشح التآمري، وبعد تصاعد موجات النقد والهجوم علي الفكرة ومروجيها، جاء النفي سريعاً، ومتزامناً مع حزب الحرية والعدالة، والمجلس العسكري، وقامت جماعة الإخوان بغسل يدها من الفكرة والتأكيد علي رفضها وليس بمستغرب أنها من بنات أفكار الإخوان و«العسكري» رغم تكرار النفي لأن ببساطة نفي النفي إثبات.
وفي زحمة ترتيبات التمهيد لقنص المزيد من الفرص المستهدفة، كان السفر المفاجئ للأمريكيين المتهمين في قضية التمويل الأجنبي، واكتشاف حدوث تدخل في القضية المنظورة وتنحي القاضي المباشر للقضية، ثم القرار المفاجئ برفع حظر السفر مما أوقع البرلمان في ورطة، وبالتبعية حزب الحرية والعدالة، وأيضاً جماعة الإخوان، وتبادل أعضاء البرلمان المواجهة ومطالبة الحكومة بالمثول أمامها للاستجواب، وسل سكاكين تقطيع «هدوم» الحكومة علي جريمتها في حق الوطن وسيادته، و«هاتك» نقد وتقريز وخطب من عينة «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذي حتي يراق علي جوانبه الدم» ثم توجيه النقد المغلف لـ «العسكري» وبنبرة أقرب إلي العتاب والتساؤل منها إلي النقد، ثم هدوء الضجة المثارة للاستجوابات وطلبات الإحاطة ونسيانها «وكأنك يا أبوزيد ما غزيت» وتم الانتقال إلي جدول الأعمال كما كان يفعل فتحي سرور، وهذا هو الخطأ الثاني، خاصة أن حزب الحرية والعدالة الذي يستحوذ علي رئاسة البرلمان، ومعظم لجانه لم يتحرك بالقدر الذي كان يتوقعه الشارع، مما يوحي وجود تفاهم مع «العسكري» لغلق الموضوع، وكانت المفاجأة إعلان الإدارة الأمريكية شكرها للإخوان، علي تعاونهم في حل مشكلة رعاياها، حيث سبق للسيناتور ماكين المبعوث الأمريكي لقاء مرشد الإخوان مما يؤكد أن الحكاية تمثيلية متفق عليها، ولا تتعدي توزيع أدوار لامتصاص غضب الشارع.
ولأن المادة 60 من الإعلان الدستوري سبب كل الكوارث التي نعاني منها في وضع الدستور جاءت علي هوي الجماعة

وحزبها وتوئمها حزب النور لالتهام تورته التأسيسية، فقاتلا من أجل استمرارها بعوارها كما هي، رغم رفض الجميع بمن فيهم فقهاء الدستور، لفتح شهيتهم لهضم التأسيسية بلجنة المائة، وأعضائها، ولتفصيل دستور علي مقاسهم وهذا الخطأ أو الخطيئة الثالثة، وكان المفترض التعفف والإثار والترفع لإظهار حسن النوايا، وإعلانهم المشاركة علي المغالبة في وضع الدستور إعمالاً بمبدأ التوافق وإبعاد شبهة الانفراد والاستفراد لكسب المزيد من التأييد بدلاً من السطو والاستحواذ، وإقصاء شركاء الوطن، خاصة في ظل هيمنتهم علي السلطة التشريعية وفي الطريق السلطة التنفيذية التي تبدو أمراً مؤكداً خلال شهرين.
والخطأ الرابع تجاهل الاعتراض علي المادة 28 في قانون انتخابات الرئاسة التي تحصن أعمال اللجنة العليا للانتخابات ضد الطعن، مما قد يشكك من مصداقية ونزاهة الانتخابات، فرغم أن تشكيلها من القضاة إلا أن عملها إداري، وقد يكون الرد بأنه تم الاعتراض عليها، ولكن كان الاعتراض مجرد تسجيل موقف، ولا يرقي إلي الرفض، والمطالبة بتعديلها من خلال البرلمان صاحب التشريع، أو بتدخل المجلس العسكري بإصدار ملحق إعلان دستوري للتعديل، ولكن اكتفي الحزب بإبداء اعتراضه ثم سريعاً التراجع بقبوله تبرير «العسكري» وبعض مؤيديه من أن التعديل قد يؤدي إلي إطالة المرحلة الانتقالية، وهذا قول غير مقنع، مما يؤكد وجود تنسيق بين الطرفين، ودليل علي وجود صفقة وتفاهمات بينهما وهذا ليس بخاف علي أحد.
ويضاف إلي ذلك الخطأ الخامس، وهو الالتفاف علي الوعد الذي قطعوه علي أنفسهم بإعلانهم عدم الدفع بمرشح من الجماعة للرئاسة، لنفي عنهم تهمة «التكويش» علي السلطة، ولكن ما إن تأكدوا من بلوغهم مرحلة التمكن، تم سحب وعدهم والتبرؤ منه، واستخدامه كورقة ضغط ضد العسكري كلما اختلفا أو عصي عليهم أمر، وبلغ التهديد بترشيح نائب المرشد الدكتور خيرت الشاطر، ليكون مرشحهم للرئاسة، وسبق طرحه كمرشح لرئاسة الحكومة الائتلافية، وهي رسالة غير مطمئنة وفي غير صالحهم، يقدمونها لخصومهم في الداخل قبل الخارج وكأنهم يقولون احذروا «يا جبل ما يهدك ريح» بعد أن دانت لهم السلطة.
وكل ما سبق من أخطاء في كفة، وما ارتكبه مجلس شوري الجماعة من خطأ سادس في كفة أخري، فرغم نفي الجماعة تدخلها في عمل الحزب، وعدم الخلط بين نشاطها الدعوي والنشاط السياسي للحزب، أعلنت الجماعة صراحة أن مجلس شوري الإخوان في انعقاد مستمر، لحسم الدفع بمرشح من الجماعة وليس الحزب لخوض انتخابات الرئاسة، مما يؤكد تداخل الدعوة في السياسة، وعدم الفصل بينهما، وهذا قصور في الذكاء، رغم محاولات الإنكار والنفي، وكان يمكن بقليل من الذكاء والفطنة تلافي هذا الخطأ القاتل والمقصود.

بقلم- طلعت الطرابيشي
[email protected]