رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التمويه علي مطالب الثورة!

أعترف بداية، وأظن أن العديدين يشاركونني في ذلك بأننا قد خدعنا، وذلك فيما كان يتعلق بسقف مطالبنا، أو توقعاتنا وآمالنا في برلمان مصر الحالي، ودع عنك ما كان يسمي بمجلس الأنس سابقاً، والشوري حالياً.

ولكن، وإحقاقاً للحق فأنا مع الرأي القائل بأن «الإخوان المسلمون»، أو ذراعهم السياسية، والمتمثل في حزب الحرية والعدالة مدعوون يومياً ومن قبل قوي إقليمية ودولية - خاصة الولايات المتحدة - للإعراب عن حسن نواياهم فيما يتعلق بالسير قدماً علي خطي أو خريطة الطريق للنظام العالمي الجديد الذي وضعه الغرب عامة، والولايات المتحدة خاصة، وبما يخدم، ويؤمن ويعزز مصالحه في كل بقعة من بقاع العالم، وفي القلب منه منطقتنا العربية.
ولا شك أن تجربة الإسلاميين الذين ذبحوا في الجزائر وذلك بعد أن اكتسحوا وبنجاح ساحق، الانتخابات المحلية في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، لا تزال حاضرة، وماثلة أمام الإخوان، خاصة أنهم قد أقصوا بعد نجاحهم في تلك الانتخابات وكذلك حماس في فلسطين.
ولا شك أن الإخوان يستشعرون مدي الحرج الذي وجدوا أنفسهم فيه، حيث إنهم مطالبون من ناحية بتحقيق كل أو أهم مطالب الثورة وهي «عيش - حرية - عدالة اجتماعية - عدالة إنسانية» ومطالبون من ناحية أخري بأن يثبتوا للولايات المتحدة أنهم يحافظون علي مصالحها في المنطقة، التي يقع ضمن نطاقها أمن إسرائيل بطبيعة الحال، وإلا سوف يواجهان بخيارين أساسيين أحلاهما مر، حيث قد تلجأ الولايات المتحدة إلي تشجيع وتأييد وتمويل انقلاب عسكري - ولن تعوزها الذرائع والمبررات بطبيعة الحال - ضد حكم الإخوان في مصر إذا ما خرجوا عما رسمته، أو ما وضعته علي الأقل من أهداف أو مصالح لها في المنطقة التي ليس منها - وكما يذكر العالم والمفكر السياسي اليساري الأمريكي البروفسير نعوم تشومسكي - نشر وتحقيق الديمقراطية في مصر، أو في أي مكان آخر من عالمنا العربي، أو حتي في دول الربيع العربي ذاتها، وهنا سيجد الإخوان أنفسهم في مواجهة مع الشعب، أو حتي مع الثورة ذاتها، ومن ثم الثوار، وهذا هو الخيار الثاني المر، حيث سينظر عموم الشعب - أو عموم الثوار - إلي الإخوان علي أنهم أول من ارتد عن الثورة وانقلب عليها بعد أن دانت لهم الأمور وحصلوا علي الأغلبية النسبية في مجلسي الشعب والشوري، بينما حقيقة الوضع، وكما أسلفنا ليست هي بالضبط كذلك!!
بيد أن ذلك الصراع - الداخلي أو النفسي إن جاز التعبير - الخفي، الذي يعتمل لدي الإخوان نتيجة للبحث عن

أمن وسلم المواءمات السياسية بين الداخل والخارج هي التي يمكن أن تقودنا إلي انزلاقات خطيرة، وفوضي عارمة يمكن أن يختلط فيها الحابل بالنابل، وأظن أننا نعيش بعض أعراضها - وذلك بالنظر إلي عارض واحد منها فقط وهو ما يحدث الآن في بورسعيد مثلاً - ولكن يمكن بالحكمة فقط وتغليب المصلحة العامة علي المصالح الحزبية والشخصية الخاصة الضيقة - بل والتضحية بهما إذا تطلب الأمر ودعت الحاجة - اجتياز تلك المنعطفات الخطرة في طريق الثورة.
لكن ما يحدث الآن وفيما نطلق عليه برلمان الثورة، لا يشي بذلك في حقيقة الأمر، إذ إن الإخوان ومن خلال مجلس الشعب نري وبكل وضوح أنهم أحياناً يموهون علي مطالب الثورة الحقيقية - وهم وفي هذه المنطقة بالذات يتحالفون مع العسكري أو علي الأقل يجارونه في الالتفاف علي الثورة، ومن ثم خداع عموم الشعب في حقيقة الأمر - تارة من خلال دخلوهم في مزايدة مكشوفة مع المجلس العسكري حول قضية التعويض المادي لأسر شهداء الثورة والجرحي، فنراهم مثلاً يدعون إلي رفع قيمة التعويض بالنسبة للشهداء إلي مائة ألف جنيه، أو حتي مليون، لكن المهم هنا، وكما ذكرت من قبل، ليس مبدأ التعويض في حد ذاته، ولكن المهم هو تحقيق مطالب الثورة، التي استشهد من أجلها أنقي وأخلص ثوارها من الشباب، خاصة فيما يتعلق بمبدأ العدالة الاجتماعية، ووضع حد أدني وحد أعلي للأجور، أو للدخول، وتارة نراهم يتحدثون عن وضع ضوابط - وهي في حقيقة الأمر كوابح - للمظاهرات والاعتصامات والإضرابات، من غير أن يفكروا في علاج أسباب تلك الاعتصامات والإضرابات والتظاهرات، والتي لا تخفي علي أحد.

بقلم /مجدي الحداد
[email protected]