عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نريد رئيساً لا تسحقه هزيمة .. و لا يسكره نصر (2)

بدأت الاسبوع الماضى التحدث عما نريد من الرئيس القــــديم ، وقلت إن في مقدمة خصائصه أن يكون قادراً على الحلم ، وأن يكون حلمه بقدر مصر ، وقدر مصر لو علمتم كبير ... يضاف إلى ذلك قدرته الإدارية و كفاءته ولا يقاس ذلك بسلسلة تدرجه الوظيفى في الحكومة

أو أنه اتخذ موقفاً جريئاً فألزموه بيته لأربعين عاماً و لزم الصمت . قلت أيضاً إن نضج شخصيته مسألة مهمة فلا نريد رئيساً تسحقه هزيمة ، ولا أن يسكره نصر . وفي مقدمة الصفات بالتأكيد قدرته القيادية ووضوح رؤيته واستطاعته أن يجمع الفئات وأن يلم الشتـــات و يحرك الجميع في منظومة نحو الغاية العليا للوطن .
أضيف اليوم أن الرئيس الذى نريده يتحـــلى بالموضــــــــوعية و يستطيع أن يختار معاونيه بدقة ليكونوا عوناً للوطن ، لا عبئاً عليه ، ويكونوا طاقة دافعة تضاف إليه ، لا طاقة سلبية تخصم منه . إن من تختاره في الفريق يؤثر و بنفس الدرجة على النتيجة مثل وضوح الهدف تماماً . لا يمكن أن تكون محطة الوصول معروفة و لا يكون لديك السائق الذى يقودك إلى هناك .
تقفز النزاهة و نظافة اليد إلى المقدمة بعد ذلك ، وقديماً قال أحدهم إن « الكفن ما لوش جيوب» ليؤكد نزاهته ، ثم أغرته الســلطة و أغراه من حوله بأن الكفن له شـــــنط ملأى بالذهب و المـــــرجان ، و لذلك يشترط لفاعلية النزاهة و استمرارها أن تقترن بالشفافية ، فالشفافية تجعل كل التصرفات دائماً تحت المجهر ، و محل مساءلة ، و موضع حساب . و لذا اعتبروا الشفافية جزءاً من العملية الديمقراطية . و قد يسأل سائل لماذا تأخر ظهور النزاهة في ترتيب الصفات إلى المرتبة الرابعة و الخامسة ، و الحق أنها مطلوبة دائماً و لكن الصفات الأولى هى الأهم في صناعة مستقبل الوطن ، فإذا كان الشخص نزيهاً بدون قدرات فلا كان رئيساً ولا كان وزيراً .
ماذا عن العمر ؟ ما العمر أصلاً ؟ هل العمر هو ما تقوله شهادة الميلاد ؟ أم العمر ما تقوله الخبرات ؟ أم العمر ما تقوله الحيوية و النشاط ؟ أم العمر ما تقوله الآمال و الطموحات ؟ ظنى أن هناك أناساً يهرمون قبل الثلاثين ، وهناك أناس لا يهرمون أبداً ، وهناك بالتأكيد أناس تشعر و كأن العمر لا يتقدم بهم أبداً . كذلك يجب أن نقيس العمر بالطول و بالعرض ، فليس كل عشر سنوات تضيفها إلى عمرك الزمنى ، ستضيف نفس القدر من الخبرات والقدرات إليك ، بل إن هناك رجالاً يقضون عمرهم كله في بلاط سيّدهم ، فلا هم اكتسبوا قدرات ولا هم أضافوا خبرات ، لأنهم عاشوا عمرهم كله في الظلمات ، ظلمات القهر  والطاعة و تنفيذ الأوامر .
لا يجب أن يستخلص أحد من كلامى أن العمر لا أهمية له ، فهو مهم و لكن أهميته متوقفة على فهمه بالأسلوب الذى أوضحته ، و ليس هناك مبرر على الاطلاق مثلاً لأن نترك أجيالاً صاعدة واعدة كثيرة ، و تمدّ يدك إلى « غرفة الكراكيب» لتأتى بشئ ثمين ، و لكنه من زمن فات ، فلا هو يفهم متغيرات العصر ، و لا يتفاعل مع أبناء العصر ، و لا هو بالتأكيد قادر على الحلم ، و هذه أهم الصفات . الأشياء الثمينة دورها تزيين القصور و ليس إدارتها ، و مكانها في المتاحف العزيزة و

ليس في كراسى الحكم . هل أنا ضد كبار السن ؟ بالقطع لا ، فأنا نفسى كبير السن ، و لكنى أزعم أن حساب السن و تقدير العمر يختلف كلية من حالة إلى أخرى .
ماذا عن حكاية الرئيس التوافقى ؟ الرئيس التوافقى الذى تختاره مجموعة من الأفراد يظنون أنهم الأدرى بمصالح الوطن بالتأكيد يكون أسيراً لفضلهم و يشعر أنه من فيض كرمهم ، و هذه صفات تقضى على أى صفات أخرى نبيلة فيه ، ناهيك عن أنه أسلوب يتنافى مع الديمقراطية و يلغى دور الناخبين ، و قد يصيب الوطن في قلبه إذا كان الاختيار غير صائب . يظن العارفون ببواطن الأمور أن الناخبين غير مؤهلين للاختيار ، و هو ظن خائب تفضحه كل التجارب الديمقراطية على مدى التاريخ ، و حتى إذا كان اختيارهم معيباً فالصندوق كفيل بالتصحيح ، و بأسرع ما نتصور .
بقيت ساعات على فتح باب الترشح لرئاســـــة الجمهـــــورية ، وأتمنى أن يكون كل متقدم مدركاً لجسامة المسئولية ، وخطورة المهام ، وأن يكون أيضاً على قدر مكانة الموقع وهيبته ، فالأمر ليس لعبة وليس مزحة ، وبالتأكيد ليس تركة يتسابق الجميع على نيلها .
أكثر من ذلك لابد أن يعى الرئيس القادم طبيعة المرحلة التى تمر بها البلاد ، وهى مرحلة بها من الأشواك على قدر ما بها من الأزهار و الورود ، وبها من الصعوبات على قدر ما بها من فرص في انتظار الاستثمار . فهو سيتسلّم بلداً تم إقصاء الثوار عن إدارته، ولكنهم ما زالوا متمسكين بالأحلام وعلى استعداد للنزول مجدداً إلى الميدان لحماية ثورتهم وإقصاء من يغتال أحلامهم . وهو يتسلّم بلداً يعانى من مشكلات أمنية خطيرة فشل المتعاقبون على الداخلية في صحيح مواجهتها .. وهو يتسلّم بلداً تآكلت احتياطاته الاستراتيجية ، ويبحث عن الحلول الحقيقية و ليس الحلول العنترية . فالركوع ليس شيئاً نتفاداه بالخطب والتصريحات و إنما نتجنبه بحسن التخطيط وحسن القيادة والايمان بمشروع النهضة .
أحذر أيضاً من الانسياق وراء نفس الأفكار و المشروعات القديمة أو تطبيق نفس السياسات القديمة بنفس الوجوه الكئيبة التى تجاوزها الزمن وأصبحت غير قادرة على الابتكار والابداع .
والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل
آخر سطر
مطلوب رئيس حقيقى ، وليس رئيسا توازنيا

--------

بقلم - د. صديق عفيفى

[email protected]