رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثورة بلا دستور.. ودستور بلا ثورة

يبدو أننا أمة كتب عليها الشقاء.. وشعب قدّر له أن تتحكم بمقدراته نخب اعتادت فقدان بوصلة التطور والتقدم.. أمة بحجم مصر شرف شعبها أن تكون أمته من أوائل الأمم التى عرفت الدساتير.. أمة لها من تاريخ المدنية ومقومات الحداثة ما يفوق أعمار دول بأكملها سواء على الصعيد الإقليمى أو العالمى..

هل هانت هذه الأمة بهذا الشكل على نخبها وشعبها؟!! هل يضيع هذا التاريخ الحافل من الانجازات؟!! هل تهدر دماء أجيال وطنية عملاقة على جميع الصعد هباءً فى وجه الريح.. وسط أشلاء الجهالة والسذاجة؟!
كيف تتطور الأمم؟ .. وما هو القانون العام الذى يحكمها؟ ما دور المؤسسات فى صياغة وعى الأمة؟ .. كيف تتشكل أشكال الوعى الاجتماعى بجميع عناصرها ابتداءً من الدين وانتهاءً بالأخلاق؟
ألم تتفق الأمم العصرية أن أهم ما ينجزه شعب من الشعوب هو الاتفاق على القانون العام الذى يدير شئونه والعلاقة بينه وبين حاكمه.. أى بين الدولة ككيان سياسى وبين المواطنين.. فهل ما يحدث الآن يفضى إلى هذا المأمول؟ .. بالطبع لا.. فرغم الخطيئة الكبرى التى ارتكبت بعد الثورة بإجراء الانتخابات البرلمانية دون وضع وصياغة دستور حاكم للبلاد يحدد شكل وطبيعة النظام السياسى وطبيعة المؤسسات التى تدير الشئون المختلفة للأمة.. نرى أصواتاً أخرى تريد إكمال هذه المأساة بأن يتم بناء المبنى دون الاتفاق على الأساس الذى سيبنى عليه وطبيعة المبنى ومكوناته أى أن المطلوب هو بناء مبنى فى الفراغ.. هكذا.. يريدون.. انتخابات رئاسية أيضا كما البرلمانية.. دون وضع الدستور الذى يحدد شكل النظام السياسى. هل هناك أمة عاقلة متمدينة عصرية تفعل ما نفعله نحن بأنفسنا.. برلمان ورئيس بلا دستور يحدد شكل وطبيعة النظام السياسى الذى بمقتضاه ستتحدد أدوار كل منهما ويعرف الشعب حدود صلاحيات كل منهما.
والسؤال المطروح.. وأياً كان المخطئ والمسئول عن هذا الوضع السيئ لأمة لها تاريخ حافل من المدنية، سواء من يديرون شئون البلاد أم القوى السياسية بمختلف توجهاتها.. أم قوى الثورة الوليدة.. أم الشارع الملتهب باحتياجاته الاجتماعية والاقتصادية.. وقهره المتراكم عبر عقود عديدة، وبعده أو إبعاده عن المشاركة السياسية.. أقول أياً كان المسئول أو المخطئ والذى يجب أن يحاسب سياسياً على هذا.. فهل يتم استمرار الوضع الهزيل هكذا؟!! .. أم من الحصافة والنضج والرشادة

السياسية أن نتعلم من أخطائنا أو بالأصح يتعلمون من أخطائهم ويتم تدارك الوضع وتصحيحه وعودة العربة خلف الحصان فى وضعها الطبيعى، ويتم الاتفاق الآن على وضع آليات موضوعية ومنضبطة لإنجاز مهمة صياغة دستور محترم وعصرى يتوافق مع تاريخ أمة بحجم مصر يدرك مكانتها كل العلماء والباحثين والمفكرين والمؤرخين على مستوى العالم، رغم هوانها علينا نحن المصريين.. دستور نصحح به هذه الأخطاء المتتالية والذى بناء عليه تبنى مؤسسات الدولة بوضوح الأهداف وعلميتها.
ولنا فى التاريخ عبرة.. إذا كانت هزيمة الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى لمصر قد شكلا لحظة انكسار لحركة المحكومين سعياً وراء انتزاع حقوقهم فى العيش كمواطنين وليس كرعايا، قد سعت الحركة الدستورية إلى التأكيد على مبادئ المساواة والمشاركة وتركزت نضالات الأمة المصرية طوال فترة ما بعد الاحتلال الإنجليزى لمصر حول الاستقلال والدستور معا وشكل نجاحها فى هذه المعارك لحظات نجاح فى استخلاص حقوق الوطن والمواطن وتحولت أرض مصر إلى الوطن المصرى، والبشر الذين يحيون عليها ويشاركون فى لحظاتها الدستورية إلى مواطنين عصريين.. وتجاوزت الأمة المصرية هزيمة الثورة العرابية وصاغت دستور 1923 العظيم.. فهل لنا فى هذا التاريخ عبرة!! وهل بعد عام من ثورة يناير يدرك المختلفون والمتنافسون والمتأدلجون الفرق بين أن تقوم ثورة ولا تفرز دستورا ثوريا حقيقيا... وبين دستور تنفرد به أغلبية.. أيا كانت.. ليكون دستوراً فاقداً أول معايير الثورة وهى التغيير إلى الأفضل وأول معايير العصرية وهو دستور مدنى بامتياز حتى ولو كره الطائفيون.

----------

بقلم: صبرى سعيد
E-mail: [email protected]