رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البحث عن إسرائيل .. في أرض الضبعة

بدأ المشروع النووي المصري قبل عشرات السنين - عندما أقيمت وحدة للنظائر المشعة كانت تستخدم للأغراض الطبية والدراسات، الفيزيائية، النووية - وقطعت مصر فيها شوطاً لا بأس به كان يبشر بدخول مصر عصر القوة النووية قبل ان تفكر إسرائيل في إقامة أول مفاعل نووي لها بسنوات.. بدعم من فرنسا التي منحتها سراً الخبرة اللازمة لهذا الأمر.

وفي السبعينيات وربما بسبب ظروف الحرب والأزمة الاقتصادية تجاهل السادات تطوير المشروع النووي خاصة بعد التحالف مع أمريكا بعد إعلان السادات أن أوراق الحل للصراع المصري الإسرائيلي في يد أمريكا بنسبة 99٪ وبعدها عقد معاهدة السلام مع إسرائيل.
وفي بداية العصر المباركي - أعلن مبارك عن النية في إنشاء أول محطة نووية مصرية .. ثم توقف المشروع ودخل أدراج النسيان بعد كارثة مفاعل تشرنوبل في روسيا - فكانت الحجة الجاهزة لمبارك لإعلانه إلغاء أي مشروع نووي مصري - مع بداية تحالف مصري - أمريكي .. وموالاة مصرية إسرائيلية لا تجرؤ علي إغضابها وبعدها هاجر عشرات من علماء الذرة المصريين في كل دول العالم بحثاً عن فرصة للعمل - بعد أن مات المشروع المصري. وخلال ذلك الوقت كانت إسرائيل تنتج وتطور من قوتها النووية. فانتجت ما يزيد علي مائتي قنبلة نووية تعمدت تسريب أخبارها لنا وكأنها ترسل لنا تهديداً مباشرا بأن الأمر لا يحتمل أي منافسة في هذا الأمر. ولم تكتف إسرائيل بذلك فسعت لقتل العديد من علماء الذرة المصريين والعرب أبرزهم يحيي المشد الذي قتل في أحد فنادق باريس وقبل ذلك بسنوات طويلة قتلت إسرائيل أيضا عالمة الذرة المصرية سميرة موسي في أمريكا.. وكأنها كانت تحتاط مقدما لاي تفكير مصري في بعث المشروع النووي الخاص بها.
وبعدما كشفت إيران عن مشروعها النووي وبدأت في إقامة محطاتها النووية في بوشهر وغيرها تم اغتيال العديد من علماء الذرة الإيرانيين كان آخرهم قبل أيام قليلة. بل وتعمدت أمريكا تعطيل عمليات الطرد المركزي في المفاعلات النووية لتعطيل مشروعاتها النووية من خلال فيروسات إلكترونية متقدمة. ولكن الإيرانيين تغلبوا علي ذلك الأمر، وهو ما دفع إسرائيل للتهديد بضرب المفاعلات النووية الإيرانية، وقيام أمريكا بفرض عقوبات دولية علي إيران بسبب مشروعها النووي.. في تأكيد بأن لا أمريكا ولا إسرائيل ستسمحان بوجود قوي نووية عربية أو إسلامية.
وقبل عامين أو أكثر.. فاجأنا النظام المباركي بالإعلان عن إنشاء محطة نووية مصرية للأغراض السلمية.. في إعلان غريب علي النظام الذي كان يدين الولاء الكامل لأمريكا وإسرائيل، ويبدو أن مبارك كان يمارس نوعاً من الضغط علي أمريكا.. لتقوم بتخفيف الضغط عليه ومن خلال انتقادها المستمر في مسألة حقوق الإنسان في مصر.. رغم ان ضغوط أمريكا في هذا الشأن كانت صورية ومن أجل ذر الرماد في العيون.
ورغم ترسية العطاء علي إحدي الشركات الروسية لإقامة المفاعل النووي المصري - إلا أن مبارك لم يتخذ خطوات فعلية في هذا الأمر.. ربما بسبب عقد صفقة غير معلنة مع أمريكا.
وكان المثير للدهشة في هذا الوقت من خلال الأمل الوهمي الذي بثه نظام مبارك في إحياء المشروع النووي المصري.. هو صراع بعض رجال الأعمال المصريين علي أرض المشروع النووي في الضبعة.. ومحاولتهم الاستيلاء علي تلك الأرض من خلال رغبتهم في إقامة مشروعات سياحية في المنطقة.. أو محاولة تخويفنا من خطورة المشروع النووي علي أهالي المنطقة. وهو صراع لم يحسم إلي لحظة سقوط النظام.
وبعد قيام ثورة يناير.. أصبح إحياء المشروع النووي المصري أملاً وحلماً.. بعد أن تهدأ الأوضاع ويستعيد الاقتصاد المصري عافيته من أجل تمويل ذلك المشروع الضخم الذي سيتكلف مليارات الدولارات.
غير أنه ليس كل ما

تتمناه الشعوب تدركه.. بعد أن قام أهالي منطقة الضبعة في الأيام الأخيرة باحتلال أرض المشروع ومطالبتهم باستعادة الأرض.. مما دفع القوات المسلحة للإعلان أنها ستقوم بدفع التعويضات اللازمة لأصحاب الأرض.. وبمقابل يتفق مع سعر الأراضي هذه الأيام.
ولكن حدث ما لم يتخيله أحد في الأيام الماضية.. عندما انسحبت القوات التي كانت تحرس أرض المشروع النووي من مواقعها دون سبب مفهوم. وكانت النتيجة أن قام بعض الأهالي وأحد فلول النظام السابق بالهجوم علي المنشآت في المنطقة وقاموا بهدم المباني هناك وشملت الخسائر جهاز المحاكاة الشبيه بالمفاعل النووي وموزعاً كهربائياً وخزان مياه ضخ.. وكان من نتيجة ذلك الهجوم الذي استخدمت فيه المتفجرات خسائر تصل لعشرات الملايين من الجنيهات وضياع العديد من السيديهات التي تحمل أبحاثاً ودراسات أجراها خبراء المحطات علي موقع الضبعة خلال ثلاثين عاما. ولم تجد اللجنة التي شكلت لتقدير الخسائر داخل أكبر مدينة نووية في مصر سوي هيكل برج الأرصاد الجوية وبعض الهياكل الخاصة بالورش.. وقام المهاجمون بسرقة عدد من أجهزة الكمبيوتر وحتي ملابس المهندسين والعاملين في المكان، إضافة إلي سرقة الأبواب والشبابيك وحتي بعض الأموال التي كانت في حوزة الإدارة المالية بالمشروع. وقال نائب رئيس هيئة المحطات النووية لشئون المشروعات ان معظم الخسائر كانت داخل المماثل النووي الذي لا مثيل له في مصر كلها والذي كان يتم تدريب خريجي الهندسة النووية عليه لحين امتلاك مفاعل نووي. وضياع الكثير من الأبحاث والدراسات السرية التي كانت تخص المشروع.
وهكذا يبدو أن حلم مصر في امتلاك محطة نووية قد دمر لسنوات عديدة قادمة بسبب تلك الخسائر المذهلة وغير المتوقعة ورغم الاتهام الموجه لبعض أهالي المنطقة ولأحد فلول النظام بتدبير ما جري، فإنني أكاد أجزم ان هناك يداً أخري قد دبرت في الخفاء لكل ما حدث وهي يد إسرائيل التي سعت دوماً لإفشال أي مشروع نووي مصري .. وقد وجدت الفرصة سانحة من خلال التحريض ومنع الآخرين للقيام بما كانت تتمني.
وإذا كانت الكارثة قد حلت - فإنني أطالب بمعاقبة من ارتكبوها أشد العقاب. والبحث عن اليد الخفية التي خططت. والأهم من ذلك كله أن يكون ماحدث دافعاً جديداً لنا لإحياء المشروع النووي المصري بكل السبل ومهما كان الثمن.. فكم من المؤامرات الداخلية والخارجية تحاك لنا - ونحن نشاهد دون أن نعي في كثير من الأحيان لإيذاء أنفسناء دون أن ندري.

--------

بقلم: مجدي صابر