رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

احتفلوا بثورتكم و لا تغتالوا فرحتكم


أخصص بعض كلمتى اليوم لتسجيل سعادتى و امتنانى لجميع لأعضاء أسرة مؤسسات طيبة وجامعة النهضة الذين وقفوا معنا في محنة الحريق الذى طال أكاديمية طيبة الاسبوع الماضى. فعلى قدر ألمى للحادث وحزنى على الخسائر المادية كانت سعادتي بعدم وجود أى خسائر بشرية فالمال يعوّض و المباني ترمّم والتجهيزات تستبدل أما البشر فهم الحصن الذى لا يعوض.

كان اليوم يوم جمعة والأكاديمية في إجازة، ونشب الحريق بعد صلاة الجمعة وساعدت الرياح الشديدة في ذلك اليوم على انتشاره بسرعة غريبة و لكن الأغرب كان سرعة انتشار الخبر في كل مكان بمصر وخارج مصر. كان أول المتصلين بى ابنتي أمل حيث اتصل بها الجيران ليخبروها عن مشاهدة ألسنة اللهب تتصاعد من الأكاديمية. وتوالت الاتصالات بعد ذلك من أمريكا وألمانيا والسعودية. الكل يريد الاطمئنان و يدعو الله أن يكون القدر لطيفاً معنا.
خلية نحل فورية تكونت من الطلاب والموظفين الذين حضروا من بيوتهم تلبية لنداء الإنقاذ و كذلك الأساتذة الأجلاء.. وكانت عربات المطافئ قد سبقتهم الى الموقع لأداء الواجب، والشكر واجب لهم ولا يمكن أن نفيهم حقهم من الشكر.. اثنا عشرة سيارة بالتمام والكمال.. ونجحت الحملة.. وتم اطفاء الحريق بعد أن طالت ألسنته عدة مدرجات وعدداً من المعامل ومكتبة الأكاديمية ومراسم الهندسة.
حين وصلت الى الموقع فوجئت بكل هذا الجهد والحب والفداء الذى تحلى به أبناء الأكاديمية ورجال الدفاع المدنى. قلت هل هناك جرحى أو ضحايا.. قالوا لا.. قلت الحمد لله.. إذن هو حريق وأطفأناه و قضى الأمر وعلينا تدبّر أمرين: الأول التحقيق في الأسباب والمحاسبة إذا لزم الأمر والثانى هو اتخاذ الاجراءات الواجبة لإعادة التأهيل وأيضاً للوقاية من التكرار.
أنا أعلم أن القدر كان رحيماً معنا، ولكن الحرص واجب بطبيعة الحال، وأنا على ثقة بأن الروح العالية لكل أسرة الأكاديمية ستنجح في انجاز الأمرين المطلوبين: المحاسبة عن التقصير و الوقاية من التكرار.
المفاجأة الأخرى في الأمر أن وجدت عرائض مقدمة من الأساتذة والعاملين والطلاب للمســـاعدة في تحمل الخسائر المالية.. وصار الحديث عن التبرع بنصف الراتب أو أكثر من الجميع وأيضاً دار الحديث عن التبرع بالمكتبات الشخصية للأساتذة لتحقيق السرعة في إقامة مكتبة الأكاديمية من جديد.
شىء حقيقى حرك بداخلى امتناناً شديداً و اعتزازاً أشد فهؤلاء الإخوة والأخوات تصرفوا من منطق أن المكان مكانهم وأنهم مسئولون عن تعويض أى خسائر ومساندة الادارة في خطتها لإزالة آثار الحادث.
قلت إن هذا الشعور منهم أغلى عندى من كنوز الدنيا فقد أحسست أن الحب الذى زرعناه عبر السنين في نفوس العاملين لم يضع هدراً، وأن السياسة الادارية العادلة أيضاً تجنى ثمارها ولو بعد حين. اعتذر مجلس

الادارة عن عدم قبول التبرعات المادية موجهاً الشكر والامتنان للجميع وقرر فقط قبول هدايا الكتب من الجميع أيضاً، فهذه المشاركة العلمية لنا مهمة جداً وذات دلالة لا تخفى على الجميع.
ذكرنى حريق الأكاديمية بحريق المجمع العلمى في أحداث شارع مجلس الوزراء قبل أسبوعين، والذى استشرى وأتى على المبنى بأكمله أمام أعين الجميع.. ثم حديث اللواء عمارة عن حريق غامض ينتظر مصر في عيد 25 يناير القادم.
هل تستحق مصر كل هذا؟؟ أرد ببساطة أن ما عانيناه بعد الثورة هو مجرد ازعاج محدود لا قيمة له مقابل النصر الهائل والمكاسب العظيمة التى حققناها يوم 25 يناير 2011. وإذا كانت هناك صراعات ومؤامرات وتصفية حسابات فكل ذلك يهون أمام الحقيقة الناصعة المضيئة.. ما هى؟ حقيقة أن مصر بلد يرعاها الله وشعبها شعب عظيم يفاجئ الدنيا دائماً بأحداث وأفعال تكاد تخرج عن حسابات العقل العادى وتتجاوز امكانيات كل المخططين والمتنبئين.
في 18 يوماً أسقطنا الطاغية الذى كان قد فسد وتجبّر، وأسقطنا كبار معاونيه وهم قيد المحاكمة التى ستكون عادلة بإذن الله، وألغينا البرلمان المزوّر، وبدأنا أولى خطوات العدالة بوضع حد أقصى للأجور، واستعدنا كرامتنا وحريتنا.. بل أكاد أقول استعدنا مصرنا التى كانت تتسرب من بين أصابعنا غنيمة للفاسدين، وانتخبنا البرلمان الجديد بدون تزوير.. وفتحنا أبواب الحرية أمام كل الفصائل ليكون الصندوق هو الفيصل، وتداول السلطة هو العقاب للحكومة الخائبة.. فلا أبدية في الحكم ولا توريث للمناصب.
هل كل ذلك قليل؟ ألا يدعونا كل ذلك إلى تحمل بعض العقبات وبعض المتاعب وحتى بعض القلق والغموض؟؟
أنا متفائل.. أنا متفائل.. وسيكون احتفالى مع أحبائى يوم 25 يناير احتفالاً عظيماً بقدر عظمة الثورة.. وإلى كل المصريين أقول:

آخر سطر
احتفلوا بثورتكم و لا تغتالوا فرحتكم

------

بقلم - د. صديق عفيفى

[email protected]