عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كشف حساب الثورة

ومر عام أو ما يقرب علي ثورة 25 يناير، تلك الثورة أو هذا الحدث الجلل الذي غير وجه مصر والعالم العربي أجمع ولكن علينا جميعا أن نقدم كشف حساب لتلك الثورة ما لها وما عليها وأيضا ما لنا وما علينا تجاه هذا الحدث وهذا الوطن ومستقبل الأجيال القادمة ليس فقط من الواجهة السياسية التنظيرية والشعارات الانتخابية البرلمانية الرئاسية

أو حتي الهتافات والمليونيات التحريرية أو العباسية لكن يجب دراسة وتحليل وكشف المستور من الزاوية الثقافية المجتمعية وتأثير الأحداث الجسام علي السلوك والشخصية المصرية باعتبارها محور الحدث وهدف الثورة ومراد الثوار لتحقيق الحرية للشعب والكرامة للمواطن والعدالة الاجتماعية للمصريين جميعا ومن هنا البداية وليس النهاية أو ربط الحزام وتحمل الأعباء والثأر المستمر لدم الشهداء والقصاص اليومي لأجل مصابي الإضرابات والاعتصامات والمناوشات والصدامات بين أبناء الوطن الواحد سواء من رجال الأمن أو جنود القوات المسلحة.
سياسيا: نجحت ثورة استمرت 18 يوميا في إسقاط نظام حكم ديكتاتوري فاسد اعتمد علي الإرهاب الأمني وتزاوج بين المال والسلطة في صفقات مشبوهة باعت الأرض والمصانع وأفسدت الكبار الذين نهبوا الأموال واحتكروا المشروعات وكونوا مافيا التجارة والأراضي والعقارات وتمكنوا من بسط النفوذ بقوة المال وسطوة الحكم الذي فصل القوانين وشرع الدساتير للتوريث ولاستمرار الحكم الفاسد تحت مرأي ونسمع المثقفين والسياسيين ورغم أنف البسطاء والمساكين وضد رغبة كل حر وطني يؤمن بالعدالة والمساواة والحرية الحقيقية، ولأن الثوار من الشباب فلقد أسقطوا النظام وحبسوا الرؤوس وتم حل مجلسي الشعب والشوري ومعهما حرق الحزب الوطني وتعطيل الدستور وفي الطريق تدمير جهاز أمن الدولة وحرق الأقسام ومهاجمة السجون وإطلاق سراح المجرمين وتهريب الجواسيس والأسلحة وكذلك استدراج الجيش الي الشارع ليقوم بدورالشرطي والحاكم والقاضي والتشريعي والتنفيذي، وأصبحت مصر العظيمة دولة بلا رئيس أو حكومة أو دستور أو مجالس نيابية أو أمن داخلي أو شرعية سلطوية، واختيرت حكومة لـ«شفيق» ثم عصام شرف ثم الجنزوري وتم استفتاء علي الإعلان الدستوري وتحديد موعد الانتخابات ولجان الوفاق والحوار الوطني ثم وثيقة السلمي ثم قوانين الانتخابات ثم خريطة طريق لتسليم السلطة في 30 يونيو 2012 وبداية الانتخابات البرلمانية والرئاسية وصعود التيارات الإسلامية وبداية الجماعات السلفية وفي وسط كل هذا اعتصامات يومية وقطع طرق ومليونيات أسبوعية وحرائق وقتلي ومصابون وأطراف ثالثة بداية من موقعة الجمل 2 فبراير 2011 الي أحداث البالون ثم ماسبيرو ثم العباسية ثم محمد محمود ثم شارع قصر العيني وحريق المجمع في 17 ديسمبر 2011.
اقتصاديا: أغلقت البورصة المصرية 55 يوما من بعد أحداث 28 يناير وخسرت في عام واحد أكثر من 18 مليار جنيه مصري بينما توقف النشاط السياحي ووصلت نسبة الاشغالات في بداية الثورة الي صفر ثم ارتفعت الي حوالي 10٪ ومن ثم أغلقت شركات وخدمات وطرد عمال وارتفعت نسبة البطالة في مجال واحد حتي وصلت الي أكثر من 80٪ وتضرر أكثر

من 2 مليون مواطن يعملون في هذا المجال.
أما النقد الأجنبي فإن الاحتياطي بالبنك المركزي ففقد أكثر من 14 مليار دولار علي مدار السنة الماضية وأغلقت العديد من المشروعات وأفلست بنوك وتعرضت أنابيب الغاز لعشرة تفجيرات واختفت اسطوانات البوتاجاز وارتفع معدل التضخم بنسبة 4.5٪ الي 6٪ مع الصعود الجنوني لأسعار السلع الرئيسية وعدم جود رقابة تموينية وانخفض الجنيه في مقابل الدولار لأول مرة منذ 6 سنوات، وأعلن وزير المالية في وزارة الجنزوري أن مصر علي وشك أزمة مالية في السيولة و النقد الأجنبي لاستيراد السلع وارتفع حجم الدين المحلي الداخلي الي ما يقرب من ألف مليار جنيه.
اجتماعيا: أفرزت الثورة جيلا من نتاج حكم فاسد مهين مسيطر يعلي من شأن المادة ويكفر ويلعن كل القيم والمبادئ ومن ثم خرج جيل جديد يحطم كل القيود ويكسر كل الأعراف لا يوقر الكبير ولا يحترم الخبرة ويؤمن باللحظة الآتية ويري الحياة مجرد ضغط علي أزرار ومفاتيح التكنولوجيا الحديثة التي تقرب المسافات وتمنحه العالم أجمع وتاريخ الأمم وحضارة الشعوب ونضال وخبرة السنين في صفحة علي أحد المواقع معلومة تصل اليه في ثوان ولكأن الكون كله ملك يمينه، هو القادر علي المعرفة والمتصل بالجديد والمستقبل فلماذا ذلك الماضي وهؤلاء العوائق من الكبار الذين أفسدوا الحياة ولم يلتفتوا الي بنيان الإنسان وبناء الأخلاق حتي التيارات الدينية منها من تحول الي البرجماتية السياسية والنفعية المادية للوصول الي الحكم ومنها من تمسح بمسوح الصحراء النفطية ليضمن أموالها وريالاتها فتحول الي عصور الجاهلية الأولي من تعصب وتطرف ورفض للتقدم والتطور والمدنية، أما الكبار فهم يقفون في خلفية المشهد يتحكمون ويفكرون بذات المنطق وذات الأسلوب ولكأن الأبواب الجديدة مازالت تفتح بالمفاتيح القديمة ومن ثم فالطريق مسدود والاقفال تزداد صلابة وتعصي علي الفتح والتغيير..
كشف حساب الثورة ثقيل ومليء وميزانه يميل والشعب هو من يدفع فاتورة الماضي والحاضر من مستقبله المجهول.