عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نجيب محفوظ.. ولعنة أولاد حارتنا

تمر هذه الأيام الذكرى المئوية علي ميلاد الأديب العالمي نجيب محفوظ، الذي ولد في ديسمبر عام 1911، حيث تحتفل به مصر بجميع مؤسساتها الرسمية والأهلية، كما أعلن العديد من الدول العربية والعالمية الاحتفال به أيضاً، ليس لأنه أول أديب عربي يفوز بجائزة نوبل في الآداب،

ولكن لأنه قامة سامقة في دنيا الإبداع، والكاتب العربي الأكثر قراءة وترجمة علي مستوي العالم، فقد ترجمت رواياته إلي العديد من اللغات الأجنبية إن لم تكن جميعها خاصة بعد حصوله علي نوبل، وأعاد للأدب العربي اعتباره ووضعه علي خريطة الأدب العالمية، فرواياته يقرؤها القارئ الأجنبي مثلما يقرأ ابسن، وتولستوي، وماركيز، وكازانتزاكس، وغيرهم من الأدباء العالميين.
فهل يعقل والعالم يحتفل بقيمة وقامة نجيب محفوظ أن يتعرض لتلك الهجمة الشرسة من المهندس عبدالمنعم الشحات، المتحدث الرسمي لحزب النور السلفي متهماً رواياته بالحض علي الرذيلة حيث تدور في بيوت الدعارة والمخدرات، هذا الكلام - من وجهة نظري - لا يستحق أن نقف أمامه إلا بمقدار صعود التيار السلفي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ليصبح في صدارة المشهد السياسي، رغم السقوط المدوي للشحات في انتخابات الإسكندرية الذي أعتبره أبلغ رد من الناس علي جرأته في سب محفوظ وأدبه وهو في ذمة الله.
وليست المرة الأولي التي تعرض فيها نجيب محفوظ للهجوم علي أدبه فقد تعرض قبل ذلك كثيراً واتهم بالكفر والذندقة والخروج عن الملة مثله في ذلك مثل الدكتور طه حسين حينما نشر كتابه الأدب الجاهلي، والشيخ علي عبدالرازق، ومحمد عبده، وغيرهم من مفكري الأمة المستنيرين.
فقد جلبت علي نجيب محفوظ روايته «أولاد حارتنا» العديد من المشاكل وترصده الظلاميون بسببها في كل مكان وزمان منذ أن نشرها مسلسلة علي صفحات جريدة الأهرام عام 1959،

حيث رفع ثلاثة من رجال الأزهر تقريراً عنها للرئيس جمال عبدالناصر، الذي منع - علي إثره - نشرها في مصر، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث إن الدكتور عمر عبدالرحمن اتهم محفوظ بالكفر وأنه «مرتد عن الإسلام» بسبب كتابته رواية أولاد حارتنا في حديث أدلي به لإحدي الصحف العبرية.
أعتقد الهجوم علي أدب نجيب محفوظ هو الذي لفت أنظار العالم إليه بشدة، لينال جائزة نوبل عام 1988، حيث جاء في حيثيات فوزه بالجائزة: «أن رواية أولاد حارتنا غير العادية تتناول بحث الإنسان الدءوب عن القيم الروحية.. وتتضمن أنماطاً مختلفة من الأنظمة تواجه توتراً في وصف الصراع بين الخير والشر» ولم يسلم محفوظ من يد الغدر التي طعنته في عنقه بسكين أثناء سيره في وسط القاهرة عام 1994، من يد مرتعشة لصبي لم يقرأ له حرفاً بل أقنعوه أنه كاتب رواية الكفر وبقتله سوف يدخل الجنة، وظل يعاني نجيب محفوظ سنوات من جراء هذه الطعنة الغادرة إلي أن رحل وترك لنا تراثاً إبداعياً نباهي به الأمم، فهل نرحم الرجل من التكفير بعد أن ترك لنا الدنيا بما فيها؟!