رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من فيض السينما الإيرانية المتمردة

فيلم «نادر وياسمين.. انفصال» من الدرر التي تفخر بها السينما الإيرانية.. خرج من مضمار المنافسة علي جوائز مهرجان برلين الأخير، متوجاً بالدب الذهبي، جائزته الكبري، فضلاً عن تتويجه بجائزتي أفضل أداء رجالي ونسائي، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ ذلك المهرجان.

وكالمعتاد قبل نهاية السنة أعلن نقاد الفيلم بنيويورك أسماء أفضل الأفلام التي جري عرضها، داخل الولايات المتحدة علي امتداد السنة التي علي وشك الرحيل، فكان من بينها فيلم «انفصال» بوصفه أفضل فيلم أجنبي.
وأرجح الظن أنه سيكون من بين الأفلام الخمسة الأجنبية، غير المتكلمة باللغة الإنجليزية، التي سيعلن عن ترشيحها لجائزة أوسكار ما أن تشرق شمس العام القادم.
ولقد كان من حسن حظي، أن أتيحت لي فرصة مشاهدته أثناء رحلتي الأخيرة إلي ألمانيا، مع فيلم بولندي «الطاحونة والصليب» وهو بدوره درة بين الأفلام.. وبداية فـ «انفصال» فيلم عن سيناريو كتبه وأخرجه «أشترفارهادي».. وقصته بسيطة كل البساطة، تعرض للحياة كما يعيشها الإيرانيون، تحت حكم الملالي، بصدق واقتراب من الواقع قدر الإمكان ودون الوقوع في شرك السينما السياسية المباشرة.
فالفيلم - والحق يقال - خال تماماً من أي زعيق عال، في حقيقة الأمر ونهايته لا يقول شيئاً.. تبدأ أحداثه بـ «نادر» و«ياسمين» أمام القاضي يطلبان الطلاق بعد زواج استمر أربعة عشر عاماً والقاضي الذي لا نراه في المشهد لا يستجيب لطلبهما، فيقرران الانفصال.. هي تذهب إلي شقة أمها، وهو يبقي في شقة الزوجية مع ابنتهما التي لها من العمر أحد عشر عاماً، وتتمتع بقسط وافر من الذكاء.
ومع والده الطاعن في السن، والمصاب بمرض فقدان الذاكرة «الزهايمر» وفي أشد الحاجة لعنايته ورعايته.. أما لماذا انفصلا فذلك لأن «ياسمين» تريد مغادرة إيران إلي بلد آخر، تتوفر فيه فرص أكثر للنساء، وتعليم أفضل لابنتهما «تيريميه».. في حين أن «نادر» يرغب في البقاء بإيران، حتي لا يترك أباه المريض وحيداً، عرضة للبهدلة وللمزيد من عاديات الزمان.
ولأنه - أي نادر - لا يعرف شيئاً في الشئون

المنزلية، وجد نفسه مضطراً إلي استئجار شغالة فقيرة للإشراف علي الشقة، وعلي أبيه، أثناء غيابه في العمل وغياب ابنته في المدرسة.
وحين استأجرها علي عجل لم يكن يعلم أنها حامل وأنها أخفت عن زوجها المتشدد في تدينه، والمرفوت من العمل، أنها شغالة في شقة رجل منفصل عن زوجته، أي شبه عازب.. ولم تمر سوي بضعة أيام إلا وكان قد دب الخلاف بينه وبين الشغالة، فأمرها بمغادرة الشقة، وبينما هي تقاوم الطرد، حدث أمر لم يكن في الحسبان، سقطت علي السلم «ربما» الأمر الذي أدي إلي إجهاضها، وفقدان الجنين الذي كان في أحشائها.
بعد ذلك تطورت الأمور علي نحو مفاجئ، فزوج الشغالة يلجأ إلي النيابة، متهماً «نادر» بقتل الجنين.. وباتهامه هذا يدخل الجميع في شبكة معقدة من الأخلاقيات، والقيم الدينية والجشع.
ومن خلال كل ذلك يكشف الفيلم النقاب عما في المجتمع الإيراني من تفرقة طبقية بين ناس يعيشون حياة رغد متوفرة لهم فيها الشقق والعربات والدراسة في الداخل والخارج، أي كل وسائل الحياة اللذيذة.. وناس من طينة أخري يعيشون حياة قذرة قاسية خارج المدينة، حياة تكاد تكون بلا مستقبل.. كما يكشف النقاب عما فيه من نفاق بغيض متستر بالكذب، فالكل في الفيلم، فيما عدا الصغار لا يقول في مجال الدفاع عن نفسه إلا كذباً!

مصطفي درويش