بقرة بني إسرائيل.. والميدان
أتعجب في حسرة واستنكار وقلبي يقطر دماً لتلك الأحداث المتلاحقة من أسوأ إلى أسوأ وقد باتت وثيقة السلمي ذريعة لا أكثر. لقد تمحورت مطالب الغاضبين بالميدان حول تسليم السلطة - ما ألعنها من شهوة - وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وقد بادر المجلس العسكري إلي الثانية،
أما تسليم السلطة إلي مدنيين لا أعرف كيف يتأتى ذلك إلا عبر القنوات الشرعية التي رسمها الدستور. اللهم إلا إذا كانت مصر كبريات الدول المحورية في الشرق الأوسط قد صارت بين عشية وضحاها متجراً صغيراً أو بالكاد شركة بين شريكين دب بينهما خلاف فقصد إلي تسويته وداً. لا ريب أن أولي أبجديات الشرعية هي انتخاب مجلس تشريعي، ضرب له المجلس ميعاداً موقوتاً فور توليه إدارة البلاد وتم تمديده نزولاً علي راغبة الأحزاب التي لم تستعد بناؤها بعد (فمن أين الإبطاء؟!) حتي ينهض بالعملية التشريعية لتفعيل التحول الديمقراطي أيقونة الشعوب النامية، بيد أن المطالبين هم المعاقون بالصلف والاستبداد بالرأى كأنهم هم الذين يملكون سلطة الأمر والنهي بحسبانهم الأوصياء ومن أوتوا الحكمة وما دونهم لا سمع لهم ولا طاعة وإن كانت الأغلبية الصامتة صمتاً مقيتاً رافضين تشكيل حكومة الجنزوري الذي أبكي هذه العيون وأدمي هذه القلوب وقتما كان في الظل، ولطالما تغنوا بإنجازاته والتندر بولايته وعجباً الآن؟! إننا اكتشفنا أن جنزوري اليوم صيني، أما جنزوري الأمس فكان يابانياً، واستدعيت عاطفة هذا الجيل بتداعيات ولاية شرف محمولاً علي الأعناق ونهايتها الدراماتيكية. يا أهل الميدان.. ها أنتم تطلبون إذن أنتم
(فقد روي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم صرف أبا ذر الغفاري عن توليه الإمارة حينما طلب ذلك وقال له: يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأعطي الذي عليها).. فتدبروا يا أولي الألباب لعلكم تعقلون.
---------
عاطف الجلالي
المحامي
[email protected]