عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الفضائيات وميدان التحرير.. وائتلاف حرق مصر

إن استبداد الميدان اليوم بنشطائه.. والقنوات الفضائية بمذيعيها وانتقاء ضيوفها.. هو أشد وطأة من استبداد حسني مبارك بالشعب المصري..

لم ألتق مصرياً في الأيام الأخيرة إلا وأجده قد ضاق ذرعاً بما يحدث في ميدان التحرير.. وأتحدي أن ترسل أي قناة فضائية كاميرا لتسجيل عينة عشوائية في عدة مناطق من مصر لتسجل آراء المصريين فيما يحدث في ميدان التحرير.
نفس تلك العينة العشوائية كانت تقف قلباً وقالباً مع ثوار ونشطاء ميدان التحرير في ثورة 25 يناير الأسطورية.. التي تحولها رعونة الميدان إلي كابوس.
إذا كان ثوار الميدان يشكلون رمانة الميزان بين الشعب من جهة وبين الميدان من جهة أخرى.. فإن الشعب مازال علي وفائه للثورة ولكنه يتسم بالتعقل وبتقديم المصلحة العامة علي الآراء الفردية.. والميدان أيضاً لم يتغير.. إذن فكفتا الميزان ثابتتان.. الشعب المصري ببراءته وصبره وتقبله للمرحلة الانتقالية بكل متاعبها وأعبائها وسلبياتها مع إيمانه الشديد بالثورة.. والميدان أيضاً الذي أصبح رمزاً للحرية والسلام والإلهام وبالتالي لنهضة مصر.
إذن المشكلة هي في رمانة الميزان وهم الثوار والنشطاء والمليونيات وأدوات التبليغ التي تقف وراءهم وهي القنوات الفضائية وبعض الأقلام الصحفية، الذين ينعمون بالجلوس علي أرائك من سندس أمام الكاميرات بين المكيفات وسط حياتهم المترفة بعيداً عن النبض الحقيقي للإنسان المصري الذي يجلس لمشاهدتهم للاستنارة ببرامجهم.. فإذا به يفاجأ بطعنة في مقتل.. عن طريق استهتارهم في التعاطي مع الأزمة التي تمر بها مصر وجنوحهم إلي الإثارة ومراهنتهم علي أن نجاح برامجهم مرتبط باستضافتهم لكل متشدد.. أو منذر أو مبالغ.. أو ساخر أو مبتسم.. في وقت لا يجد فيه أي مصري مهموم ببلده أي سبب للضحك أو السخرية. ويتصور بعض الإعلاميين أنهم بنفاقهم لبعض التيارات الموجودة علي الساحة الآن يتطهرون من نفاقهم للعهد البائد.. أين مصلحة مصر؟
كما أن شق المشكلة الآخر إلي جانب الفضائيات هم أولئك الثوار في ميدان التحرير والنشطاء الذين احتكروا لأنفسهم جميع الحقوق.. احتكروا حق الوصاية علي الشعب المصري علي الرغم من أن أول أهداف الثورة المصرية كان رفع تلك الوصاية عن المصريين والعمل سوياً وبسرعة علي بناء مصر الحديثة.. احتكروا حق الكلام.. وحقوق (الشخيط).. وحقوق الإنذار والوعيد.. ورفع إصبع الإشارة والتهديد.. وحقوق الطبع والنشر والتوزيع.. احتكروا حقوق الفهم والعلم والدراية ببواطن الأمور.. يوزعون الصكوك الوطنية ويحجبون صفات الانتماء.
الجميع يعلم أن عشرة أشهر لا تستطيع إصلاح تركة من الفساد والفقر والجهل والغوغائية تزيد علي أربعين عاماً والجميع يعلم أن دولاً أقوي من مصر كثيراً في بنيتها الاقتصادية والتحتية والعلمية مثل ألمانيا مثلاً لا تستطيع

تحمل أعباء تلك المليونيات كل أسبوع.
هل الشعب المصري منحوس إلي هذه الدرجة.. لا يكاد يخرج من وصاية الرئيس السابق بدولته المتحجرة.. حتي يدخل في وصاية الميدان بكل ما ينبثق عنه في معظم المرات من تدمير وهمجية وانفلات؟ فكل مليونية أو مظاهرة كانت هي البيئة المناسبة لأي ترتيب عدواني ضد الوطن.. تبدأ بالبراءة وتنتهي بالإساءة وتشويه وجه مصر.. تلك النتائج تعيدنا إلي نقطة الصفر من جديد.
فلماذا إذن الإصرار علي المليونيات؟! معظم أهداف المليونيات كان يمكن حلها بمقالة صحفية رصينة أو حوار تليفزيوني مخلص.
إن الخطر الحقيقي علي مصر الآن ليس المجلس العسكري (ببطئه) الذي انتقده بشدة ولا في كلمة المشير الأخيرة التي عبرت عن حقيقة الأوضاع بتعقل وأمانة.. إذ يكفي في كلمته جملة واحدة وهي: إننا لا نكاد ننطلق إلي الأمام حتي تأتي حادثة تعيدنا إلي الخلف من جديد، ولكن الخطر الحقيقي هو من استبداد الميدان واستهتار الفضائيات.
إن ظروف هذا الترهل الذي أصاب جميع مؤسسات الدولة وتفخيخ مفاصلها بالفساد عبر أكثر من خمسين عاماً يمثل مواجهة انتحارية لأي حكومة تقبل تحمل المسئولية وبالطبع للمجلس العسكري.
تصوروا معي.. لو كانت الفضائيات والنشطاء والثائرون في الميدان قد تبنوا حملة متوازية لنشاطاتهم السياسية.. حملة ميدانية حقيقية لتنظيف شوارع مصر وميادين مصر وقري مصر ومدن مصر وترع مصر ونيل مصر من القمامة وغسل وجه مصر من عار تراكم الزبالة في كل مكان.. لقد حولنا وطناً بحجم مصر إلي مقلب للقمامة.. أين دور كل هؤلاء من هذه المسألة؟ الفضائيات كان من الممكن أن تبتكر خطة تعد سبقاً إعلامياً نحو توعية وأفهام الإنسان المصري أن النظافة بمفردها كفيلة بأن تنال مصر احترام العالم.

---------

بقلم: هشام الشحات