رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الصنم الجديد

إننا أمة الحضارة وفجر الانسانية وعبادة الإله الواحد الأحد منذ أن أطلق اخناتون دعوته لعبادة التوحيد فكان أول الموحدين بالله وبقوة وعظمة الخالق عز وجل واليوم وبعد أن مرت على أرض مصر كنانة الله في ارضه اقدام الرسل

منذ ابراهيم عليه السلام إلى موسى كليم الله في أرض سيناء مروراً بالسيد المسيح وأمه السيدة مريم العذراء حتى أتم الله علينا بالاسلام وقدوم آل بيت الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام لأن، يلجأون أمنا وسلاماً الى مصر المحروسة فتقيم حفيدة الرسول السيدة زينب وأخوها علي زين العابدين بمصر هروباً من ظلم وفتك الأمويين قتلة أبيها سيد الشهداء الحسين رضي الله عنه، إذا بنا اليوم نعيد عبادة الأصنام من جديد ونكفر بالله وبالتوحيد وبمصر التي هي أرض الرسالات ومهد الحضارات وحامية الانسانية من ظلام الجهل والتعصب.
فمنذ أن قامت ثورة 25 يناير 2011 وهي الثورة التي طالما حلمنا بها وكتبنا وقاومنا وآملنا في أن تصبح واقعاً وحقيقة كل في مجاله وكل بطريقته وأسلوبه ونحن اليوم لا نفكر إلا في تلك الثورة ونقدسها ونعظمها ونصنع منها صنما من أفكار وكلمات واضرابات واعتصامات لنعبدها ونركع امامها خوفاً وطمعاً في الثورية والشرعية والحرية والعدالة والكرامة التي صارت بكل أسف مفقودة في وطن نأكل لحمه ونحتسي دماءه ونقطع أوصاله ليل نهار ونحن نسبح بحمد ذلك الإله الأصم الجديد إله الثورة وصنمها المعبود.
في كل يوم نسمع ونقرأ ونشاهد ونعيش حالة من الهياج والفوضى غير المبررة بداية من الاعتصامات وقطع الطرق والمدن والموانئ وسكك الحديد نهاية بالقتل والدماء وحرق العربات والاعتداء على منشآت الدولة وأملاكها وجنودها الذين هم أبناء هذا الوطن الجريح وأيضاً ترويع الآمنين والمواطنين و خلق ذلك المناخ المحموم من الصراع اليومي بين طوائف المجتمع مما أفرز جماعات سلفية واسلامية وعلمانية وليبرالية كلها تأكل من لحم الوطن الحي وفي المقابل بوقة اعلامية وكتيبة ثقافية سياسية مدربة على عبادة الصنم الجديد والذي يكثر اتباعه يوماً بعد يوم عبر شاشات الفضائيات والانترنت من فيس بوك الى تويتر وكلهم أتباع ومريدون لصنم أصم الأذن وحجب الرؤية والتنفس عن أمة بأكملها تريد الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية.
من يتطاول ويتجرأ ويعلق أي تعليق على ما يحدث في أي ميدان أو أي شارع أو أي حادث يتعلق بالثورة فانه يتهم بالخيانة وبالعمالة وبالفساد وبأنه كافر ملحد ينتمي الى الفلول وإلى النظام القديم، فالتيار المتعصب الاسلامي الجديد يتهم الليبراليين بالكفر والعلمانيون الثائرون المثقفين يتهمون الاسلاميين بالتعصب والرجعية وأي متعقل يخرج ليتحدث عن مصر وأوليات المرحلة المقبلة والتي تستدعي الاستقرار ودوران عجلة الانتاج فانه يتهم بالنفاق وموالاة المسئولين أو المجلس العسكري.
حالة من التخوين تسود المجتمع المصري وحالة من الفوضى وحالة من التوهان وحالة من الخوف والجزع والهلع على مستقبل الوطن.
التحرير: لم يعد ميداناً للحرية بعد أن احتله اصحاب التيارات المتعصبة والتي تدشن مولد الرجعية بتمويل خارجي وصل لإحدى الجمعيات الاسلامية لأكثر من 296 مليون دولار خلال الستة أشهر الماضية فلا عجب من الاتوبيسات التي تقل آلافاً من المحافظات والعشوائيات لحضور مليونية الغضب الثانية والمطلب الواحد بتسليم السلطة الى هؤلاء واستبعاد الفصائل الحرة الليبرالية والإصرار على الدولة الدينية في مقابل الدولة المدنية ولهذا فإن احداث 19-11-2011 السبت الماضي ما هي الا استكمال لسيناريو الفوضى وضرب هيبة الدولة في مقتل واستعداء الشعب مرة اخرى على الأمن والجيش ومحاولة اقتحام وزارة الداخلية

وحرق مديريات أمن الاسكندرية وحي الأربعين بالسويس واقتحام اقسام الشرطة من أجل المزيد من الفوضى والضياع والحرب الأهلية وسقوط الاقتصاد المصري وضياع السياحة للأبد.
ومع كل هذا يخرج الاعلام الرسمي قبل الفضائي لينفض عن نفسه غبار الانحياز الى السلطة فينجرف عن طريق المهنية والوطنية والتعليل والتعليق المتوازن ليغطي الأحداث بطريقة مضادة لأحداث ماسبيرو و25 و28 يناير فإذا بقناة النيل للأخبار تنفرد بنقل الأحداث منذ الظهيرة لكن ضيوفها جميعاً من شباب وكبار ينتمون لحركات وائتلافات ثورية كثيرة ومتعددة يصرون على أحقية الثوار في الاعتصام وفي تجاوزات الشرطة ومن ثم حق المتظاهرين في ضرب الجنود وحرق عربات الأمن المركزي واحتلال ميدان التحرير وغلقه أمام المارة والعربات وشل حركة الحياة بل ومن حقهم أيضاً الوصول الى مبنى الداخلية والاعتداء على الأقسام ومحاسبة المسئول الذي اخطأ من وجهة نظرهم وأصر على تطبيق قانون منع الاعتصام وفضه في ظروف عصيبة تمر بها البلاد خاصة وأن الاسلحة منتشرة بين الجميع والعصبية والتعصب والتهديد والوعيد هو سبيل التيارات الدينية والليبرالية وفلول الوطني وعصبيات الصعيد والريف، ومع هذا فإن الاعلام الرسمي تفوق على الفضائى في مدح الصنم الثوري وعبادة الثوار والركوع أمام رغباتها ومطالبهم غير المعروفة حتى أن «راديو مصر» ومذيعته «نيرمين» تصر على أنها قد صدمت في الشرطة وخدعت في قوتها حيث إن الشرطة الظالمة قد فضت الاعتصام بالقوة، ومن ثم فإنها قادرة على محاربة البلطجية وفرض الأمن في الشارع وإلا فإنه من حق الثوار التظاهر والاعتصام وغلق الميدان وحرق الداخلية بضباطها؟!
هذا هو الاعلام الرسمي الجديد يشارك بكل ثقة وكل عدم حرفية في الخلط بين الرأي الشخصي والتغطية الاعلامية المتوازنة وتعظيم مصلحة الوطن العليا على الآراء والمشاعر والأهواء وحتى على الحرفية والمهنية إلا إذا كنا جميعاً ضحايا ذلك الصنم الجديد ليتحكم فيها ويستعبدنا ويجعلنا ننسى الهدف والغاية ونسجن في الوسيلة فمصر هي المراد وهي الأبقى وهى البداية والمنتهى والثورة ما كانت إلا لأن نتخلص من فساد وظلم وقهر وعبودية وفقر وجهل ونبني معاً مصر الحديثة بالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة في دولة مدنية حديثة تحترم القانون وتطبقه على الجميع سواسية وليست دولة تخلق الأصنام لتعبدها وتستعبدها وتقهرها وتجعلها تشرك بالله وبالأرض وبالوطن وبالانسان.

------------

بقلم : د. عزة أحمد هيكل