رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عندما كانت الثقافة جماهيرية!!

لا يعلم الكثيرون أن عمر قصور الثقافة أكبر من وزارة الثقافة، ولكن أداءها أضعف بكثير بالمقارنة بما أنجزته الوزارة باعتراف المثقفين أنفسهم، والحقيقة أن قصور الثقافة تعد وزارة ثقافة الأقاليم خاصة في بداية نشأتها أيام المفكر الكبير أحمد أمين والثائر سعد كامل والدكتور عبد الحميد يونس وسعد الدين وهبة،

وهناك تجربة رائعة تستحق الدراسة يحكيها صاحبها الفنان التشكيلي عز الدين نجيب فيقول: أما عن تجربتي الشخصية فكانت صعبة للغاية حيث كان علىَّ أن أنشأ قصراً للثقافة في كفر الشيخ من نقطة الصفر بعكس قصور الثقافة الأخرى في المحافظات المختلفة التي كانت لها مبان فخمة تم انشاؤها اوائل الستينيات خلال المرحلة الأولى من عمل الثقافة الجماهيرية، كما لم استطع الحصول على أموال او موظفين أو حتى عمال للعمل بالقصر، ومن ثم كان التحدي الأول إقناع المحافظ (اللواء جمال حماد) بتوفير الامكانات المادية بدلاً من وزارة الثقافة، ونجحت في ذلك بالتعاون مع المحافظ وبدأت عملي من القاعدة الجماهيرية قبل القمة حيث سعيت الى الاعتماد على مجموعة من شباب المثقفين بالمحافظة وأسسنا فرقة مسرحية من بينهم، كما اتجهت الى جمع المهتمين بشتى انواع الفنون في جماعات صغيرة، كان من بينهم الشاعر الراحل محمد عفيفي مطر والفنان محمود بقشيش، وكانت أماكن تجمعنا والتحضير للنشاط في بيوتنا الى أن وفر لنا المحافظ مبنى كان مخصصاً للشباب المسلمين قبل انتقالهم الى موقع آخر، وبهذا الأسلوب بدأ جمهور المدينة يلتف حول التجربة الوليدة خاصة بعد دعوة عدد من الشخصيات الشهيرة في مجالات الأدب والفن والساسة من القاهرة الى كفر الشيخ للتحاور مع جمهور القصر مما جعل منه ساحة حرة لتفاعل الأفكار والفنون والآداب، وفجأة حدث زلزال نكسة 1967 وكانت نقطة تحول فاصلة في عمل القصر خاصة بعد تنحي جمال عبد الناصر، لقد فوجئنا بآلاف المواطنين يحتلون القصر ويطالبونه بالتحرك بهم الى القاهرة لرفض تنحي الرئيس قناعة منهم بأن القصر هو

ممثلهم الوحيد وليس الاتحاد الاشتراكي او المحافظ، وبالفعل انطلقت من أمام مبنى القصر عشرات السيارات بأنواع مختلفة حاملة الجماهير الى القاهرة، ومنذ ذلك اليوم أصبح القصر الممثل الحقيقي لمطالب الجماهير ورغبتها في التعبير من خلال الندوات والأعمال الفنية المختلفة، والأهم من ذلك هو انطلاق قافلة الثقافة الى عشرات القرى وتحولها الى منصة حرة للفلاحين ليعبروا عن حقوقهم ورغبتهم في العدل والتغيير مما آثار حفيظة الأجهزة الأمنية والسياسية، ومحافظ كفر الشيخ «آنذاك» ابراهيم بغدادي وعملوا بكل الوسائل على إغلاقه رغم مساندة الوزير ثروت عكاشة لي ودفاعه المستمر عن القصر حتى آخر لحظة بل أن عبد الناصر رفض اجتماعاً لمجلس الوزراء لمطالبة محافظ كفر الشيخ بإغلاق القصر الى أن انتهى الاستفتاء حول بيان 30 مارس 1968 وضمن عبد الناصر مساندة الجماهير له ضد مراكز القوى التي كانت سبباً في النكسة، عندئذ أخذ وزير الداخلية شعراوي جمعة الضوء الأخضر لإغلاق القصر بصفة مؤقتة فقدمت استقالتي فوراً في يوليو 1968.
والخلاصة كما يرى «نجيب» أن تجربته قامت منذ بدايتها وحتى نهايتها على أساس المشاركة الشعبية، واطلاق طاقات الحريات والديمقراطية واكتشاف المواهب الخلاقة في كافة مجالات الابداع بعيداً عن المركزية والبيروقراطية بالقاهرة وانتظار الدعم والتمويل من الدولة.
هذا نموذج مصغر لمن يريد أن يعمل فهل نفعل؟
[email protected]