المجد لعلاء عبدالفتاح
فى تلك الأيام التى كنا نعيش فيها حلم «الشعب والجيش إيد وحدة» كنت فى زيارة «طبية» لقديس الطب الدكتور «محمد غنيم»، مؤسس مركز الكلى بمدينة المنصورة، يومها رأيت مشهدين شاركت فى ثانيهما، بطلة المشهد الأول سيدة توجها الله بتاج الوقار وكساها رداء الحشمة،
تقدمت السيدة من ضابط جيش كان ينظم المرور أمام مركز الكلى وأمطرته بسيل من قبلات الاعتذار قائلة: «على عينى يا ابنى بهدلتكم فى الشوارع، لكن إحنا برضه أهلكم، شوية كدا يا نضرى والدنيا تروق وترجعوا يا حبيبى لمكانكم بألف ألف سلامة، روح يا حبيبى يجعلكم فى كل خطوة سلامة». كادت الدموع الشاكرة تتساقط من عينىّ الضابط الذى رد على كلام السيدة بأحسن منه.
بعد قليل توغلت فى شارع يتقاطع مع مركز الكلى بحثاً عن بائع جرائد، كان الشارع مزدحماً كأنه شارع قاهرى، فجأة رأيت مجندين يرفعان سلاحهما ويجريان بخطوات منتظمة نحو هدف ما، كانا حريصين الحرص كله على عدم الاصطدام بأحد وخصوصاً بالسيدات العجائز، وقد سمعت أحدهما وهو يقول برقة لعجوز «لو سمحتى يا ماما عدينى». المصريون الطيبون أفسحوا الطريق أمام المجندين، ولكن هذا التصرف لم يعجب «بائع ترمس» كل رأس ماله لا يزيد على حبات الترمس وبعض قلل الماء، صرخ البائع فى المصريين: «طالما الجيش بيجرى يبقى فيه مصيبة سودا.. أنتم ناويين تسيبوا الجيش لوحده.. يااللا يا جدع منك له نروح ورا الجيش» قادنا بائع الترمس فى مظاهرة ضخمة لمساندة الجيش (الذى هو مجندين لا أكثر) فى مهمته الوطنية التى لا نعرف شيئاً
عاد كل منا إلى ما يشغله وبداخله شعور بالفخر لأنه ساند الجيش وبقلبه مشاعر حب للمجندين المهذبين وللضابط المبتسم الشاكر.
منذ ذلك الحين وأنا أبحث عن « جيش المنصورة « المبتسم المهذب الشاكر ولكن للأسف لا أجد إلا الجيش الذى يحاكم علاء أحمد سيف الإسلام عبدالفتاح.